جلسات حوارية تركز على مستقبل التحولات المجتمعية وفرص أجيال المستقبل

حوارات عالمية حول الطاقات الشابة وتغيرات الحاضر وفرص المستقبل خلال جلسات منتدى دبي للمستقبل 2024

أهم نقاشات الخبراء المشاركين في اليوم الأول:
استشراف وتخيل وتصميم المستقبل يجب أن يكون منظومة متكاملة تشترك فيها كل القطاعات والتخصصات
يجب بناء جسور بين الحضارات والثقافات والعقول والأفكار والمنظومات المعرفية لبناء مستقبل أكثر أمناً وازدهاراً للجميع
معظم الموضوعات التي كانت تعتبر في الماضي من الخيال العلمي باتت واقعية هذه الأيام كالآلات الذكية والتقدم في الطب والإنترنت والسفر إلى الفضاء

 

دبي – الوحدة:
أجمع الخبراء الذين يلتقون في “منتدى دبي للمستقبل 2024″؛ أكبر تجمع لخبراء ومصممي المستقبل ومؤسساته الدولية من حوالي 100 دولة، في “متحف المستقبل”، على أهمية تعميق وترسيخ مفاهيم استشراف وتخيل وتصميم المستقبل كمنظومة متكاملة تشترك فيها كل القطاعات والتخصصات لرسم تصورات شاملة واستباقية تنعكس إيجاباً على المجتمعات البشرية وتمكّن الأجيال القادمة.
وشهدت فعاليات المنتدى سلسلة جلسات حوارية تخصصية تركز على المحاور الرئيسية لنسخة هذا العام من “منتدى دبي للمستقبل”، ومن ضمنها محاور استشراف المستقبل، ومستقبل التحولات المجتمعية، وفرص أجيال المستقبل.
استشراف المستقبل
وناقش محور “استشراف المستقبل” “تصميم المستقبل على المستويات المحلية والعالمية”، و”تجارب عملية لاستشراف المستقبل حول العالم”، و”تغييرات منهجية مبنية على تجارب الماضي والحاضر والمستقبل”.
وأجمع الخبراء والمشاركون على أهمية تكوين نظرة شاملة وواسعة حول مفهوم استشراف المستقبل وأهميته في صناعة المستقبل في ظل ما يشهده العالم من تغيرات متسارعة ومفاجئة.
واعتبر المتحدّثون في جلسة “تصميم المستقبل على المستويات المحلية والعالمية” التي ضمت كلاً من أنطونيو ماتزيو رئيس المجلس الإقليمي لتوسكانا، وزينب كاكال، الأخصائية الإقليمية للابتكار في صندوق الأمم المتحدة الإنمائي لمنطقة المحيط الهادي، والدكتور كينيث نساه منسّق تحالف جسور اليونسكو العالمي، والذين حاورهم الدكتور آرون مانيام من “جامعة آكسفورد”، أن التحدي الأبرز اليوم يتمثل في استشراف وتصور المستقبل مع مواصلة الحفاظ على الهوية التاريخية والإرث الحضاري للمجتمعات،
وأكد الخبراء على أهمية الاعتماد على الطاقات الشابة وتبني منهجيات مرنة تأخذ بالاعتبار السياق التاريخي والثقافي للأمم، وبالأخص في المجتمعات الأصلية، لبناء مستقبل يحقق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي والبيئي للجميع.
وفي جلسة “تجارب عملية لاستشراف المستقبل حول العالم” أجمع كلٌ من الدكتورة ماريسا آسن رئيسة الاستشكاف بمختبر مسرعات صندوق الأمم المتحدة الإنمائي لمنطقة المحيط الهادي، والدكتور سونجون بارك، الباحث المشارك في معهد “أسيمبلي فيوتشرز” الوطني بكوريا، والدكتورة ماي ماي سونج، المحاضِرة في التصميم المستقبلي بجامعة تايوان الوطنية، والذين حاورهم البروفيسور سهيل عناية الله، أستاذ كرسي “اليونسكو” للدراسات المستقبلية، على أن الثروة المعرفية المتوارثة عن الأجيال الماضية تمثل مصدراً هاماً وركيزة أساسية لتصور المستقبل،.
ولفت المتحدثون إلى أهمية العودة إلى الجذور والتعلم من الماضي مع إشراك كافة الفئات الاجتماعية والعمرية في عملية استشرافه وصنعه، مع التركيز على بناء “مجتمعات تجديدية” تضع تعزيز النمو الفردي وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في مقدمة الأولويات.”
وضمت جلسة “تغييرات منهجية مبنية على تجارب الماضي والحاضر والمستقبل” كلاً من آبي نوكس، مديرة الشبكات بمدرسة “إنترناشونال فيوتشرز”، وأليس دايموند، مديرة مشاريع بمركز “صنّاع مستقبل الماوري” في نيوزيلندا، والدكتورة برندا أوجيمبو، نائب رئيس مكتب الاتصال بمجلس الشيوخ في برلمان كينيا، وحاورتهم الدكتورة فكتوريا موليجان، الشريكة المؤسسة لمبادرة “سبكيولايتف فيوتشرز” في أوكلاند.
وأكّد المتحاورون قوة العنصر البشري، مشدّدين على أهمية التواصل والتعاون الفعال لإحداث تغييرات إيجابية وحقيقية ضمن المجتمعات. وأجمع الحضور على ضرورة بناء جسور بين الحضارات والثقافات والعقول والأفكار والمنظومات المعرفية محلياً وعالمياً، وتبني منهجيات تعاونية مرنة وشمولية لبناء مستقبل أكثر أمناً وازدهاراً للجميع.
مجتمعات الغد
أما محور “مستقبل التحولات المجتمعية” فبحثت جلساته “الاستثمار في غد أفضل” بالإضافة إلى “كيف تساهم المواد الجديدة في تحوّل قطاعات الرعاية الصحية والبيئة؟” و”أصداء المستقبل: دور الخيال العلمي في تصوّر المستقبل؟”
واتفق المتحدثون في الجلسات على أن تشكيل واقع جديد للإنسانية يتطلب إجراء تحولات جذرية في النظم الحالية التي تعتمدها الدول والمجتمعات والأفراد إذا كانت تلك النظم غير قادرة على مواكبة التطور المتسارع الذي يشهده العالم، وتبني أنظمة مبتكرة ومرنة تدعم الابتكار وتساعد في انتقال البشرية إلى الواقع الرقمي وغير الرقمي الجديدين.
وأشار الخبراء في جلسة “ما الدور المستقبلي للعمل الإنساني؟” إلى تصوراتهم لمستقبل العمل الخيري والاجتماعي. وبحثت كلٌ من الدكتورة سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبدالله الغرير، ونغمة ملا، الرئيسية التنفيذية لمؤسسة إديلجيف الخيرية، وهنري كيلونزو، مدير البرامج الأول لدى مؤسسة سفاريكوم، الاستثمار من أجل عالم أفضل.
واتفق المتحدثون على ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا والترابط الدولي وتسارع وتيرة الاتصال عالمياً في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية مستقبلاً، إلى جانب استخدام أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في تسريع الاستجابة الإغاثية الدولية للأزمات الطارئة، وتوظيف الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في الارتقاء بالعمل الإنساني وتوسيع أثره واستدامته.
فيما بحثت البروفيسورة دايم مولي ستيفنز، أستاذة العلوم الحيوية النانوية في جامعة أكسفورد، والدكتور مهدي غميم أستاذ الهندسة الميكانيكية وكرسي أستاذية “دانة غاز” في الهندسة الكيميائية بالجامعة الأمريكية في الشارقة في جلسة “كيف تساهم المواد الجديدة في تحوّل قطاعات الرعاية الصحية والبيئة؟” التي أدارتها الدكتورة هبة شحادة من مؤسسة دبي للمستقبل، أهمية الابتكار في مواد مستقبلية تحدث نقلات نوعية في مختلف القطاعات، كما حدث مع مواد ابتكرها البشر كالفولاذ والمشتقات النفطية والبتروكيماوية وألياف الكربون وغيرها.
وخلال الجلسة أكدت الدكتورة ستيفنز، أن مواد المستقبل بالغة الأهمية في مسار تطوير النمو المستدام، قائلةً إننا بحاجة إلى التوصل إلى أفكار جديدة لتقييم جاهزيتها الفنية وجدوى تسويقها، ضاربة مثالاً بأهمية المواد التي تستخدم بالكشف عن الأمراض، والتطوير اللاحق للعلاجات الشخصية.
من جانبه أكد الدكتور غميم على الحاجة إلى العمل على غرس ثقافة ريادة الأعمال في ابتكار مواد المستقبل وبناء تأثير إيجابي في مجتمعات المستقبل الذكية والمستدامة، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك قابلية أكبر لدى مختلف الأطراف للتعاون فيما بينها وتفعيل مختلف الموارد بما يخدم الصالح العام ويعزز آفاق مستقبل مزدهر.
وفي الجلسة حول دور أدب الخيال العلمي في رسم ملامح المستقبل، ناقش كلٌ من البروفيسور أشرف فقيه، الأكاديمي والروائي والكاتب والمحاضر من المملكة العربية السعودية، والبروفيسور سوي ديفيس أوكنجبوا، الكاتب والمؤلف في مجال الخيال العلمي، دور هذا النوع الأدبي في تصور مستقبل المجتمعات وتحولاتها، وذلك بمشاركة الفائزين في مسابقة “أصداء المستقبل” للمواهب الشابة والناشئة في مجال آداب الخيال العلمي والمستقبلي، وهم زينب أحمد من دولة الإمارات العربية المتحدة، ومحمد أبو هواش من دولة قطر، وكيليان ماكدونالد من المملكة المتحدة.
وأكد المتحدثون في الجلسة على أن تدريس مفهوم الخيال العلمي للطلبة مهم لأن معظم الموضوعات التي كانت تعتبر في الماضي من الخيال العلمي باتت واقعية هذه الأيام كالآلات الذكية والتقدم في الطب والإنترنت والسفر إلى الفضاء، وجميعها تتصدر الأخبار في وقتنا الحاضر.
تمكين الأجيال
وطرحت جلسات محور “فرص أجيال المستقبل” أسئلة مهمة من مستوى “كيف يمكن لعادات الماضي أن تغيّر مفاهيم المستقبل؟” و”وهم السيطرة: هل البشر فعلاً يصممون مستقبلهم؟” و”كيف نساعد المجتمعات في التكيّف مع التحولات الجذرية؟”
وأكد الخبراء المشاركون ضرورة الارتقاء باستراتيجيات تمكين البشرية من خلال توفير حلول مناسبة لاحتياجاتها، وتحسين الأنظمة التي تعتمد عليها، وحمايتها من المخاطر، وتعزيز قدرتها على مواجهة الأزمات، وتحسين الإمكانات الفردية والجماعية لتحقيق النمو والازدهار وتعزيز جودة الحياة.
وضمت جلسة “كيف يمكن لعادات الماضي أن تغير مفاهيم المستقبل؟” الفنانين منير عياشي وساكس أفريدي، وبيار كريستوف جام، مؤسس مختبر “تونغوا ورلد”. وأجمع المتحدثون على الدور الرائد الذي يؤديه الفن والخيال الجماعي في تشكيل قصص وإمكانيات جديدة لمستقبل أكثر انسجاما وعدلاً، مشيرين إلى قوة الفنون في فتح آفاق جديدة للتحول الاجتماعي والثقافي الإيجابي.
فيما تحدث في جلسة “وهم السيطرة: هل البشر فعلاً يصممون مستقبلهم؟” كلٌ من البروفيسور كيوالاي كامارا من جامعة ماكيني، وراميلا خفاجي زاده من جامعة هانزي، عن أهمية وأكدوا أهمية احتضان وجهات النظر المتنوعة وأنماط المعرفة والآليات المختلفة لإدراك وفهم للعالم، بحيث لا يكون السرد الواحد هو السائد أو طريقة التفكير الأحادية هي المسيطرة، مشددين على أهمية احتضان قدرتنا وإبداعنا في الوقت الحاضر بينما نقوم بتشكيل مساراتنا المستقبلية.
وأجمع المتحدثون على أنه بدلاً من الشعور بالضغط من أجل صناعة المستقبل أو تحديده، يجب علينا استخدام خيالنا وتحرير أنفسنا من عبء تضييق منظور المستقبل، لأن المكافأة تتمثل في أن ندع المستقبل يتطور بشكل طبيعي بدل محاولة السيطرة عليه. علينا التركيز على الحاضر وليس فقط التركيز على خلق المستقبل أو تحديده والسيطرة عليه”.
وناقشت جلسة “كيف نساعد المجتمعات في التكيّف مع التحولات الجذرية؟” التي شارك فيها كلٌ من الدكتور ستيفن ليتشي، من فرونتلاين فيوتشرز، وآرثر موليرو واباكالا، من منظمة “سوسايتي فور إنترناشيونال ديفلوبمنت”، وزيان حسين، خبير الاستشراف الاستراتيجي لدى مؤسسة “ماثود كولكتيف”، سبل مساعدة الأفراد والمجتمعات على التكيف مع التحولات والمضي قدماً نحو المستقبل.
وأشار الخبراء إلى أن المفتاح الرئيسي للتكيف مع التحولات الجذرية يكمن في إعادة صياغة منظورنا لها، فبدلاً من الخوض في ما خسرناه يمكننا اكتشاف طرق جديدة للعيش والتأقلم.
وأوصى الخبراء بآليات التكيف مع التحولات الجذرية مثل الاستعداد للتكيف مع التحديات الجديدة التي لا مفر منها، والعمل على تمكين الأفراد لإيجاد حلول مبتكرة، إلى جانب التركيز على المجتمع المحلي وإشراكه في تصميم المستقبل.
ودعا الخبراء إلى تمكين الشباب من تحقيق التوافق بين الماضي وإعادة تصور مستقبلهم، واعتماد عقلية أكثر شمولية تضع الأفراد في مقدمة العمل المستقبلي وجهود التنمية، بالإضافة إلى تعزيز الحوار لبناء الثقة وتقبل وجهات النظر وتنمية الخبرات المتنوعة.