مرئيات

المركز التربوي للغة العربية بالشارقة ينظم محاضرة رمضانية حول لغة القرآن بين المبنى والمعنى

الشارقة – الوحدة:

نظم المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة محاضرة علمية بعنوان “وقفات مع لغة القرآن بين المبنى والمعنى”، قدمها سعادة الأستاذ الدكتور عبد الكريم عثمان، عميد كلية القرآن الكريم بالجامعة القاسمية.

افتتح المحاضرة التي أقيمت مساء أمس الجمعة بمقر المركز في المدينة الجامعية في الشارقة سعادة الدكتور عيسى صالح الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، الذي رحّب بالمحاضر والحضور وأكد أهمية هذه الجلسة العلمية التي تسلط الضوء على عمق اللغة العربية وجمالياتها، خصوصًا في النص القرآني، حيث تتجلى البلاغة والدقة في اختيار الألفاظ والمعاني.

وخلال كلمته الافتتاحية، وجه سعادة الدكتور عيسى الحمادي خالص الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على اهتمامه البالغ ودعمه المستمر للغة العربية، مؤكدًا أن هذا الاهتمام يعكس حرص سموه على تعزيز مكانة اللغة العربية في مختلف المجالات العلمية والثقافية.

تناولت المحاضرة مجموعة من المحاور التي توضح التوازن بين المبنى والمعنى في القرآن الكريم، حيث أوضح الدكتور عبد الكريم عثمان أن هذا التوازن يعد أحد أسرار جمال النص القرآني وتأثيره العميق، إذ أن كل كلمة وحرف في القرآن الكريم يشكل جزءًا من منظومة بلاغية دقيقة تحقق المعنى بأسمى صورة ممكنة. واستعرض المحاضر عناصر البلاغة في المبنى، موضحًا كيف يختار القرآن الكريم ألفاظه بعناية فائقة، سواء من حيث الصوت، الإيقاع، والجرس الموسيقي، مما يمنح النص تأثيرًا خاصًا في وجدان المتلقي. كما تطرّق إلى الأسلوب اللفظي المتميز للقرآن، حيث تبدأ العديد من الآيات بأساليب مثل الاستفهام أو النداء أو الأمر، مما يعزز التفاعل والانتباه، مستشهدًا بقوله تعالى: “اقْرَأْ” (العلق: 1)، حيث تحمل هذه الكلمة القصيرة أعظم دعوة إلى المعرفة والتعلم.

كما أشار إلى الدقة في اختيار المعاني، حيث يحقق القرآن الكريم معاني عميقة ومدروسة تؤثر في النفس البشرية، مشيرًا إلى القصص القرآني ودوره في تقديم الدروس والعبر، مثل قصة موسى وفرعون التي تجسد صراع القوة والحق، وقصة يوسف التي تعكس التوازن بين الحكمة والابتلاء. كما أوضح دور التكرار في تعزيز المعنى القرآني، مستشهدًا بقوله تعالى: “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ” (الرحمن: 13)، حيث يؤدي التكرار إلى تثبيت المعنى في النفس وزيادة التأثير.

وتناول المحاضر الأسلوب القصصي في القرآن الكريم، الذي لا يعتمد على السرد فقط، بل يُوظّف البلاغة والأداء اللفظي لإيصال العبر والمفاهيم بعمق، مشيرًا إلى قصة يوسف عليه السلام، التي تمثل نموذجًا متكاملاً للسرد القصصي الذي يجمع بين الأحداث المتتابعة والرسائل العميقة. كما تطرّق إلى الاستفهام القرآني وأسلوب التحدي، موضحًا أن القرآن يستخدم الاستفهام ليس فقط للاستفسار، بل لفتح آفاق التفكير والتأمل، مثل قوله تعالى: “أَمْ خُلِقُوا۟ مِنْ غَيْرِ شَيۡءٍ أَمْ هُمُ ٱلۡخَـٰلِقُونَ” (الطور: 35)، حيث تحمل هذه الآية بُعدًا فكريًا يدعو إلى التأمل العميق في أصل الخلق.

وفي ختام المحاضرة، توجه سعادة الدكتور عيسى الحمادي بالشكر والتقدير للحضور الذين شاركوا في المجلس الرمضاني، وأثنى على سعادة الأستاذ الدكتور عبد الكريم عثمان لمشاركته القيّمة وإثرائه للحوار حول لغة القرآن الكريم، مقدمًا له درعًا تذكارية تكريمًا لجهوده العلمية، مؤكدًا استمرار المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج في تقديم مثل هذه الفعاليات التي تعزز الوعي بجماليات اللغة العربية وثرائها البلاغي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى