أبوظبي – الوحدة:
يُبدي المتطرفون، على اختلاف مشاربهم الفكرية، عداءً صارخًا تجاه التنوع والتعدّدية والتسامح، متخذين من العنف (بصوره المتعددة) أسلوبًا رئيسًا لبثّ الرعب في النفوس. وفي هذا السياق، أجرى مركز صواب دراسة بعنوان “نحو مستقبل مزدهر بالسلام: قوة التسامح في كبح التطرُّف”، تتناول بالتحليل الترابط الوثيق بين التسامح والتنوع والعنف المتطرّف من منظوراته الأخلاقية والسياسية والمعرفية، مستكشفةً آليات توظيف التسامح في التصدي للأجندات المتطرّفة.
وتوصلت الدراسة إلى أن المتطرفين يعمدون إلى تحريف مفهوم العدالة وصياغته بأسلوب تحريضي لحشد أتباعهم ضد من يصنفونهم في خانة “الآخر”، مستغلين النصوص الدينية لإضفاء شرعية مزعومة على العنف من خلال تفسيرات وتأويلات انتقائية تجافي جوهر العقيدة السمحة. ويُوظف هؤلاء الصور النمطية والأحكام المُسبقة لتصوير جماعات وأفرادًا بأكملهم في صورة الأعداء، مما يفضي إلى تعميق الانقسامات المجتمعية وتأجيج نيران العداء. وأكّدت الدراسة أن التطرّف الإسلاموي، شأنه شأن سائر أشكال التطرّف، يتسم بنزعة عدائية تجاه التعدّدية والتنوع.
وشددت الدراسة على الدور المحوري للتعليم في مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة، داعيةً إلى تعزيز دور العلوم الاجتماعية والإنسانية وتبني استراتيجيات فعّالة لدحض الروايات المتطرفة وتقويض دعايتها المضللة. كما سلّطت الضوء على مواطن الخلل الأخلاقية والفكرية في المنظومة الأيديولوجية المتطرّفة، موضحةً الآليات التي يتم من خلالها إضفاء صبغة شرعية مزعومة على العنف الموجه ضد الجماعات على أسس عرقية أو دينية أو عنصرية.
وتناولت الدراسة بالتحليل المُعمّق الأساليب التي يتم من خلالها شرعنة العنف المتطرّف، الذي يستهدف في الغالب الأفراد والأقليات على أساس هوياتهم العرقية أو الدينية أو العنصرية. وأكّدت الدراسة أن مواجهة هذه السرديات الهدّامة تستلزم تهيئة الظروف لخلق بيئات حاضنة للتنوع وقائمة على الاحترام المتبادل تجمع بين مختلف شرائح المجتمع. وشدّدت على ضرورة إدراج البرامج التدريبية والأنشطة الهادفة إلى نزع الشرعية عن العنف المدفوع بالمعتقدات المتطرّفة ضمن هذه الجهود.
ودعا البحث التربويين وقادة المجتمع والجهات الفاعلة الرئيسية إلى تبني استراتيجيات تستهدف دمج مختلف الفئات الاجتماعية، مع إيلاء الأولوية للمبادرات التعليمية الهادفة إلى تفكيك الأيديولوجيات المتطرفة.