مجمع اللغة العربية يستقبل طلاباً وأكاديميين إيطاليين في برنامج لغوي وثقافي متكامل
محمد صافي المستغانمي: نؤمن بأن تعلم العربية لغير الناطقين بها لا يقتصر على الكلمات والقواعد بل هو رحلة لفهم ثقافة الأمة وتاريخها
الشارقة – الوحدة:
استقبل مجمع اللغة العربية بالشارقة وفداً طلابياً وأكاديمياً من الجامعة الكاثوليكية في إيطاليا، يضم 11 طالباً وطالبة، برفقة الدكتور وائل فاروق، مدير المعهد الثقافي العربي في الجامعة الكاثوليكية بإيطاليا، في زيارة تستمر على مدار أسبوع كامل، حتى 17 أبريل الجاري، يشارك الوفد خلاله في برنامج لغوي وثقافي وسياحي مكثف، يهدف إلى تعزيز مهاراتهم في اللغة العربية وربطهم بثقافتها الحيّة، وتعريفهم بتاريخ إمارة الشارقة ومعالمها التاريخية.
وتأتي الزيارة في إطار التعاون الأكاديمي والثقافي بين المجمع والمؤسسات التعليمية العالمية، ضمن مساعي مجمع اللغة العربية بالشارقة لتعزيز حضور اللغة العربية عالمياً، وتوفير بيئة تعليمية حيوية تجمع بين تعلم اللغة والانغماس في بيئتها الثقافية.
رحلة لغوية في ثقافة الأمة وتاريخها
وفي تعليقه على الزيارة، قال الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة: “نفخر بالشارقة أرضاً تجمع الناس من أصقاع المعمورة على حبّ العربية، ومرآةً تعكس تاريخ الأمة العربية وإشراق حضارتها على العالم؛ فهي في ظلّ قيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أصبحت منارة تضيء دروب عاشقي لغة الضاد، والباحثين عن سرّ فصاحتها وسحر بيانها”.
وأضاف المستغانمي: “نؤمن في مجمع اللغة العربية بالشارقة بأن تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها ينبغي ألا يقف عند حدود النحو والصرف، ولا عند فهم التراكيب والجمل، بل يتعداها إلى الانغماس في أعماق الثقافة، والتعرف على تاريخ الأمة العربية وحضارتها. وهذا هو مبتغانا من استقبال هذه الوفود، بحيث تكون
زيارتهم للشارقة رحلة لغوية ومعرفية وثقافية، يكتشفون فيها اللغة من خلال الحياة، ويتذوقونها من خلال التجربة”.
غرس بذور العربية وثقافتها في المجتمع الغربي
بدوره، أكد الدكتور وائل فاروق، مدير المعهد الثقافي العربي في الجامعة الكاثوليكية بإيطاليا، أن استضافة مجمع اللغة العربية بالشارقة لطلبة المعهد تمثل استثماراً في المستقبل، وغرساً لبذور اللغة العربية وثقافتها في المجتمع الغربي. وقال: “الطلبة الذين سيعيشون تجربة الانغماس اللغوي هنا، سيعودون إلى بلادهم محمّلين بخبرة إنسانية وعلمية تعزز ارتباطهم بالعربية وتدفعهم للاستمرار في تعلّمها والدفاع عن قضاياها”.
وقال فاروق: “لا نبحث عن دارسين فقط، بل عن محبّين يؤمنون بأن العربية حضارة وروح” وأضاف: “اللغة بدون ثقافة تتحول إلى رموز صامتة، أما العربية فهي بحر واسع، ولا يبحر فيه إلا من امتلك قارب الثقافة؛ لهذا سيكون للبرنامج الثقافي دور جوهري في إحياء اللغة في نفوس الطلبة، وربطهم بعالمها العربي الحي”.
رحلات ثقافية وسياحية
وإلى جانب البرنامج الأكاديمي، ينظّم المجمع سلسلة من الزيارات الثقافية لتعريف الوفد الإيطالي على أبرز المعالم الحضارية في إمارة الشارقة، ومنها “بيت الحكمة” و”مجمع القرآن الكريم”، إلى جانب “متحف الحضارة الإسلامية”. كما تشمل الرحلات جولات سياحية في مدينة خورفكان ورحلة إلى “جزيرة النور” مما يتيح للطلاب فرصة التفاعل المباشر مع الثقافة الإماراتية، والتعرّف على تنوع بيئاتها الاجتماعية والجغرافية.
تبادل معرفي وتجربة فريدة
وعبّر الطلاب عن تطلعهم للمشاركة في المحاضرات والزيارات، التي تتيح لهم التعرف على اهتمام إمارة الشارقة باللغة العربية، كما أعربوا عن تقديرهم لجهود المجمع في تنظيم هذا البرنامج الأكاديمي والثقافي، مؤكدين أن هذه التجربة ستسهم في تطوير لغتهم، وتعزيز فهمهم للهوية الثقافية العربية والإماراتية.
وأشارت الطالبة ماتيلدا فيراري، خريجة الجامعة الكاثوليكية في ميلانو، إلى أن شغفها بالأدب العربي يقودها للتركيز على تحليل نصوص أدبية متنوعة من القديم والحديث، إلى جانب اهتمامها بأدب الأساطير والثقافة الإماراتية، وعبّرت عن سعادتها الكبيرة وتطلعها إلى تعلم اللغة العربية الفصحى في الشارقة.
أما الطالبة ميلا فانينالي، الباحثة في دكتوراه الأدب العربي المعاصر بإيطاليا، فأشارت إلى أن زيارة الشارقة ستعزز رصيدها المعرفي والثقافي. وأضافت أن البرنامج سيسهم في صقل تجربتها الأكاديمية، وتعزيز انخراطها في المجتمع الإماراتي، مما يجعلها أكثر احترافية في إيصال المعلومات والمعارف لطلبتها مستقبلاً.
ويعتمد مجمع اللغة العربية بالشارقة في تدريسه للوفد الطلابي الإيطالي أسلوباً تفاعلياً مبتكراً، حيث سيقوم بتوزيع قصاصات ورقية على الطلبة، تحتوي كل واحدة منها على سؤال مستوحى من مواقف الحياة اليومية، للإجابة عنه، مما يفتح أبواب النقاش بين الطلاب والمعلمين بطريقة محفزة تعزز من مهارات التفكير والتعبير، وتشجع على استخدام اللغة في سياقات حقيقية.