مرئيات

السكك الحديدية المتهالكة نافذة على الثقافة المحلية في تنزانيا

إذا أردت السفر بالقطار عبر تنزانيا، فيجب عليك أن تستعد لرحلة تستغرق وقتا طويلا.

وينصح موظف حجز التذاكر بمدينة دار السلام المسافر قبل يوم من بدء رحلته، قائلا “ينبغي عليك التواجد في محطة القطارات قبل ساعتين من انطلاق القطار”، ومع ذلك، وعلى أرض الواقع، يغادر القطار المحطة مـتأخرا أربع ساعات عن الموعد المحدد له. وإذا حدث ذلك، فالأمر ليس بهذا السوء إذا ما قورن بالتأخير ليوم كامل في بعض الأحيان.

وتشغل شركتان القطارات في جميع الرحلات، الأولى هي هيئة السكك الحديدية التنزانية-الزامبية (تازارا)، والتي تقوم بتنظيم رحلات القطارات أيام الثلاثاء (قطارات عادية) وأيام الجمع (قطارات سريعة) من مدينة دار السلام إلى زامبيا. ويصل سعر تذكرة الدرجة الأولى إلى 102 ألف شلن تنزاني، ما يعادل حوالي 44 دولارا، ويجب حجز التذاكر قبل موعد الرحلة بأسبوع، على الأقل، ويمكن سداد الثمن يوم السفر.

والشركة الثانية هي شركة السكك الحديدية التنزانية، التي من المعتاد أن تنظم رحلات القطارات السريعة أيام الاثنين من كل أسبوع، ورحلات القطارات العادية أيام الأربعاء، من مدينة دار السلام إلى مدينة موانزا أو كيجوما (تنزانيا)، ويجب على المسافر أن يراجع مواعيد السفر بشكل مباشر في المحطة قبل بضعة أيام من انطلاق الرحلة.

والرحلة من دار السلام، أكبر مدن تنزانيا، والتي تقع على ساحل المحيط الهندي، إلى مدينة موانزا المطلة على بحيرة فيكتوريا، تستغرق 40 ساعة، على الأقل، ويبلغ سعر تذكرة الدرجة الأولى 75 ألف شلن تنزاني، أي ما يعادل 33 دولارا.

ويواصل القطار رحلته في المساء وهو يصلصل ويقعقع، من الساحل الشرقي لتنزانيا صوب الداخل، حيث يقدم أحد موظفي السكك الحديدية وجبة بسيطة ولكنها مستساغة تماما، مكونة من الأرز واللحم والخضراوات، وذلك مقابل مبلغ زهيد.

ورغم ذلك، ليس من السهل على الراكب أن يجد سبيلا للاسترخاء أو النوم، حيث يتأرجح القطار فوق القضبان، وتصدر عنه دائما أصوات صلصلة حتى أثناء الليل، ومع إشراقة الشمس في الصباح الباكر تبدو المناظر الطبيعية في الخارج قاحلة. وبعد رحلة تستغرق نحو 16 ساعة يقطع القطار خلالها 465 كيلومترا، يصل القطار في النهاية إلى العاصمة التنزانية دودوما.

وتعد شبكة القطارات التنزانية من بقايا عهد الاستعمار، وقد انكمشت خدماتها منذ حصول البلاد على الاستقلال في عام 1961. وكان الألمان أقاموا خط القطارات المركزي المتجه إلى كيجوما، في حين أقام البريطانيون في وقت لاحق خط القطارات الشمالي المتجه إلى موانزا، ثم أقيم خط سكك حديد تازارا (الذي يربط ميناء دار السلام في شرق البلاد ببلدة كابيري موشي في زامبيا) في سبعينيات القرن الماضي بمساعدة الصين.

وبشكل عام، تنظم القطارات رحلاتها مرتين أسبوعيا، غير أن الموعد الدقيق لقيامها يعد سرا يحتفظ به فقط موظفو محطة القطارات الذين يبيعون التذاكر، وقد لا يملك الركاب الذين يستقلون القطارات المتجهة إلى قرى ليس لها أثر على الخريطة إلا نادرا، سوى النقود اللازمة لشراء تذاكر الدرجة الثانية أو الثالثة.

وفي بلدة ساراندا الصغيرة، تتحول المحطة إلى مطعم مؤقت في الهواء الطلق انتظارا لوصول القطار. ويقوم سكان البلدة بإعداد أصناف من الأطعم، مثل ميشكاكي (اللحم المشوي في أسياخ)، وتشبسي مايا (نوع من البيض المقلي على الطريقة الفرنسية)، والأرز المخلوط بالبازلاء. ويستعد كثير من الركاب لهذا الوضع بتجهيز لوازم المائدة من أطباق وملاعق وغيرها في أيديهم للإسراع بالحصول على الأطعمة. أما الركاب الذين لا يريدون مغادرة القطار، فيمكنهم الحصول على الطعام الذي يختارونه من النوافذ.

وتحفل الليلة الثانية على متن القطار بمشاعر الضجر وعدم الارتياح، ففي حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل يصل القطار إلى تابورا، ويتوقف هناك لمدة ساعتين، والسبب في ذلك أن عربات القطار تنفصل إلى قسمين في هذه المحطة، يذهب قسم منها غربا إلى كيجوما، ويتجه الآخر شمالا إلى موانزا. وهناك سبب آخر اتضح فيما بعد لهذا التأخير وهو أن امرأة حامل حان مخاضها وولدت طفلا قبيل الوصول إلى تابورا، وفي صباح اليوم التالي يشرح أحد الركاب الوضع قائلا: “كان يتعين وصول طبيب إلى القطار، ولكن الجميع بخير”.

دودوما-(د ب أ):

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى