الشارقة – الوحدة:
أكّدَت مجلّة مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، في عددها السادس عشر، على مركزيّة اللّغة العربيّة بوصْفها لغة القرآن الكريم، وهويّة الأمَّة العربيّة. حيث توقَّفَت المجلّة عند التّحوُّلات الّتي تشهدُها العربيّة في الواقع التّعليميّ العالميّ، في ظلّ تزايد الإقبال على تعلُّمها في أوروبا وآسيا وأمريكا اللّاتينيّة، بينما يستمرّ اعتمادُ المناهج التّقليديّة في عمليّة تعليم العربيّة لغير النّاطقين بها، تلك المناهج الّتي تفتقر إلى مقارَبات تراعي الخصوصيّات الثّقافيّة واللّغويّة للّغة العربيّة.
كما حفلَ العدد الجديدُ من المجلّة بملفّات علميّة متنوّعة، جمعَت بين البحث في علوم اللّغة والمعجميّات، إلى جانب دراسات في النّحو واللّسانيات الوظيفيّة، وسير أعلام العربيّة، ونصوص أدبيّة ونقديّة تواكب تطلُّعات المجمع في ترسيخ مكانة العربيّة علميًّا وفكريًّا.
وجاءَت افتتاحيّةُ العدد بقلَم الدّكتور امحمَّد صافي المستغانميّ، الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، تحت عنوان “في وصْف المقام المحمَّديّ… وقفات مع أخلاقه وشمائله صلّى الله عليه وسلّم”، حيث سجّل المستغانميّ تأمُّلات وجْدانيّة ولغويّة عن عظَمة شخصيّة النّبيّ الكريم عليه أفضل السّلام وأتمّ التّسليم. وفي باب “نظرات في البيان القرآنيّ”، تناولت الباحثة د. أسماء محمَّد دراسةً بعنوان “الرّسْم العثمانيّ: تعريفُه وآراء العلماء فيه”.
وفي مقال “الإحالة الضميريّة وأثرها في تأويل الخطاب القرآنيّ”، قدّم الباحث د. عبد العالي محجوبي تحليلًا لظاهرة الإحالة في التّفسير، موضِّحًا كيف اعتمدَ الإمام ابنُ عطيّة الأندلسيّ على الضّمير كعُنصر تأويليّ يربط بين الألفاظ والمعاني. كما توقّف الباحث محمّد الشّيخ عند ظاهرة “التّصريح باسْمِ النّبيّ محمَّد صلّى الله عليه وسلّم في خمسة مواضِع فقط من القرآن الكريم”. أمّا الدّكتور عادل الروينيّ فتناولَ دلالة حرف الفاء في السّياقات التّشريعيّة.
وَمضات لغويّة ومعجميّة
وفي باب “لغويّات”، سلَّطَ د. الكتانيّ حميد الضّوء على الأبعاد الدّلاليّة لـ”الحال في اللّغة العربيّة”. كما ناقشَ د. جواد عامر “تشريح الكلمة العربيّة: دراسة مورفولوجيّة لتفاعلات الأجزاء في ضوء الأبوفونيا”، من خلال الحديث عن التّحوّلات الصّوتيّة والدّلاليّة الّتي تطرَأ على الكلمة العربيّة عبْر تقاليب الجذور.
وفي دراسة بعنوان “لمحات لغويّة حول الدّعاء في العربيّة”، قدّمَ د. صفوت السّيّد قراءَةً في الأساليب اللّغويّة لصيَغ الدّعاء في التّراث العربيّ. وتحت باب “معجميّات”، عرَضَ د. محمود حلمي دراسة بعنوان “دور المعاجم اللّغويّة في حفظ الألفاظ القرآنيّة والنّبويّة وتفسيرها”.
وناقشَ د. أيمن الطّيّب نجي “التّعريف في المعجَم العربيّ: المُنْجِد والوَسيط أُنموذَجًا”. وكتبَ د. مولاي عبد المالك دراسَةً عن الجذر (ق ن ن)، بيّنَ فيها ثَراء الدّلالات الّتي يحملها وتطوّرها عبْر العصور والنّصوص. وفي زاوية “من العامّيّ الفصيح”، توقّفَت المجلّة عند كلمة “يتنَحْنَح”، وأصلِها الفصيح.
دراسات ومقالات نقْديّة
أمّا في باب “كتب ودراسات”، فاحتَفى العددُ بدراسة د. سعيد الفلاق، الّتي بعنوان “أبو تمّام في مرآة النَّقْد الإخباريّ: قراءة في كتاب «أخبار أبي تمّام» لأبي بكر الصّوليّ”، إضافة إلى دراسة “بلاغة السَّرْد في قصص القرآن الكريم”، الّتي خطَّها قلَمُ الباحثة هبة هشام، حيث استعرضَت من خلالها الكتابَ الفائز بجائزة الشّارقة للدّراسات اللّغويّة والمعجميّة، للكاتب مصطفى رجوان.
وفي سياق متَّصل، يضمُّ العددُ مجموعةً من المقالات الأدبيّة والنّقديّة والسّيَر الذّاتيّة الّتي ترصد تجارِب فكريّة وتعرِّف بشخصيّات بارزة في ميدان اللّغة والأدب، إلى جانب موضوعات متنوّعة، مثل: “جنس المقامة بين الزّمخشريّ والهمذانيّ”، و”الحنين إلى الأماكن المقدَّسة في شعر الحاجريّ”، وغيرها. وتحت عنوان “مقالات”، قدَّمَ العدد مقالًا حول “العلاقة بين عمارة الخدمات وعمارة اللّغة”، بينما تناولَ مقال آخر قضيّةَ “اللّغة العربيّة الفصحى: لغة المنطق السّليم والفكْر المركّز”.