مستقبل الصحة والبيئة على طاولة النقاش في “منتدى دبي للمستقبل”

2500 خبير يناقشون تنسيق الجهود وتبادل المعارف والخبرات

 الابتكارات الحديثة (مثل الأجهزة القابلة للارتداء) تسهم بتحسين الرعاية الصحية
تقنيات تحليل البيانات الضخمة تسهم بدور كبير في تطور قطاع استكشاف الأدوية
ماذا لو ارتبطت صحة المجتمعات بصحة الأرض التي يعيشون عليها؟
العالم فقد أكثر من نصف الشعاب المرجانية في السنوات الخمسين الماضية بسبب تغير المناخ والصيد الجائر والتلوث
 سن التشريعات والقوانين لحماية الموارد الطبيعية للكوكب يسهم بصونها للأجيال القادمة

 

دبي – الوحدة:
أكد المتحدثون في “منتدى دبي للمستقبل 2024” أكبر تجمع عالمي لخبراء ومصممي المستقبل ومؤسساته الدولية، على أهمية تعزيز تضافر الجهود وتنسيق البرامج والسياسات وتبادل المعارف والخبرات على المستوى العالمي لما فيه تصميم مستقبل أفضل للأنظمة الصحية والبيئية بما ينعكس إيجاباً على صحة الأفراد والمجتمعات واستدامة الموارد الطبيعية للكوكب.
وتطرقت الجلسات الحوارية التخصصية ضمن فعاليات المنتدى في “متحف المستقبل” بدبي إلى محاور رئيسية في مقدمتها مستقبل الأنظمة الصحية، ومستقبل الأنظمة البيئية.
وبحثت جلسات محور “مستقبل الأنظمة الصحية” في اليوم الأول آفاق “عالم استكشاف الأدوية في عصر الابتكار” و”كيف ستؤثر مدن المستقبل على صحتنا وأعمارنا؟” و”ماذا لو ارتبطت صحة المجتمعات بصحة الأرض التي يعيشون عليها؟”
وأكد المتحدثون في حواراتهم على أهمية الابتكارات الحديثة (مثل الأجهزة القابلة للارتداء) في تحسين الرعاية الصحية من حيث السهولة والفعالية، وعلى الصلة بين صحة الفرد والعوامل المجتمعية المؤثرة فيه وصحة البيئة التي يعيش فيها، معتبرين أن جهود الصحة العامة حالياً تركز على الأمراض المزمنة والصحة النفسية وحالات عدم تكافؤ الفرص في الوصول إلى الرعاية الصحية.
وفي نقاش “عالم استكشاف الأدوية في عصر الابتكار”، بحثت سارة شريف من “إكسباريمنتال سيفيكس”، وسعيد النوفلي، مدير العمليات في حاضنة الأعمال in5 ضمن مجموعة “تيكوم”، الفرص المستقبلية الواعدة في قطاع استكشاف الأدوية بالاستفادة من التقنيات المتقدمة لا سيما تحليل البيانات الضخمة والاستفادة من تعلّم الألة في البحوث العلمية والطبية والصناعات الدوائية القائمة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وأجمع الخبراء على أن التكنولوجيا اليوم تسمح باستخدام نماذج متعددة لاختبار أدوية مختلفة، حيث يمكننا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وميكانيكا الكم لتحليل مليارات من المكونات مما يجعل اكتشاف الدواء أسرع، كما يتم الاستعانة بعلم الأوبئة الحسابي لتحديد الأدوية المرشحة في المرحلة السريرية.
وقال المتحدثون إن تسريع وتيرة اكتشاف الأدوية بسبب جودة البيانات والنماذج المستخدمة، يمكننا من تصميم حالات مرضى افتراضيين لضمان وصول الأدوية إلى المرضى بشكل أكثر فعالية.
وأشار سعيد النوفلي إلى أن دولة الإمارات تحرص على احتضان الشركات الناشئة في قطاع الرعاية الصحية وتقديم كافة أشكال الدعم لهم لمواءمة أنشطتها مع متطلبات القطاع الحكومي، مما شجع العديد من الشركات الناشئة في الولايات المتحدة وأوروبا لتأسيس مقرات لها في دولة الإمارات.
واستضافت جلسة “كيف ستؤثر مدن المستقبل على صحتنا وطول أعمارنا؟” الدكتور ماكوتو سوزوكي وكريستال بيرنيت من مركز أوكيناوا للأبحاث، وعلياء الملا، مؤسِسة مركز “لونجيفيتي ثينك تانك”، والدكتور راجيف أهوجا، من الجمعية الأمريكية للشيخوخة.
وقالت علياء الملا إن العمر الصحي المديد قضية ذات أولوية على أجندة الرعاية الصحية في دولة الإمارات، مشيرةً إلى أن دولة الإمارات من الدول القليلة في العالم التي لديها استراتيجية خاصة بالذكاء الاصطناعي، وتمتلك دبي خاصة ودولة الإمارات عامة الرؤية والإرادة السياسية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان
من جهته اعتبر راجيف أهوجا أن العمر الصحي المديد من أحد أهم الإنجازات الرئيسية لنظام الرعاية الصحية الحديث، لافتاً إلى أنه وفي الوقت الذي يتم فيه تخصيص الكثير من الموارد لرعاية فئتي الصغار وكبار السن، يعاني الأشخاص في منتصف العمر من عدم وجود دعم كاف لهم.
وبدوره، قال ماكوتو سوزوكي: يعد اتباع نمط حياة صحياً والتعاطف مع الآخرين من العوامل المهمة التي تؤثر على طول العمر وتعزيز المرونة الصحية للمجتمعات، حيث يعنى طول العمر بالنسبة لثقافة أوكيناوا الشهيرة في اليابان الحياة المترابطة والالتزام بأسلوب حياة صحي.
وضمت جلسة “ماذا لو ارتبطت صحة المجتمعات بصحة الأرض التي يعيشون عليها؟” كلاً من الشيخ الدكتور ماجد القاسمي، الشريك المؤسس لمؤسسة “سوما ماتر”، والدكتورة جميلة محمود، المديرة التنفيذية لمركز صحة الكوكب في جامعة سنواي في ماليزيا، وأندرو زولي، الرئيس التنفيذي للأثر في مؤسسة “بلانيت لابز”، حيث ناقشوا ضرورة وجود كوكب سليم معافي لنكون قادرين على عيش حياة صحية.
وأشار الشيخ الدكتور ماجد القاسمي إلى أن قيادة دولة الإمارات رسخت ركائز مستقبل صحي لأجيال المستقبل من خلال إطلاق المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
فيما ناقشت جلسات محور “مستقبل الأنظمة البيئية” عناوين وأسئلة محورية من مستوى “ماذا لو تمكّنّا من تعزيز قدرة البيئة على إنقاذ نفسها؟” و”حقوق الطبيعة وموقف المجتمعات والجهات التشريعية منها” و”دور الفطريات في تعزيز التوازن البيئي والصحة العامة”.
وأجمع المشاركون في الجلسات على ارتباطنا العميق بالطبيعة، واعتماد مستقبلنا على صحة الأنظمة البيئية، وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادة الموائل الطبيعية، والحد من تداعيات تغير المناخ، والاستفادة من قدرة الطبيعة على تجديد نفسها بما يعزز استقرار كوكب الأرض وصحة سكانه.
وتحدث في جلسة “ماذا لو تمكّنّا من تعزيز قدرة البيئة على إنقاذ نفسها؟” الدكتورة ليف وليامسون من “ريفايف آند ريستور” التي قالت إن العالم فقد أكثر من نصف الشعاب المرجانية في السنوات الخمسين الماضية، بسبب تغير المناخ، والصيد الجائر والتلوث.
وأشارت وليامسون إلى تكييف الأدوات المتقدمة مثل التسلسل الجيني، والحفظ بالتبريد، والتحرير الجيني، والخلايا الجذعية، والتي تم تطويرها في الأصل للطب البشري والزراعة، للحفاظ على البيئة، مشيرة إلى أن تخزين البيانات الجينية في البنوك الحيوية سوف يشكل حجر الزاوية في الحفاظ على التنوع الجيني من أجل استعادته في المستقبل.
وشارك في جلسة “حقوق الطبيعة وموقف المجتمعات والجهات التشريعية منها” كلٌ من ليلى مصطفى عبد اللطيف، المدير العام لجمعية الإمارات للطبيعة، رئيس مجموعة آسيا والمحيط الهادي الـ 25، والقاضي أشرف الكمال من المحكمة العليا في بنجلاديش، حيث شددا على ضرورة سن التشريعات والقوانين لحماية الموارد الطبيعية للكوكب وصونها للأجيال القادمة.
واعتبرت ليلى عبد اللطيف أن إدارة وحماية الأنهار والنظم البيئية الساحلية والشعاب المرجانية وأشجار القرم (المانجروف) أن تقلل من ارتفاع الأمواج بنسبة تصل إلى 71%، ويمكن للحلول القائمة على الطبيعة الحد من تطرف المناخ بنسبة 26%، متوقعةً أنه وبحلول عام 2030، قد تتراوح الخسائر والأضرار في المجتمعات الهشة مناخياً بين 400 إلى 800 مليار دولار سنوياً، وأنه بحلول عام 2050، قد ينزح حوالي 1.2 مليار شخص بسبب تغيّر المناخ.
ودعت إلى مشاركة الشباب من خلال برامج “التواصل مع الطبيعة”، التي تستخدم التكنولوجيا (التطبيقات، رموز الاستجابة السريعة) لإشراك الشباب في الحفاظ على الطبيعة وتسليط الضوء على تقاليد دولة الإمارات في العيش في وئام مع البيئة، والممارسات المستدامة التي تنتقل عبر الأجيال.
بدوره، أكد القانوني أشرف الكمال من بنجلاديش والذي نجح في إدارج حقوق الأنهار في القانون الوطني لبلاده، التي تقلصت فيها الأنهار على حد تعبيره من 1300 نهر في الماضي إلى 450 حالياً بسبب التلوث.
ولفت أشرف الكمال إلى أن الناس في بنجلاديش أصبحوا يدركون بشكل متزايد أهمية حماية الأنهار والنظم البيئية. مما عزز المسؤولية تجاه الأجيال القادمة.
وتحدث في جلسة “دور الفطريات في تعزيز التوازن البيئي والصحة العامة” كلٌ من ديما السروري، استشارية التخطيط الحضري الاستراتيجي في مختبر “بايوسفيريك سيتي لاب”، وتوماس جوناس، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة “نيتشرز فند”، وكلاوديا كولمو، زميلة أبحاث الدكتوراه في الكلية الدنماركية الملكية، حول فرص الاستفادة مستقبلاً من المواد الطبيعية في العمارة والتصميم للمناطق الحضرية في مدن ومجتمعات المستقبل.
وقالت ديما السروري إن خصائص الفطريات كالعزل الحراري والصوتي وإصلاح الأراضي تجعلها مادة أساسية للتصاميم المستدامة المستقبلية، وحتى الملاجئ الطارئة للنازحين.
كما أشارت إلى تجربة دولة الإمارات في البدء في استخدام مخلفات النخيل لزراعة الفطريات، مما أدى إلى إنشاء أول شركة لإعادة تدوير هذا المورد الوفير للبناء.
بدوره، قال توماس جوناس إن الفطريات جزء أساسي في حياة البشر بشكل أعمق بكثير مما قد يتصوره البعض، حيث إننا نتنفسها مع الهواء، ويمكننا استحداث بدائل للحوم ومنتجات الألبان وحتى الجلود باستخدام الفطريات، مما يثبت أن مستقبل المواد الغذائية مختلف عما نعرفه الآن.
ومن جهتها، قالت كلوديا كولمو: “يجب أن تتحول الهندسة المعمارية إلى أصل بيئي بدلاً من أن تصبح عبئاً بيئياً، فالطبيعة دائماً ترشدنا ولديها الإجابات اللازمة، وعلينا أن نحترمها أكثر ونستخدمها بشكل أكثر فعالية.