أبوظبي – الوحدة:
واصلت النسخة السابعة من القمة الثقافية أبوظبي 2025 والتي تستمر فعالياتها اليوم، وتنظمها دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، برنامجها الحافل على مدار يومين، تضمن الكلمات الرئيسية، والعروض الثقافية، وحلقات النقاش، وورش العمل، والمحادثات الإبداعية، ودراسات الحالة. وتجمع هذه الدورة التي تُعقد تحت شعار “الثقافة لأجل الإنسانية وما بعد”، أكثر من 200 متحدث وتشهد انعقاد ما يزيد على 100 جلسة وأكثر من 300 مشارك وحضور أكثر من 3700 شخص من أكثر من 90 دولة عبر 6 قارات وذلك بهدف استكشاف العلاقة بين الثقافة بمفهومها الشامل والإنسانية وجودً وقيمًا في عصر يشهد العديد من التحولات والتغيرات المتسارعة.
وخلال يومها الأول استكشفت القمة التحولات الجذرية في موازين القوى في عالم اليوم، من الثورة الرقمية إلى المتغيرات العالمية، وكيف تُعيد هذه التحولات تشكيل المشهد الثقافي، وركزت في يومها الأول على شعار “إعادة تشكيل المشهد الثقافي”، وسلّطت الضوء على دور قطاع الثقافة والإبداع في مساعدة البشرية على اجتياز المجهول لاحتضان الغد بثقة. فيما تم باليوم الثاني من القمة، التركيز على شعار “الحدود الجديدة لبيئة الإنسانية وما بعد”، حيث سلّط المشاركون الضوء على كيفية تكييف منظومات الثقافة والإبداع لسياساتها ونماذجها للاستفادة الكاملة من الإمكانات التي تتيحها تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية.
وفي كلمته الترحيبية، خلال اليوم الأول من انطلاق القمة، قال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: ” نجتمع اليوم في القمة الثقافية أبوظبي تحت شعار (الثقافة لأجل الإنسانية وما بعد)، مستلهمين كلمات الأديب الحائز على جائزة نوبل وولي سوينكا، الذي حثّنا على إعادة النظر في دور الثقافة في زمن التحولات التكنولوجية والمجتمعية غير المسبوقة. وفي أبوظبي، تُمثل الثقافة حجر الزاوية لمجتمعنا، وليست فكرة تكميلية. ومن خلال استثمارات استراتيجية في المؤسسات والمواهب والسياسات، نرسخ حضور الثقافة في كل مفاصل الحياة.
وأضاف معاليه: “تزداد أهمية هذه اللقاءات في هذا العصر المتغير، حيث تتيح لنا رسم ملامح مستقبل أكثر استدامة وإنسانية، تقود الثقافة فيه مسيرة التحول.”
وفي كلمته الرئيسية بالقمة، قال معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة بدولة الإمارات العربية المتحدة: “إن الثقافة هي القوة الحقيقية في تشكيل الإبداع، والحفاظ على التراث، وتدفع المجتمعات نحو مستقبلٍ زاخرٍ بالابتكار والأمل. وعبر ربط ماضينا بحاضرنا، فإننا نبني الأسس القوية للأجيال القادمة، ونُنمّي المواهب والخيال الضروريين لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي. وفي عصرٍ تُعيد تشكيله الابتكارات الرقمية والذكاء الاصطناعي، تبقى الثقافة دليلنا الدائم فهي تُسهم بقوة في تحويل الأفكار إلى أفعال، وتُلهم المجتمعات، وتضمن بقاء الإبداع في صميم التقدم البشري. ومن خلال مبادرات مثل “السياسة الوطنية للحفاظ على التراث المعماري الحديث”، والاستراتيجية الوطنية للثقافة والصناعات الإبداعية، والمنصات الجديدة التي تدعم الفنون والملكية الفكرية، نفخر بالاستثمار في منظومة ثقافية مزدهرة للأجيال القادمة.”
وكان من أبرز الفعاليات التي انعقدت خلال اليوم الثاني من القمة، الحوار الوزاري لـ(موندياكولت 2025) الذي نظمته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ودائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، حيث شارك الوزراء الحاضرون في حوار ديناميكي لاستكشاف كيف تُسهم التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي في تشكيل آلية إنتاج الفنون والثقافة واستهلاكها، وتناولوا تأثير ذلك على أصحاب الحقوق والإبداع البشري.
وخلال الحوار، ناقش الوزراء العديد من المواضيع المختلفة، منها: الإثراء الثقافي، والفرص الاقتصادية التي يمكن أن تنشأ عبر الاستفادة من التكنولوجيا، ودور الذكاء الاصطناعي في حماية التراث المادي وغير المادي والحفاظ عليه، والأدوار التي يُمكن أن يقوم بها الشباب في هذا الإطار، وغيرها الكثير. كما شكلت الثقافة جزءًا أساسيًا من النقاشات، التي استكشفت كيف للثقافة أن تلهم أجيال الماضي والحاضر، مع بقائها حجر الأساس لأي مجتمع مُتطلع إلى المستقبل. وأثار الحوار نقاشات رئيسية حول التركيز على شباب اليوم، وتذكر أنهم ليسوا مجرد مستهلكين، بل هم صناع قرار الغد، وبالتالي الحفاظ على حيوية المؤسسات الثقافية.
كما علق معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، خلال الحوار قائلاً: “عندما أطلقنا القمة الثقافية عام2017، كان طموحنا يتمثل في إنشاء منصة في أبوظبي للمنظومة الثقافية والإبداعية العالمية بأكملها. واليوم، يشرفنا أن نشهد تعميق التعاون بين دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي واليونسكو، مع افتتاحنا للحوار الوزاري الثاني في القمة الثقافية. إن وجود وزراء الثقافة هنا في أبوظبي اليوم يبعث برسالة قوية مُفادها أن الثقافة أولوية حيوية للحكومات حول العالم. فهي تتجاوز القطاعات وتتحدث مباشرة عن أجنداتنا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية.”
واختتم معاليه كلمته قائلاً: “معاً، يمكننا تشكيل عالم لا يتم فيه الحفاظ على الثقافة فحسب، بل تمكينها أيضًا من القيادة؛ حيث يتم الاحتفال بالتنوع؛ ويقود الإبداع التنمية المستدامة لشبابنا والأجيال القادمة”.
وباعتبار أن موضوع “الذكاء الاصطناعي” هو أحد العناوين الرئيسية للنقاشات، فقد حاز على الاهتمام الكامل خلال اليومين الأول والثاني من القمة، ففي اليوم الأول، توقع محمد جودت، الكاتب والرئيس التنفيذي السابق للأعمال في “جوجل إكس”، التحديات الهائلة التي سيفرضها الذكاء الاصطناعي، على الرغم من المزايا الكبيرة التي يوفرها، وكيف يمكن لثورة الذكاء الاصطناعي أن تخدم البشرية في عالمنا اليوم. وفي نقاش آخر، شارك فيه كلٌ من لمى حوراني، مصممة المجوهرات الشهيرة، وباولو بيتروسيلي، رئيس دار أوبرا دبي، وديفيد كورينز، المدير الإبداعي والمصمم في استوديو كورينز، تم التطرق إلى أنه ليس بالضرورة أن يتم النظر إلى الذكاء الاصطناعي أو أي شكل آخر من أشكال التكنولوجيا، على أنها قوة سلبية، بل هي قوة قادرة على خلق “ابتكار استثنائي”.
وواصلت القمة في يومها الثاني، المناقشات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، ولكن من منظور متعدد التخصصات بمشاركة شخصيات من الأوساط الأكاديمية والحكومية والعلمية. واستكشف كلٌ من رياض جوقا، مهندس معماري – شبكة هندسة العمارة في الشرق الأوسط؛ وستيفن كينغ، محاضر أول، جامعة ميدلسكس دبي؛ وعماد الدين مسدوا، مدير الشؤون الحكومية لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا – سبوتيفاي؛ والدكتور باتريك نواك، المدير التنفيذي – مؤسسة دبي للمستقبل، كيف يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعزز الإبداع عند استخدامه كأداة لا كبديل، واتفقوا على أنه على الرغم من أنه يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعزز الكفاءة والابتكار بشكل استثنائي، إلا أن الحفاظ على الحكمة البشرية والأصالة أمرٌ أساسي، لتجنب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي وضمان أن يكون مُسرّعًا للإبداع، وليس بديلًا عنه.
وتطرق اليوم الثاني أيضًا إلى أهمية المتاحف والمؤسسات الفنية اليوم. ومن خلال جلسة نقاشية ثاقبة، سُلِّط الضوء على المتاحف والأماكن المشابهة لها كمساحات ديناميكية ذات أهمية مُلِحّة. وتناولت مناقشات ثاقبة أخرى خلال اليوم الموضة والأزياء كقوة فكرية وثقافية، ولماذا ركّز التصميم تقليديًا على الإنسان في حين أننا نتعايش مع عدد لا يُحصى من الكائنات الحية الأخرى، وغير ذلك الكثير.
وتضمنت القمة أيضًا كلمات رئيسية ثرية من سوزان باك مورس كبيرة الأساتذة – مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك وجامعة كورنيل، وجلين دي لوري، مدير متحف ديفيد روكفلر للفن الحديث، والسير ويليام سارجنت، رئيس مجلس إدارة استوديوهات “فريم ستور”، وإياد رهوان، أستاذ ومدير معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية، وغيرهم.
وعلى مدار اليومين، تميّزت القمة بعروض ثقافية غامرة لفنانين بارزين، منهم إبراهيم معلوف، كنان العظمة وكايل سانا، وأنجيليك كيدجو، وقصي المعمري، وعروض الفنون التقليدية العيالة والعازي.
وتستضيف دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي هذه القمة، بمشاركة نخبة من الشركاء …