مرئيات

العمر بين الواقع والذكريات..

بقلم : إبراهيم المحجوب – كاتب عراقي

نعيش الحياة وكأننا باقون لمئات السنين يحدوا بنا الأمل ويبعث فينا روح البقاء…لكن الحياة قصيرة مهما كان عدد سنواتها فالإنسان يولد وكأنه ميتاً وبقائه في الحياة مجرد رقم قد كتب فيه عدد الساعات والأيام التي يعيشها…

إذاً لماذا نحزن ونشقى من أجل البحث عن السعادة الأبدية في هذه الدنيا ونحن نعرف المعادلة الوقتية للعمر وندرك جيداً أن لكل بداية نهاية…
كثيراً ما نتعرض في هذه الدنيا لنكسات وأزمات تتركها لنا العقبات المستحيلة في هذه الحياة…

نجلس مع أنفسنا نتأمل ساعاتها.. ماضيها.. حاضرها. والأدهى من كل ذلك مستقبلها ونحن نعرف جيداً أنه من المبهمات المخفية..
نفرح بمجرد حصولنا على مبتغانا وننكسر فجأة ويدخل الحزن في قلوبنا إذا ما انعكست الظروف التي نعيشها وتحولت الى نتائج سلبية…

آمالنا كثيرة ولكن أغلبها من عالم الخيال فمن لا يزرع ويؤمن بحقيقة الواقع لن يحصد من آماله الا الخيبة ويحولها فجأة الى عالم النسيان…

كثيراً ما بكينا من الآلام التي ترافقنا ونحن نعيش مع الأيام والتي تأتينا بأنواع وأشكال ومواقف مختلفة… وأقوى هذه الآلام هو ألم الفراق لأنه يؤدي دوماً الى طرق مغلقة لا يمكن علاجها الا بطريقة واحدة هي طريقة النسيان.. وإذا ما دققنا كثيراً في مفاصل حياتنا التي قضيناها بحلاوتها ومرارتها فان من نعم الخالق على المخلوق هو نعمة النسيان لأنها تعيد برمجة أنفسنا من جديد وبلحظة تهون علينا آلام الفراق فيندمج النسيان بكل عناصره وقوته ويقضي على إحساس موجود في المشاعر العاطفية لتتولد بعدها أنظمة مشاعر جديدة مع حياة وعالم جديد يستطيع تحويل الأمس الى ذكريات وجدانية ولكنها اقل وطأةًّ بمفهومها وتأثيرها ودلالتنا على ذلك هو استمرار الحياة بأفراحها من جديد فكم تمر يومياً سيارات الأعراس من قرب المقابر وهي تحمل أنواع الزينة وفيها كل مظاهر الفرح وتحمل في داخلها أقارب العرسان مبتهجين بعالم فرح جديد بعيداً عن ذكريات وأحزان من في القبور…

هنا تدخل مرحلة العمر بأرقامها الدقيقة فكلما تقدمت تلك. المرحلة تجد أن الآمال قد تغيرت وأصبح الإنسان يبحث عن شيء جديد يجد فيه راحته النفسية قبل كل شيء بعيداً عن التفكير بالمكاسب التي كان يتمناها بأوقات سابقة.. إذاً هنا تتقلص ساعات اختيار المكاسب الدنيوية وبصبح الاختيار أقرب الى الهدوء المادي وتصبح كل المشاريع الماضية مجرد عالم خيالي لا يصلح الا ذكريات أغلبها منسية لأنه لم يتحقق في لحظة معينة ويكون استدراك الذكريات للأحداث الحقيقية التي حدثت في حياتنا ومواقعها الجغرافية والأشخاص الذين عاشوا معنا تلك اللحظات…

هذه هي التركيبة الحقيقية لعمر الإنسان نجمعها في جمل بسيطة:-
(( أحلام طفولة..أعمال جادة…ذكريات….آمال وهمية منقطعة ))…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى