الشارقة – الوحدة:
في أجواء رمضانية مفعمة بالتواصل الفكري والنقاشات الثرية، نظم معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، مجلسًا رمضانيًا في منزله بمدينة الشارقة، من مساء أمس استضاف فيه نخبة من الخبراء والأكاديميين وأعضاء المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة ، حيث تركز النقاش حول محورين رئيسيين: الأمن الغذائي والهندسة الاحترافية، في إطار دعم الرؤية الاستراتيجية للدولة لتحقيق التنمية المستدامة وضمان مستقبل آمن ومستقر في هذين المجالين الحيويين.
الكلمة الافتتاحية لمعالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي
استهل معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي المجلس بكلمة رحّب فيها بالحضور، مؤكدًا على أهمية المجالس الرمضانية باعتبارها منصة لتبادل الأفكار وتعزيز الحوار البناء حول القضايا التي تهم المجتمع، وأوضح النعيمي أن اختيار موضوعي الأمن الغذائي والهندسة الاحترافية جاء نظرًا لما لهما من تأثير مباشر على التنمية والاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى ضرورة العمل على تطوير استراتيجيات فعالة لضمان استدامة الموارد الغذائية، إلى جانب الارتقاء بالمجال الهندسي وفق المعايير العالمية.
الأمن الغذائي في ظل تزايد عدد السكان
تحدث البروفيسور سيمون مكيردي، نائب رئيس جامعة مردوخ للمشاركة العالمية، عن التحديات التي تواجه الأمن الغذائي عالميًا، مشيرًا إلى أن ضمان تأمين الغذاء يتطلب موازنة دقيقة بين الإنتاج الزراعي والاستدامة البيئية. وأوضح أن هناك خمسة مجالات رئيسية يجب التركيز عليها لتحقيق الأمن الغذائي وشملت الأمن البيولوجي (Biosecurity) وذلك لضمان حماية المحاصيل والثروة الحيوانية من الآفات والأمراض وإدارة المبيدات لأهمية البحث عن حلول تقلل من الأثر البيئي لاستخدام المبيدات في الإنتاج الزراعي بجانب اختيار المحاصيل والثروة الحيوانية فدراسة إمكانية زراعة محاصيل أكثر قدرة على تحمل الظروف المناخية المتغيرة.
متطرقا إلى الاقتصاد الدائري وأهمية تقليل الفاقد وإعادة تدوير الموارد لتحقيق كفاءة أعلى في الإنتاج علاوة على التكنولوجيا الزراعية والمتمثلة في استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتحسين كفاءة الإنتاج.
كما أشاد البروفيسور مكيردي بمبادرات إمارة الشارقة في تعزيز الأمن الغذائي، مشيرًا إلى مشروع زراعة القمح في منطقة مليحة، والذي يأتي في إطار رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لتحويل المنطقة إلى واحة زراعية مستدامة.
جهود حاكم الشارقة في تحقيق الأمن الغذائي
وتم التطرق إلى ما تشكله رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كونها حجر الأساس في تعزيز الأمن الغذائي بإمارة الشارقة، حيث أطلق سموه العديد من المشاريع الطموحة التي تعزز الإنتاج المحلي وتقلل الاعتماد على الاستيراد.
ومن أبرز هذه المشاريع، مبادرة زراعة مليحة التي تهدف إلى تحويل المنطقة إلى مصدر رئيسي لإنتاج القمح، مما يسهم في تحقيق الاستدامة الغذائية، إلى جانب مشروع “سبع سنابل” الذي يعكس التوجه نحو تطوير زراعة الحبوب في الإمارة ، كما حرص سموه على إطلاق مشروع “حليب مليحة”، وهو أحد المشاريع الرائدة التي تدعم إنتاج الألبان محليًا، مما يضمن توفير منتجات غذائية ذات جودة عالية، ويعزز استقلالية القطاع الزراعي في الإمارة.
بعدها تداخل عدد من الحخضور وسط تبادل الآراء والأفكار بين المشاركين، في أجواء من الود والتقدير لهذا النوع من المجالس التي تجمع بين الفكر والممارسة، وتسهم في تعزيز الوعي المجتمعي بالقضايا الاستراتيجية الهامة ، حيث تحدثوا عن أهمية العمل نحو تحقيق الأمن الغذائي.
أهمية المياه في تحقيق الأمن الغذائي
تناول الأستاذ الدكتور معتز علي، أستاذ بجامعة الشارقة، أهمية المياه باعتبارها عنصرًا أساسيًا لتحقيق الأمن الغذائي، موضحًا أن معظم الدول العربية تعاني من شح المياه، ما يستدعي البحث عن حلول بديلة مثل تحلية مياه البحر وإعادة تدوير المياه.
وأشار إلى أن الإمارات تمتلك 71 محطة تحلية توفر نحو 6 ملايين متر مكعب يوميًا، وهو ما يمثل 14% من احتياجات السوق المحلي.
وفي هذا السياق، أكد معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة أن الإمارات تعتمد على مزيج من تحلية مياه البحر والمياه الجوفية، كما تمتلك مراكز أبحاث بحرية تسهم في إيجاد حلول مبتكرة لتعزيز الأمن المائي. وشدد على أهمية زيادة الإنتاج المحلي من الغذاء وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مشيرًا إلى ضرورة مضاعفة الإنتاج خلال السنوات العشر المقبلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
الهندسة الاحترافية ودورها في تعزيز كفاءة المهندسين
انتقل المجلس بعد ذلك إلى المحور الثاني حول الهندسة الاحترافية، حيث قدم البروفيسور غانم كشواني، استاذ الهندسة المدنية ومستشار جمعية المهندسين بالإمارات، رؤية شاملة حول أهمية تبني نظام الهندسة الاحترافية لتصنيف المهندسين ورفع كفاءتهم وفق معايير دولية، وأوضح أن النظام الهندسي في العديد من الدول يقوم على تصنيف المهندسين إلى ثلاث درجات رئيسية:
مهندس خريج: وهو المهندس الذي حصل على شهادته الجامعية ويبدأ في اكتساب الخبرة العملية.
مهندس محترف: وهو الذي أكمل عددًا معينًا من سنوات الخبرة واجتاز اختبارات مهنية متخصصة.
مهندس زميل: وهو المهندس الذي يمتلك خبرة طويلة ويشرف على المشاريع الكبرى.
وأشار إلى أن اعتماد هذا النظام في الإمارات سيسهم في تحسين جودة المشاريع الهندسية، وضمان تحديث المعرفة الهندسية بما يتماشى مع أحدث التطورات التقنية.
التطوير المهني المستمر للمهندسين
بدوره أكد البروفيسور صبيح خصاف، العضو الاستشاري لنقابة المهندسين المدنيين البريطانية، والبروفيسور عبد الرحيم صابوني، زميل نقابة المهندسين المدنيين الأمريكية، على أهمية التطوير المهني المستمر للمهندسين، حيث أوضحا أن الحفاظ على العضوية الاحترافية يتطلب من المهندسين تقديم سجل بأنشطتهم الهندسية سنويًا، والذي يشمل حضور دورات تدريبية متخصصة والمشاركة في المؤتمرات الهندسية الدولية ونشر الأبحاث العلمية في المجلات المحكمة.
وأشارا إلى أن هذا النهج يضمن استمرارية التعلم ومواكبة التغيرات التكنولوجية، مما يعزز من قدرة المهندسين على تطبيق أفضل الممارسات العالمية في مشاريعهم المستقبلية.
الختام والتوصيات
في ختام المجلس، أكد معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي على ضرورة العمل المشترك بين القطاعات المختلفة لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الهندسة الاحترافية.
وأشار إلى أهمية دعم البحوث العلمية والاستثمار في التقنيات الحديثة لضمان استدامة الموارد وتعزيز تنافسية الدولة على المستوى العالمي. كما دعا الحضور إلى مواصلة الحوار والعمل على تنفيذ المبادرات والمقترحات التي تم طرحها خلال المجلس.