سيدة تختبر أول قضمة من الطعام الصلب منذ عقد من الزمان
• عالج الإجراء المبتكر حالة تعذّر الارتخاء المريئي للمريضة، وهو اضطراب نادر في المريء، لتستعيد بذلك قدرتها على الأكل والشرب والنوم بشكل طبيعي بعد 10 أعوام
دبي – الوحدة:
بعد معاناة استمرت أكثر من عشر سنوات، استعادت سيدة سودانية (59 عاماً) مصابة بمرض تعذّر الارتخاء المريئي، وهو اضطراب نادر في المريء، قدرتها على الأكل والشرب بشكل مريح والنوم مُستقلية على ظهرها، وذلك بعد خضوعها بنجاح لعملية جراحية متطورة طفيفة التوغل تُسمى “القطع العضلي بالمنظار عبر الفم” (POEM)، أُجريت لها من قبل استشاري أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى ميدكير رويال التخصصي في القصيص قبل ثلاثة أشهر.
عانت المريضة منذ أكثر من عقد من الزمان من تعذّر الارتخاء المريئي، الذي يعد اضطراباً نادراً في حركة المريء، وكان له أثر ملحوظ على جودة حياتها. حيث زادت هذه الحالة صعوبة البلع عند المريضة بشكل تدريجي مما دفعها للاعتماد فقط على التغذية السائلة. كما عانت أيضاً من ألم مستمر في الصدر، وتقيؤ وفقدان الوزن وإحساس بالتصاق الطعام والسوائل في المريء. وأجبرتها هذه الأعراض على النوم في وضع مستقيم لمنع الارتجاع الحاد أثناء الليل.
ورغم إجراء استشارات وفحوصات طبية عديدة، شُخصت إصابتها بداء الارتجاع المعدي المريئي (GERD) بشكل خاطئ مراراً وتكراراً، ما أدى لتلقيها علاجات غير فعالة. وتستذكر المريضة قائلة: ” أصبح الأمر مزعجاً بالفعل. إننا غالباً ما نقلل من أهمية القدرة على بلع الطعام بشكل ملائم. لقد كانت أعراض الألم في الصدر والسعال التي عانيت منها شديدة للغاية لدرجة أنني امتنعت عن تناول الطعام والشراب، مما تسبب لي بفقدان الوزن وسوء التغذية بشكل ملحوظ. كنت أشعر بالغضب طوال الوقت، وتجنبت اللقاءات الاجتماعية، ولم أتمكن من تحديد المشكلة التي أعاني منها”.
في نوفمبر 2024، ساءت حالة المريضة مما دفعها للاستعانة بخبرة الدكتور “محمد عبد الحافظ” في مستشفى ميدكير رويال التخصصي. وبالاستفادة من خبرته السريرية الممتدة على مدار 20 عاماً، أجرى الدكتور “محمد” تقييماً شاملاً، تضمن قياس ضغط المريء وإجراء تنظير داخلي عالي الدقة، ما أدى للوصول إلى نتائج تشخيصية دقيقة أكدت إصابتها بمرض تعذّر الارتخاء المريئي. حيث ساهمت هذه النتائج الدقيقة في تصحيح التشخيص الخاطئ التي تلقته المريضة لسنوات ومنحها الأمل.
ومرض تعذّر ارتخاء المريء حالة نادرة يبلغ معدل الإصابة بها ما بين 8 إلى 12 شخص لكل 100 ألف نسمة حول العالم. وينشأ هذا المرض نتيجة لعدم قدرة العضلة العاصرة السفلية للمريء على الارتخاء، إلى جانب ضعف أو غياب التمعج المريئي الطبيعي (أي الانقباضات المريئية التي تحرّك الطعام والسوائل من خلال المريء). ويؤدي ذلك إلى صعوبات في تمرير الطعام والسوائل إلى المعدة، ويتسبب بأعراض بالغة مثل عسر البلع (صعوبة البلغ)، وألم الصدر، والتقيؤ وفقدان الوزن.
وأوضح د. عبد الحافظ أنه “نظراً لتداخل الأعراض مثل صعوبة البلع وعدم الراحة في الصدر والتقيؤ، فإنه غالباً ما يتم تشخيص مرض تعذّر الارتخاء المريئي بشكل خاطئ على أنه ارتجاع معدي مريئي. ومع ذلك، تعتبر التقنيات التشخيصية المتقدمة على غرار قياس ضغط المريء والتقييم التنظيري، حاسمة في التمييز بين هاتين الحالتين المرضيتين”.
و”القطع العضلي بالتنظير عبر الفم” هو إجراء تنظيري متطور صُمم لتخفيف أعراض تعذّر ارتخاء المريء من خلال معالجة السبب الجذري المتمثل في فشل العضلة العاصرة المريئية السفلية في الارتخاء. وأثناء الإجراء، يتم إدخال منظار داخلي (أنبوب مرن مزوّد بكاميرا) عبر الفم. ومن خلال التشريح الدقيق وبضع العضلات (قطع العضلة التشنجية الموجودة بالطرف السفلي من المريء)، يتيح الإجراء استعادة الوظيفة الطبيعية للمريء دون الحاجة إلى جراحة مفتوحة.