روما – الوحدة:
أكد معالي صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة، ومنذ تأسيسها، شقّت مسارها استناداً إلى رؤية فلسفية وإنسانية متقدمة، جعلت من قيم التعايش السلمي، والحوار بين الأديان والثقافات، وتعزيز السلام العالمي، حجر الأساس في بناء الدولة والمجتمع.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها معاليه أمام الجلسة العامة للمؤتمر البرلماني الثاني للحوار بين الأديان، الذي يُعقد حالياً في العاصمة الإيطالية روما، بتنظيم مشترك بين الاتحاد البرلماني الدولي والبرلمان الإيطالي، وبمشاركة واسعة من رؤساء وفود برلمانية من مختلف دول العالم، إلى جانب ممثلين عن المنظمات الدولية والهيئات الدينية ومنظمات المجتمع المدني ، إلى جانب حضور معالي توليا أكسون، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي، ورئيسة الجمعية الوطنية في جمهورية تنزانيا المتحدة، ومعالي لورينزو فونتانا، رئيس مجلس النواب في الجمهورية الإيطالية، ومعالي إغناتسيو لا روسا، رئيس مجلس الشيوخ في الجمهورية الإيطالية.
وضم وفد المجلس الوطني الاتحادي المشارك في المؤتمر كلاً من معالي الدكتور علي راشد النعيمي، وسعادة سعيد راشد العابدي، عضوي المجلس، وسعادة الدكتور عمر عبد الرحمن النعيمي، الأمين العام للمجلس، وسعادة طارق أحمد المرزوقي، الأمين العام المساعد لشؤون رئاسة المجلس.
وأشار معالي صقر غباش في كلمته إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية، التي انطلقت من أرض دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2019، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، شكّلت تحولاً مفاهيمياً في مسار العلاقات بين الأديان والثقافات .
وأضاف معاليه أن الوثيقة لم تكن إعلان نوايا، بل شكّلت إطاراً أخلاقياً وفلسفياً عابراً للعقائد، أسّس لمنظومة عالمية جديدة تعيد الاعتبار لإنسانية الإنسان فوق كل انتماء. كما أنها تمثل ثمرة وعي عميق بحاجة العالم إلى منظومة أخلاقية جديدة، تُحرر الأديان من الاستغلال السياسي، وتضع أرضية مشتركة تؤكد على مبدأ المواطنة المتساوية، واحترام التنوع باعتباره مسؤولية عالمية لا خياراً وطنياً فحسب .
وقال معاليه: “نجتمع اليوم ممثلين عن شعوبنا، التي وإنْ اختلفت لغاتها وثقافاتها ومرجعياتها الدينية، فإنها تلتقي عند مفاصل راسخة من القيم الإنسانية، التي تُعلي من كرامة الإنسان، وتكفل له حرية الاعتقاد، وحق العيش في أمن وسلام “.
وأوضح معاليه أن انعقاد هذا المؤتمر في مدينة روما، التي شكّلت على مدى قرون طويلة أحد أعمدة التاريخ الإنساني، يمثل تأكيداً على مسار حضاري تفاعلت فيه الأمم في ميادين الفكر والسياسة، وازدهرت فيه مفاهيم القانون، والمواطنة، والتعددية .
وتابع معاليه: “إننا من خلال تأكيدنا على أهمية الحوار والتعايش، نُعيد استحضار حقبٍ مضيئة من التاريخ الإنساني، الذي تلاقت فيه الحضارات والثقافات والديانات في بيئات ازدهرت فيها المعرفة والفن والسلام ”
وأشار معاليه إلى أن الاعتراف بالمشترك الإنساني يفرض فهماً أعمق لطبيعة الحوار وأبعاده، ولطبيعة التوترات التي شهدها العالم خلال العقود الأخيرة ومصادرها .
وشدّد معاليه على أن الحوار لا يعني ذوبان الهويات، ولا يستدعي التنازل عن الخصوصيات العقائدية أو الثقافية، بل هو في جوهره احترام للاختلاف، واستثمار في التعددية، من أجل ترسيخ أرضية خصبة لبناء تشاركي مستدام بين الشعوب .
وقال معاليه: خير ما أختتم به كلمتي هو اقتباس من جوهر النداء الإنساني الذي تحمله وثيقة الأخوة الإنسانية، والذي يمكن أن يشكّل خارطة طريق لنا كبرلمانيين في سبيل تحقيق شعار المؤتمر. تقول الوثيقة
نُطالبُ أنفسَنا وقادةَ العالم، وصُنَّاعَ السياساتِ الدوليةِ والاقتصادِ العالمي، بالعملِ جدّياً على نشرِ ثقافةِ التسامحِ والتعايشِ والسلام، والتدخّلِ فوراً لإيقافِ سيلِ الدماءِ البريئة، ووقفِ ما يشهدهُ العالمُ حالياً من حروبٍ وصراعاتٍ وتراجعٍ مناخيٍّ، وانحدارٍ ثقافيٍّ وأخلاقيٍّ .
كما توجه الوثيقة نداءً إلى المفكرين، والفلاسفة، ورجال الدين، والفنانين، والإعلاميين، والمبدعين في كل مكان، ليُعيدوا اكتشاف قيم السلام، والعدل، والخير، والأخوة الإنسانية، والعيش المشترك، وليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، ويسعوا في نشر هذه القيم بين الناس في كل مكان .