أبوظبي – الوحدة:
يواصل مركز تريندز للبحوث والاستشارات حضوره الفاعل في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025 بصفته راعيا بلاتينيا، من خلال برنامج حافل بالفعاليات البحثية والفكرية الاستشرافية، ولليوم الرابع على التوالي، يواصل جناح “تريندز” استقطاب جمهور المعرض والمهتمين بالشأنين البحثي والثقافي، للاطلاع على مجموعة واسعة من الإصدارات المتنوعة التي يعرضها المركز.
وقد شهد الجناح زيارات رفيعة المستوى، أبرزها زيارة معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة بدولة الإمارات، يرافقه معالي الدكتور غسان سلامة وزير الثقافة في الجمهورية اللبنانية.
كما زار الجناح معالي الدكتور أنور محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، الذي اطلع على أبرز الكتب والدراسات الحديثة، وتوقف عند الركن التراثي، الذي يعكس قصة اللؤلؤ الإماراتي، مشيداً بجهود المركز في حفظ وتوثيق الموروث الوطني.
كما زار الجناح معالي الدكتور زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الذي أثنى على الدور المعرفي والبحثي الذي يضطلع به “تريندز” في دعم المشهد الثقافي على المستويين الإقليمي والدولي.
وشهد الجناح أيضاً زيارة الشيخ عبدالعزيز بن علي بن راشد النعيمي، الذي تعرف على أبرز الإصدارات الحديثة، مثمناً ثراء المحتوى الذي يقدمه المركز، ومدى مساهمته في تعزيز الفكر والمعرفة.
كما زارت الشيخة ميسون القاسمي جناح المركز، وتعرفت على استراتيجية “تريندز” البحثية، وخدماته المعرفية المتنوعة، وأشادت بمستوى الإصدارات التي تمثل إضافة نوعية للثقافة الإماراتية والعربية.
الثقافة في عصر الذكاء الاصطناعي
إلى ذلك نظم مجلس شباب “تريندز” مائدة مستديرة متميزة بعنوان “إعادة تعريف الثقافة في عصر الذكاء الاصطناعي”، احتضنها جناح المركز بمشاركة أعضاء بمجالس شباب أبوظبي وباحثين من “تريندز”، حيث ناقش المشاركون في الجلسة مجموعة من المحاور الحيوية، أبرزها: كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مفهوم “الثقافة” والقراءة، وما إذا كان يدعم المهارات النقدية والقدرة على التحليل أم يدفع نحو الاعتماد على أدوات جاهزة تقلل من التفكير العميق. كما طرحت الجلسة تساؤلات حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يشجع على القراءة الحقيقية أم يُنتج جيلاً يعتمد على التصفح السريع والملخصات التلقائية من دون فهم معمق.
وأبدى عدد من الشباب المشاركين آراء متنوعة، حيث رأى بعضهم أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة قوية تعزز من فرص التعلم وتوفر إمكانية الوصول إلى كم هائل من المعلومات بسرعة وكفاءة. في المقابل، عبّر آخرون عن قلقهم من أن يتحول هذا الاعتماد إلى تراجع في مهارات التفكير النقدي والاستيعاب العميق للنصوص، مؤكدين أن الثقافة لا تُقاس بعدد الصفحات المقروءة، بل بمدى فهمها وتحليلها.
في محور خاص بالتعليم، ناقشت الجلسة كيفية استجابة المؤسسات التربوية لهذا التحول الرقمي، وضرورة تحديث المناهج لتشمل مهارات “الذكاء الاصطناعي الثقافي”، مثل التحقق من المصادر، والقراءة النقدية، والاستخدام الأخلاقي للأدوات التقنية. وأكد الحضور أهمية بناء توازن بين استخدام التكنولوجيا وتعزيز المهارات الإنسانية الأساسية مثل الإبداع، والتأمل، والكتابة التعبيرية.
كما تطرقت الجلسة إلى الجانب الأخلاقي في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل الانتشار الواسع لتقنيات التلخيص والترجمة والكتابة التلقائية. وناقش الشباب كيف يمكنهم تبني عادات معرفية تضمن بقاءهم مفكرين فاعلين وليسوا مجرد متلقين سلبيين. وبرزت دعوات لتعزيز وعي الشباب حول مخاطر الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي، والتأكيد على أهمية القراءة المتأنية والتحليل المستقل للمعلومات.
واختُتمت الجلسة بتوصيات شبابية دعت إلى إعادة تعريف مفهوم “الثقافة” ليشمل الوعي الرقمي والتفاعل الإبداعي مع التكنولوجيا، من دون التفريط في القيم الأساسية للمعرفة الإنسانية. وأكدت التوصيات أهمية تشجيع منصات القراءة الذكية، وتطوير برامج مدرسية وجامعية تدمج الذكاء الاصطناعي ضمن أطر تعليمية متوازنة ومسؤولة.
إصدارات فكرية جديدة:
وفي سياق الفعاليات المصاحبة، أطلق “تريندز” إصدارين جديدين يضافان إلى رصيده البحثي والفكري: الأول بعنوان: “التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة: إرثٌ ثقافيٌّ ونهجٌ قِيَميٌّ وإطارٌ مؤسسي”، لسعادة عبدالله ماجد آل علي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، ويستعرض النموذج الإماراتي في التسامح، من جذوره التاريخية إلى السياسات المؤسسية الحديثة، محللاً دور القيادة الرشيدة والدبلوماسية الإماراتية في ترسيخ التسامح كقيمة إنسانية ومصدر للقوة الناعمة.
اما الكتاب الثاني فهو: “استشراف مستقبل الإخوان المسلمين”، ويعد الإصدار الرابع عشر من موسوعة جماعة الإخوان المسلمين، ويتناول تحولات الإسلام السياسي بعد “الربيع العربي”، متسائلاً عما إذا كان العالم يشهد “موت الإسلاموية”، أم تحولات بنيوية نحو أشكال جديدة من الحضور السياسي والدعوي.