«قصائدُ.. هنَّ» أمسية استثنائية زاخرة بالشعر والفن في مكتبة محمد بن راشد
دبي – الوحدة:
في إطار رؤية المكتبة واستراتيجيتها لدعم الشعر واللغة العربية والفن في مختلف الأوساط الثقافية، نظمت مكتبة محمد بن راشد، أمسية شعرية استثنائية بعنوان «قصائدُ.. هنَّ»، بمشاركة كوكبة من أبرز الأصوات الشعرية المعاصرة في العالم العربي، تضمنت عزفاً موسيقياً مباشراً على آلتَي العود والكمان.
افتتحت الجلسة، الشاعرة الإماراتية أمل السهلاوي بمجموعة من القصائد التي حملت تأملات وجدانية حول الصبر والألم والحب، عكست نظرتها الفلسفية وتناغمت في تصعيد المشاعر والصراع الداخلي، حيث أبرزت قدرة الشاعرة على التعبير عن قضايا إنسانية معقّدة بشكل مكثّف، وجاء فيها: «لا تنجرف للخوفِ واملأ واقعي، ولربّما سأجيءُ دون تراجعِ.. قد يهرب الزمنُ الجميلُ صراحةً، قد تعلقُ الأحزانُ بين أصابعي.. وأنا أحبُّ طريقَنا لكنّه، يحتاج أحياناً لضوءٍ ساطعِ».
وتناولت الشاعرة التونسية أماني الزعيبي في قصائدها موضوعات الإبداع والوجود، حيث دمجت بين الرمزية واللغة الشعرية المفعمة بالحياة. وفي قصيدتها «حوارية الأرض والبنت» أظهرت الشاعرة اهتمامها بالعلاقة بين الأنثى والطبيعة، واستحضرت الأرض كياناً حياً يتحدث ويطرح تساؤلات وجودية: «الأرض تسألُ: أين الدرب سيدتي، فقلتُ: ذاتي وفي هجرانها الغرقُ.. مدّت يديها وأعطتني شواطئَها، هل كنت أحلم أم حراسها ورقُ؟.. قالت: تعالي فهذا الليل معجزةٌ، يا بنتُ غنّي ففي أحوالِك العبقُ».
ومن جهتها، عبرت الشاعرة السورية قمر الجاسم عن مشاعرها تجاه الهوية العربية ووجدان الأمة، وقدمت قصائدها التي تميزت بالعمق الوجداني والتأمل في العلاقات الإنسانية والهموم الشعرية، من بينها قصيدة “على شفاه القصيدة”، حيث جاء فيها: “وأنا القصيدةُ من تفاصيلي وُلِدتُ، وضلعِ حرفٍ باذخٍ بالصمتِ جئتُ على شفاهِ الأسئلةْ، كلُّ المنازلِ دونَ قلبي مقفَلةْ”.
وأظهرت الشاعرة السودانية روضة الحاج قدرة كبيرة على التصوير المعقّد للمشاعر الإنسانية، بأسلوب شعري يتراوح بين البساطة والتكثيف في قصائدها التي تناولت مواضيع الوطن والفقد والهوية الأنثوية، حيث سلطت الضوء على معاناة النساء وعكست الصراع بين الصورة الاجتماعية للمرأة وما تحتويه ذاتها من مشاعر دفينة. واختتمت الأمسية بقصيدة تخاطب فيها المرايا: “سيدة تتهيّأ في ثقةٍ بالغة لتصعدَ في جبلِ الأربعين، مكانَك أيتها السيدة، فأنا طفلةً ما أزالُ، أكرّرُ ذات الحماقاتِ في كلّ يوم، وما زلتُ أمشي على، وما زلتُ أرنو إلى، وما زلتُ أحسبُ أن، وما زلتُ أسألُ عَن، ولن أبلغَ الأربعينَ ولو بعدَ ألفَي سنة، فمَن هذهِ السيدة؟”.
وخلال الأمسية، أهدى المؤلف الموسيقي وسيم جلول مكتبةَ محمد بن راشد مقطوعةً موسيقيةً ألفها خصيصاً لهذه المناسبة، وقدمها على آلة الكمان، حيث استوحى عنوانها “المنارة” من شعار المكتبة “نحن نبني منارةً للمعرفة والثقافة والإبداع”، ما أضفى جواً من الرقي الفني على الحدث.
وشهدت الأمسية حضوراً كبيرًا من نقاد وشعراء وأكاديميين ومثقفين، تفاعلوا مع القصائد وأنغام الموسيقى وقدموا تعليقات أثرت الأمسية وأضفت طابعاً استثنائياً عليها.
وفي الختام كرمت مكتبة محمد بن راشد المشاركين، معبرة عن شكرها لهم على إثرائهم الساحة الثقافية، ومتمنية لهم دوام التألّق والنجاح في مسيرتهم الشعرية والفنية.
وتسعى مكتبة محمد بن راشد، منذ تأسيسها، إلى تحفيز الشغف بالمعرفة بين الأفراد، وخاصة فئة الشباب، وتعزيز الواقع الأدبي ودعم اللغة العربية وفنون الشعر من خلال تنظيم أمسيات أدبية وشعرية تعزز التواصل الثقافي بين مختلف الأفراد والمجتمعات، وورش عمل تستقطب المواهب والكتاب المهتمّين بتطوير أدواتهم الإبداعية.