الشارقة – الوحدة:
أصدرت دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة دليلاً بعنوان “الكشف المبكر عن حالات الإساءة والعنف للأطفال”، ضمن سلسلة “دليل المعلم 2025″، والذي يُعد مرجعاً توعوياً وتثقيفياً يُسلط الضوء على واقع الأطفال المعرضين للإساءة، سواء داخل الأسرة أو في البيئة المدرسية.
يتناول الدليل في ثلاثة أجزاء رئيسية وهي، كيفية التعرف على الطفل المعنف، ودور المحيطين به في الملاحظة والتدخل، بالإضافة إلى الإجراءات الواجب اتباعها من قبل الجهات المعنية لحمايته.
وتسعى الدائرة إلى تعميم الاستفادة من الدليل عبر توزيعه على المؤسسات والمراكز المختصة بالطفولة، إلى جانب توفيره إلكترونياً على موقعها الرسمي. ويأتي هذا الإصدار ضمن جهود الدائرة لتعزيز حماية الطفل ورفع الوعي المجتمعي بمخاطر العنف والإساءة.
إن دليل الكشف المبكر يسلّط الضوء على الدور الحيوي للأسرة والمدرسة في حياة الطفل، باعتبارهما الركيزتين الأساسيتين في تنشئته وحمايته. فالأسرة تُعد خط الدفاع الأول لرعاية الطفل وحمايته من الإساءة، وفي حــال اســتمرار تعــرض الطفــل للإساءة أو العنــف دون أن تقـوم الأسرة بدورهـا في الحمايـة، وبذلك تبرز ضرورة تدخل المدرسة، كونها المؤسسة التربوية الثانية في حياة الطفل، خاصة أن عامل الزمن يعد حاسماً في التدخل المبكر.
وأوضح المصدر أن استمرار العنف قد يعود إلى أحد سببين رئيسيين: إما نتيجة إهمال الأسرة وعدم متابعتها لحماية الطفل، أو لأن مصدر العنف هو أحد أفراد الأسرة نفسها، مما يجعل المدرسة الجهة المسؤولة عن اكتشاف الحالة وحماية الطفل، في ظل غياب الدور الأسري أو تحوّله إلى عنصر تهديد.
وفي هذا السياق، يهدف الدليل إلى تعزيز قدرات الكوادر المدرسية على رصد علامات التعرض للعنف بجميع أشكاله الجسدية، النفسية، الجنسية وغيرها، من خلال بناء منظومة حماية استباقية تعتمد على التدخل المبكر.
تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة
كمــا يســعى إلى تعزيــز التعــاون بيــن الأسرة والمدرســة لخلــق شــبكة حمايــة اجتماعيــة واســعة ومتكاملـة، تسـهم في توفيـر بيئـة إيجابيـة للطفـل سـواء في المنـزل لرفاهيتـه الاجتماعية والتعليميـة بالإضافة إلى ذلك يسعى الدليـل إلى رفـع كفـاءة الشـركاء في مجـال الحمايـة، مـن خلال تمكيـن أعضـاء المنظومـة التعليميـة مـن أداء دورهـم في الملاحظة والكشـف المبكـر، بالتنسـيق مـع وحـدات حمايـة الطفـل في المــدارس، لضمــان شــراكة فعالــة في الحمايــة. ومن أهدافه أيضاً تحســين فــرص نمــو الطفــل وتحصيلــه الأكاديمي عبــر منظومــة حمايــة مدرســية تفاعليــة تتجــاوب مــع الأحداث فــور حدوثهــا، وتمتلــك الأدوات اللازمة لرصــد التغيــرات المصاحبــة للإساءة أو العــنف مــنذ بداياتــها، نــظراً لأهمية التدخل المبــكر.
يعرّف الدليل الإساءة والعنف ضد الأطفال وفقاً للقانون الاتحادي لحقوق الطفل في دولة الإمارات وقانون الرعاية الاجتماعية في إمارة الشارقة، حيث يُصنفها إلى سبعة أشكال رئيسية: الإساءة الجسدية، الجنسية، النفسية، الإهمال، الاستغلال التجاري، التنمر، والابتزاز الإلكتروني.
ويتكون الدليل من ثلاثة أجزاء رئيسية، يبدأ بالمقدمة التي تتناول تعريف الإساءة والعنف، إلى جانب علامات ومظاهر الإساءة والعنف ضدهم، والتي تم تصنيفها عبر خمسة محاور: المظاهر والتغيرات السلوكية، النفسية، الذاتية، الجسدية، الأكاديمية، والاجتماعية.
بعدها يستعرض الدليل استراتيجيات الكشف المبكر عن تعرض الطفل للإساءة، والتي تشمل: الملاحظة داخل البيئة المدرسية، المقابلات النقاشية، الفحص البدني الدوري، التقييم النفسي، التواصل الأسري المدرسي، اعتماد آلية الشكاوى الصديقة، تقارير الأداء المدرسي، والأنشطة التعبيرية والجماعية.
الإجراءات
يتناول الجزء الأخير من الدليل الإجراءات اللازمة عند اكتشاف حالة عنف أو إساءة تجاه الطفل، بدءاً بعملية الإبلاغ، يليها إجراء التشخيص الأولي للتحقق من تعرض الطفل للإساءة، ثم تقديم التوعية الوقائية للحد من تكرار هذه الحالات، وأخيراً تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة لضمان حماية الطفل ودعمه في بيئة آمنة.
في ختام استعراض الدليل، تؤكد هذه الوثيقة على أهمية العمل التشاركي لضمان حماية الأطفال وتعزيز بيئة آمنة لهم، وكما تسلط الضوء على ضرورة تحمّل المسؤولية والتدخل في الوقت المناسب، إلى جانب دورها في تأهيل الكوادر التعليمية لرصد مظاهر الإساءة وتقديم الدعم للأطفال المتضررين. ومن خلال تمكين أعضاء المنظومة المدرسية من اكتساب مهارات الكشف المبكر عن حالات العنف، يمكن تحقيق حماية شاملة ورفاه اجتماعي وتعليمي للأطفال، بالتنسيق مع وحدات حماية الطفل في المدارس والمجتمع. وبهذا، يصبح العاملون في المدرسة قادرين على تقديم دعم فعّال والمساهمة في بناء بيئة مستقرة وآمنة للأطفال.