“مجلس إرثي” يرسّخ مفاهيم الاستدامة والتمكين المجتمعي خلال “أسبوع موسكو للتصميم الداخلي”
الشارقة – الوحدة:
شارك “مجلس إرثي للحرف المعاصرة” في “أسبوع موسكو للتصميم الداخلي 2025” الذي أقيم في الفترة من 22 وحتى 25 مايو الجاري في القاعة المركزية للمعارض “مانيج”، حيث عكست المشاركة التزام المجلس بالحفاظ على التراث والهوية الإماراتية، إلى جانب دعمه للاستدامة وتمكين المرأة، مكرّساً موقعه كقوة فاعلة في رسم ملامح التصميم العالمي.
وتعليقاً على المشاركة، قالت سعادة ريم بن كرم، مدير عام مجلس إرثي للحرف المعاصرة: “بتوجيهات سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس، نعمل في مجلس إرثي للحرف المعاصرة على ترسيخ الحرف اليدوية كأداة استراتيجية لبناء مجتمعات مستدامة، وتعزيز الحوار الثقافي العالمي، ودفع عجلة الابتكار”.
وأضافت: “سعدنا بحفاوة الاستقبال التي حظينا بها من الشعب الروسي، حيث يعكس حماسهم للتفاعل مع مبادراتنا الثقافية المستوحاة من التراث شغفًا مشتركًا بالحوار الثقافي والتميّز الحرفي. وإنه لشرف كبير للمجلس أن نكون من أوائل الجهات العربية التي تشارك في هذا الحدث؛ إذ تعكس التقاء الإبداع المحلي مع الفكر التصميمي العالمي، وتُجسد الأعمال التي قدمناها في موسكو رؤية المجلس للحرفيات كشركاء في صياغة حوار معاصر ينطلق من تراثنا وجذورنا الثقافية نحو آفاق مستقبلية واعدة”.
تراث محلي بحضور عالمي
واستقطب جناح المجلس، بصفته الجناح الوحيد الممثل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، آلاف الزوار والمتخصصين في التصميم خلال أيام المعرض الأربعة، حيث يقدم تجربة بصرية فريدة تجمع بين الحرف الإماراتية المتقنة واللمسات الجمالية المعاصرة. ويضم الجناح مجموعات فنية ناتجة عن تعاون بين حرفيات محليات وإقليميات ومصممين عالميين، شملت أعمالاً أعادت تصور تقنيات “سفّ السعف”، و”تلي” التطريز الدقيق، باستخدام خامات مستدامة مثل المعادن المعاد تدويرها والأصباغ الطبيعية.
وترك الجناح أثراً عميقاً لدى الزوار من خلال تسليطه الضوء على الترابط الوثيق بين الاستدامة والتقاليد، حيث شاهد الحضور كيف تنسجم الصناعات والحرف التقليدية، كالصباغة التي تحافظ على الموارد وحياكة السعف دون نفايات، مع مفاهيم الاستهلاك المسؤول المعاصر. ومن خلال إبراز هذه الحرف كتصاميم فاخرة وذات قيمة مضافة، رسّخ المجلس مكانة التراث كعنصر محوري في الابتكار والتصميم المستدام.
نقاشات فكرية حول التراث والتصميم
وكان لمجلس إرثي للحرف المعاصرة حضور لافت في جلسات النقاش، حيث شاركت سعادة ريم بن كرم في جلسة “الاستثمار في التراث من جديد”، التي جمعتها مع خبراء روس في التراث والمصممين، وتحدثت خلالها عن جهود المجلس في إحياء الحرف من خلال التدريب المهني والشراكات الدولية. وشدّدت بن كرم خلال الجلسة على أن المجلس يتبنى نهجاً متقدماً في إحياء الحرف التراثية، يقوم على تحويلها إلى ممارسات مستدامة ومتطورة، بدلاً من الاكتفاء بالحفاظ عليها؛ مشيرة إلى أن المجلس أطلق شراكات استراتيجية مكّنت الحرفيات من إعادة صياغة الموروث بأساليب عصرية تلائم متطلبات الأسواق الدولية، ما يعزز من قدرة الحرف التقليدية على المنافسة والانتشار عالمياً.
وأشارت سعادة ريم بن كرم إلى نجاح المجلس في خلق فرص اقتصادية مستدامة لأكثر من 1000 امرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، من خلال الربط بين الحرفيات والمصممين من عواصم عالمية مثل لندن وميلانو، ما أتاح تبادل الخبرات وتحقيق توازن بين المهارات المتوارثة واحتياجات السوق المعاصرة. وأكدت أن هذا النموذج مكّن الحرف التقليدية من الاندماج بفاعلية في اقتصادات العالم.
أما في الجلسة الثانية التي حملت عنوان “الطبيعة داخل الجدران”، فتناولت عائشة الهرمودي، رئيسة قسم التسويق في المجلس، برفقة مجموعة من قادة الاستدامة والمصنّعين الدوليين، دور التصميم في تعزيز الممارسات البيئية المسؤولة.
واستعرضت الهرمودي اعتماد المجلس في إنتاجه على خامات محلية مثل ألياف النخيل، وصوف الجِمال، والأصباغ النباتية، مشيرة إلى أن هذه المواد تعكس ارتباطاً عميقاً ببيئة الإمارات وتراثها العريق. وأوضحت أن العلاقة بين الحرفة والبيئة ليست مجرد خيار تصميمي، بل جزء من منظومة ترى في الاستدامة إرثاً متجذراً، لا مجرّد توجه حديث.
وسلطت الهرمودي الضوء على مشروع “بدوة” الذي يستلهم من تقنيات النسيج البدوية تصاميم عصرية للمنزل، تجمع بين تقليل الأثر البيئي والحفاظ على الهوية الثقافية. وتتماشى هذه الرؤية مع التوجه العالمي نحو التصميم الحيوي، مما يعزز مكانة “مجلس إرثي للحرف المعاصرة” كمؤسسة رائدة في الاستدامة ذات الجذور الثقافية.
وترسّخ مشاركة “مجلس إرثي للحرف المعاصرة” في “أسبوع موسكو للتصميم الداخلي 2025” مكانته كمحرك أساسي في حماية التراث الثقافي وتمكين المرأة، وتسليط الضوء على أن الحرف التقليدية، حين تُصاغ برؤية مبتكرة ومعاصرة، قادرة على قيادة التحوّل نحو مستقبل أكثر استدامة وشمولية وتأثيراً.