مرئيات

منتدى المنافسة العربي يعود : نحو إنفاذ فعّال للقوانين وتعزيز الشفافية

بيروت – الوحدة:

تُعدّ سياسات المنافسة حجر الأساس في الاقتصادات المتقدمة والنامية على حدٍّ سواء، حيث تؤدّي دورًا أساسيًا في تعزيز كفاءة الأسواق وتحفيز النمو الاقتصادي. وفي ظل إدراكٍ متزايد لأهمية هذه السياسات، جعلت البلدان العربية منها أداة محورية لتعزيز دينامية الأسواق، وتحسين جودة السلع والخدمات، واستقطاب الاستثمارات، وتشجيع الابتكار. في هذا السياق، انطلقت صباح اليوم أعمال منتدى المنافسة العربي السادس في بغداد، بمشاركة وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى من سلطات المنافسة الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى نخبة من الخبراء والأكاديميين وممثلي القطاع الخاص.

وينظّم هذه النسخة السادسة من المنتدى كلٌّ من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادیة والاجتماعیة لغربي آسیا (الإسكوا) ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمیة (الأونكتاد)، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومجلس شؤون المنافسة ومنع الاحتكار في العراق، تحت عنوان “إنفاذ قوانين المنافسة في المنطقة العربية”.

في كلمة الافتتاح، أشار رئيس هيئة المستشارين في رئاسة الوزراء العراقي عبد الكريم الفيصل إلى دور المنتدى وقال: “تأتي أهمية هذا المنتدى في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي والعربي تحولات متسارعة، خاصة في ظل الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، تفرض تحديات وفرصًا جديدة تستدعي تكييف أطرنا التشريعية والمؤسسية لضمان المنافسة العادلة وحماية المستهلك وتحفيز الابتكار”.

ويشكّل المنتدى، الذي يستمر على مدى يومين، منصة إقليمية لتبادل المعرفة والخبرات بشأن سبل تعزيز إنفاذ قوانين المنافسة، وتسهيل التنسيق والتعاون على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية. وستتمكن سلطات المنافسة من الاستفادة من التجارب الدولية، عبر دراسات الحالة، وتبادل أفضل الممارسات، بما يسهم في تطوير سياساتها وآليات عملها.

هذا وأشارت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي في كلمة مسجلة إلى دور المنتدى الذي أصبح “ملتقى سنويًا يجمع مختلف سلطات المنافسة العربية، ويعكس التزامًا متزايدًا ببناء بيئة تنافسية نزيهة وفعّالة. وما يميّزه حقًا هو روح الشراكة، وإيماننا بأن الأسواق الشفافة والعادلة تؤدي إلى مجتمعات أكثر ازدهارًا وانصافًا”. وقالت: ” في عالم يشهد أزمات جيوسياسية وتقلّبات اقتصادية وتحوّلات في التجارة العالمية، تبرز الحاجة الملحّة إلى تحديث قوانين المنافسة وتعزيز إنفاذها. فالمنافسة لم تعد خيارًا، بل ضرورة لتحقيق نمو شامل وعادل”.

وتشمل موضوعات النقاش الرئيسية في المنتدى مراقبة عمليات الدمج والشراء، لا سيّما العمليات العابرة للحدود وتأثيرها على هياكل الأسواق الإقليمية؛ ودراسات السوق ودورها في الكشف عن الممارسات المناهضة للمنافسة وتعزيز آليات الإنفاذ؛ والتحديات القانونية، بما فيها المعايير والأعباء المتعلقة بالإثبات في قضايا المنافسة. ويهدف المنتدى من خلال هذه الجلسات إلى تمكين هيئات المنافسة من تطوير أطرها المؤسسية، وترسيخ مبادئ الشفافية، وتعزيز بيئة اقتصادية قائمة على التنافسية والاستدامة في الدول العربية.

بدورها، شدّدت الأمينة العامة للأونكتاد ريبيكا غرينسبان في كلمة مسجلة على أهمية التعاون الإقليمي والعالمي لحماية المستهلكين والمؤسسات على حدّ سواء في كافة البلدان. وقالت: “في عالم ترتبط فيه الأسواق بشكل وثيق، لا ينحصر الأداء المناهض للمنافسة ضمن البلد الواحد بل تأثيره عابر للحدود؛ من هنا أهمية تزويد كلّ دولة بالأدوات التي تحتاجها لإنفاذ المنافسة العادلة”.

في السياق نفسه، دعا رئيس مجلس شؤون المنافسة ومنع الاحتكار في العراق الدكتور أحمد يونس قاسم إلى تعزيز تكامل السياسات التنافسية وتبادل التجارب الناجحة والسعي نحو تطوير أطر قانونية وتنظيمية أكثر كفاءة وفعالية، معربًا عن أمله بألّا يكتفي المنتدى بالتوصيات النظرية بل أن يخرج بمبادرات عملية لتحقيق النمو المستدام وتنشيط الأسواق وجذب الاستثمارات وحماية حقوق المستهلكين.

كذلك، نوّه رئيس لجنة المنافسة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بونوا كوريه باعتراف جميع سلطات المنافسة المشاركة في المنتدى بأنّ “المنافسة تؤدي إلى نتائج أفضل للمستهلكين بما في ذلك انخفاض الأسعار وتوافر المنتجات بجودة أعلى وارتفاع الفعالية الاقتصادية وزيادة الإنتاجية وبالتالي حصول نمو أكبر”. وقال: “مطلوب من وكالات المنافسة من حول العالم أن تنخرط أكثر في صياغة سياسات البلد الاقتصادية لتدارك تأثيراتها السلبية المحتملة على المنافسة وسلوك المؤسسات والأداء الاقتصادي”.

وتلت الجلسة الافتتاحية جلسة خاصة بالدور الذي يؤديه الشباب العربي في المنافسة، تمّ خلالها منح الجوائز للفائزين في تحدّي المنافسة الطلّابي، الذي أطلقته الإسكوا بالتعاون مع مجلس شؤون المنافسة ومنع الاحتكار في العراق، بهدف زيادة وعي الطلّاب في العراق وفهمهم لموضوع إنفاذ قوانين المنافسة وانعكاساتها العملية، وإشراكهم في الحوار والأبحاث حول مواضيع المنافسة في المنطقة. وفاز في التحدي فريق من طلاب الجامعة الأمريكية في بغداد، يليه فريق من طلاب جامعة الإسراء الذي حلّ في المركز الثاني، بينما حازت طالبة من جامعة النهرين على المركز الثالث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى