كتبت – نرمين عصام الدين:
وسط صخب الحداثة وتطور الصناعات، يظل التراث حياً في ذاكرة الشعوب بفضل شغف أفراد قرروا الحفاظ عليه. من بين هؤلاء، يبرز طلال العيسائي، شاب عماني يبلغ من العمر 22 عامًا، أعاد الحياة إلى حرفة تقليدية اندثرت منذ سنوات، هي “صناعة الأحبال من ليف النخيل”، وهي حرفة توارثتها الأجيال في كل من الإمارات وسلطنة عمان، خاصة في المناطق الزراعية مثل الفجيرة ورأس الخيمة.
صحيفة الوحدة التقت الحرفي طلال العيسائي، الذي قال إنه نشأ على حب هذه الحرفة منذ طفولته في سلطنة عمان، حين كان يقلد جده وأباه في جمع الليف وفتله وصنع الحبال، موضحًا أنه بدأ ممارستها بشكل منتظم قبل 6 سنوات فقط.
وأضاف “العيسائي” في تصريحات خاصة لصحيفة الوحدة أن أبناء جيله لا يقبلون على تلك الحرفة في وجود بدائل أخرى مع تطور الزمن، موضحا أن يستغرق نحو يومين إلى 3 أيام تبعا للكمية المرغوببة في صناعتها.
وأوضح “العيسائي” أنه شهد جمع الأجداد “الليف” الذي كان يؤخذ من النخيل حتى يُفتل لصنع الحبال التي كانت تعد قديماً عنصراً أساسياً ومهماً في العديد من جوانب الحياة اليومية للأهالي الذين كانوا جميعهم يمارسون هذه المهنة.
ليف النخيل يتكون من مجموعة من ألياف متشابكة بعضها البعض بحيث تتكون منها مادة تشبه النسيج تكون ملتفة حول سعف النخيل، وعند بدء العمل بهذه الحرفة يتوجه صنّاع الحبال إلى شجرة النخل الكبيرة الحجم، لقطع الليف وجمعه، وبعدها يضعونه بالماء لساعات طويلة أو ليلة كاملة حسب حجم الليف، حتى يصبح ليناً وسهل التقطيع، ومن ثم ينظفونه، وينقومون بتجفيفه بوضعه تحت أشعة الشمس لساعات، بعد ذلك يكون جاهزاً لصناعة الحبال.
تبدأ الصناعة بتفكيك الليف إلى أجزاء رفيعة طولية ليتم فتلها بواسطة الكف والقدم ليتم ترطيبها بواسطة الماء، ويعمل منها الحبال حسب الحاجة المطلوبة ووفق استخدامها، وتختلف الحبال في الطول والسماكة حسب الغرض، وفقا لـ”العيسائي”.
وأكد “العيسائي” أن حرفة صناعة الحبال ليست مجرد مهنة، بل تراث مشترك بين الإمارات وسلطنة عمان، حيث كان الرجال والنساء يمارسونها على حد سواء. ويأمل أن يتم تعليمها للأطفال والشباب، لأن “تراث الأجداد يجب أن يبقى حيًا”.
أصبح العيسائي ضيفًا دائمًا في الفعاليات والمهرجانات التراثية التي تُقام في كلا البلدين مشيراً للتذكير بتراث أجدادنا القديم، والحث على مواصلة استخدامه للأجيال القادمة.