طفل يبلغ من العمر 3 سنوات ينتصر على السرطان بعد معاناته من ورم عصبي نادر
أبوظبي – الوحدة:
محمود الطفل الصغير هو بطل قصة غير عادية، في سن الثالثة والنصف فقط، حارب بشجاعة تحديات صحية أكثر مما يواجهه معظم البالغين في حياتهم، بعد أن كشفت سلسلة من الفحوصات عن تشخيص إصابته بالسرطان الذي غير حياته في سن الثانية، لقد كانت رحلة محمود أكثر من رائعة، تضمنت معركته ضد ورم الخلايا العصبية، وهو شكل نادر من سرطان الأطفال الذي يصيب الأطفال دون سن الخامسة بشكل أساسي، فيما خضع لسلسلة علاجات طويلة تضمنت العلاج الكيميائي والجراحة وزرع نخاع العظم والعلاج الإشعاعي والعلاج المناعي، حتى أصبح بصحة جيدة.
لقد أدت الجهود الدؤوبة التي بذلها الكادر الطبي في مدينة برجيل الطبية (BMC) والذي ضم أكثر من 14 تخصصًا لأكثر من عام ونصف، إلى جانب تفهم ودعم عائلته والبنية التحتية المتقدمة للرعاية الصحية في دولة الإمارات، إلى تغيير حياة الطفل محمود، تصدى الفريق الطبي لهذا النوع الشرس من السرطان لمساعدة الصغير على استعادة حياته.
يتذكر والد الطفل محمود، كيف تغيرت حياتهم إلى الأبد عندما تم تشخيص إصابة طفلهما الرابع والأصغر بالسرطان، كانت الأشهر التي سبقت التشخيص مليئة بالشكوك والمخاوف حيث عانى محمود من أعراض عديدة مثل الإمساك والحمى المرتفعة والضعف العام وصعوبة التنفس وعدم الرغبة في الحركة والبكاء المستمر.
يحدث ورم الخلايا العصبية في 0.28 حالة لكل 100 ألف فرد سنويًا هذا بحسب إحصائيات عالمية، حيث ينشأ الورم في الخلايا العصبية غير مكتملة النمو، ويمكن أن يتكون من أنسجة عصبية تصبح غير طبيعية وتنمو بشكل لا يمكن السيطرة عليه، في حالة محمود، نما الورم ليصبح بالقرب من الجزء الخلفي من رئته اليمنى، وإلتف حول النخاع الشوكي.
يقول والد الطفل محمود:” لقد صدمت حينها بالخبر، كان هذا آخر شيء أتوقعه، لم أصدق ذلك، ولم أستطع إقناع نفسي لما سمعت ولا حتى إخبار والدته”.
بعد التغلب على الصدمة الأولية، وضعت الأسرة ثقتها في الله، والإيمان بأن هذه المرحلة الصعبة ستمر في النهاية، تم إبلاغهم أن علاج محمود سيشمل مراحل متعددة، بما في ذلك العلاج الكيميائي لتقليص الورم، والجراحة لإزالة الورم المتبقي، والعلاج الإشعاعي، وزرع نخاع العظم، والعلاج المناعي، وبعد بحث طويل قررت العائلة وضع محمودفي مدينة برجيل الطبية BMC للحصول على العلاج فيها نظرًا لخيارات العلاج الشاملة ومتعددة الوسائط لمرضى سرطان الأطفال تحت سقف واحد.
رعاية شاملة ومتطورة
أشرف الدكتور زين العابدين، استشاري ورئيس قسم أمراض الدم والأورام وزراعة نخاع العظام لدى الأطفال، على علاج محمود، وتم التخطيط مع الفريق الطبي لتطبيق بروتوكول علاجي يتضمن التكنولوجيا المتقدمة والأساليب الشخصية لتعظيم فرص تعافيه.
بدأت رحلة التشخيص والعلاج في أغسطس 2023 بإجراء اختبار وراثي جزيئي في OncoHelix Co-Lab، والذي قدم معلومات وراثية مفصلة لتحسين علاجات محمود وتخصيصها بحسب حالته، ثم خضع لأربع جلسات من العلاج الكيميائي لتقليص حجم الورم، تلا ذلك عملية جراحية معقدة لإزالته، فيما شكل الورم، الواقع بالقرب من رئته والحبل الشوكي، تحديات كبيرة، لكن الجراحة أجريت بنجاح من قبل الدكتور راجاسيكار سينجاباجو أخصائي جراحة الأطفال في مدينة برجيل الطبية، تم الانتهاء من آخر جلسة علاج كيميائي لمحمود في نوفمبر 2023، وفي الشهر التالي من ذات العام، خضع محمود لعملية زرع نخاع العظم الذاتي، خلال الفترة ما بين فبراير إلى مارس 2024، تلقى محمود 12 جلسة من العلاج الإشعاعي، و من يونيو 2024 إلى يناير 2025، خضع محمود لجلسات العلاج المناعي التي تهدف إلى محاربة أي خلايا سرطانية متبقية.
من جانبه، أكد البروفيسور حميد الشامسي، الرئيس التنفيذي لمعهد برجيل للأورام، أن أحدث التطورات في العلاجات مثل العلاج المناعي قد ساهمت في تحسين النتائج بشكل كبير للأطفال المصابين بسرطانات معقدة مثل الورم الأرومي العصبي، من خلال الجمع بين التقنيات المتطورة وفريق متعدد التخصصات تحت سقف واحد، نهدف إلى تزويد الأطفال مثل محمود بأفضل فرصة ممكنة للتعافي.
تضمن الفريق متعدد التخصصات الذي شارك في رعاية محمود، أخصائيو أورام الأطفال، وأخصائيو علم الأمراض، وجراحي الأطفال، وأخصائيي الأورام الإشعاعية، وخبراء الطب النووي، وأخصائيي العناية المركزة، وصيادلة الأورام، ومتخصصي الطب النفسي، وغيرها من التخصصات، حيث لعب كل منهم دورًا حاسمًا في رحلة محمود إلى التعافي.
وقال الدكتور زين العابدين : “لمدة عام ونصف تقريبًا، كان محمود تحت رعاية فريق مخصص ومتعدد التخصصات عملوا معًا بلا كلل، وشملت رحلة علاجه العلاج الكيميائي والجراحة وزرع نخاع العظم الذاتي والعلاج الإشعاعي والعلاج المناعي، لقد كان الجهد المشترك للمتخصصين في مختلف المجالات السبب في جعل هذا التعافي الرائع ممكنًا، وتعتبر العلاجات المتقدمة كالعلاج المناعي أظهرت تحسن النتائج بنسبة 10-15٪”.
وقال والد الطفل:” كنا نذهب إلى المستشفى كل أسبوع، وعلى الرغم من صغر عمره ، فقد فهم محمود أهمية علاجاته وتحمل كل إجراء بشجاعة، قد كان حريصًا حتى على الجهاز الطبي المزروع في جسده، مدركًا أنه أمر بالغ الأهمية لتعافيه، في الفترة المقبلة سيخضع محمود لمراجعات دورية كل ستة أشهر على مدى السنوات الخمس المقبلة لضمان استمرار صحته ورفاهيته”.
لقد ساهم توافر الخدمات المتطورة مثل عمليات زرع نخاع العظم الذاتي والعلاج المناعي في دولة الإمارات، إلى تقليل الحاجة إلى الإحالات الدولية، مما خفف العبء بشكل كبير على الأسر.
وأضاف الدكتور زين العابدين:” في اليوم العالمي لسرطان الأطفال نؤكد على جاهزيتنا الطبية للتعامل مع مثل هذه الحالات الصعبة، بفضل التقدم الطبي الهائل في دولة الإمارات يمكننا تقديم العلاج الكامل للحالات المحتاجه له، لقد ساعدنا التقدم الأخير في الرعاية الصحية بالدولة على تحقيق ذلك، حيث ساعدت البنية التحتية الطبية القوية في دولة الإمارات لعائلات مثل عائلة الطفل محمود، بالبقاء بالقرب من المنزل ومواصلة العمل والوصول إلى علاج عالمي المستوى “.
تعكس رحلة شفاء البطل الصغير محمود من الورم العصبي، التقدم المحرز في طب الأورام للأطفال في دولة الإمارات وقوة الرعاية الصحية والنهج التعاوني متعدد التخصصات الذي ساهم في جلب الأمل له والشفاء.