الأسواق الأمريكية تنتعش مع تراجع التوترات الجيوسياسية: النفط يهبط والذهب يتراجع
تقرير : فيجاي فاليشا – المدير التنفيذي للاستثمار في سنشري فاينانشال
الأسواق الأمريكية
ارتفعت الأسهم الأمريكية في التعاملات المبكرة يوم الثلاثاء بعد أن أكّد الرئيس دونالد ترامب دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ رسمياً. وصعد مؤشر داو جونز بنسبة 0.65%، بينما سجّل ستاندرد آند بورز 500 وناسداك 100 مكاسب بلغت 0.79% و1.06% على التوالي. وواصلت الأسواق ارتفاعها مع تراجع أسعار النفط بأكثر من 3%، مما أدى إلى انحسار علاوة المخاطر المرتبطة بالحرب والتي انعكست على الأسواق في الأسبوع الماضي.
وكانت الأسهم قد مددت مكاسبها يوم الاثنين، حيث صعد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.96%، مُشكّلاً شمعة “الابتلاع الصاعد” (bullish engulfing) على الرسم البياني اليومي، وذلك رغم محاولة الانتقام الفاشلة من إيران ضد قاعدة أمريكية في قطر، دون تسجيل إصابات. في المقابل، أغلق خام غرب تكساس الوسيط على تراجع بأكثر من 7%. ويعكس هذا الأداء تفاؤل المستثمرين بانحسار التوترات الجيوسياسية. وتتجه الأنظار الآن نحو شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونغرس، حيث قد تتضمّن إشارات جديدة حول توقيت خفض أسعار الفائدة، وسط تصاعد الضغوط من البيت الأبيض.
تبدأ الأسواق الأمريكية الأسبوع بزخم قوي، حيث نجح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في اختراق نطاق تداوله الضيق الذي استمر 10 جلسات بحدود 100 نقطة. ويتداول المؤشر حالياً عند 6,088 نقطة، مرتفعاً بنسبة 1% خلال اليوم، وأعلى من مستوى المقاومة السابق عند 6,055، والذي أصبح الآن دعماً قريب المدى. هذا الاختراق يشير إلى زخم اتجاهي جديد، مع استهداف المشترين للمقاومة النفسية التالية عند 6,100، تليها القمة التاريخية عند 6,148. ويبلغ مؤشر القوة النسبية (RSI) على الإطار اليومي 60، مما يعكس سيطرة المشترين دون الوصول إلى منطقة التشبع الشرائي، مما يترك المجال مفتوحاً لمزيد من الصعود.
مؤشر الدولار
تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.4% في جلسة الأمس ليغلق عند 98.35، نتيجة تزايد شهية المخاطرة بعد إعلان الرئيس ترامب عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، منهياً بذلك نزاعاً استمر 12 يوماً، وأوقف الارتفاع الأخير للدولار المدفوع بطلبات الملاذ الآمن. وفي جلسة اليوم، يواجه المؤشر ضغوطاً إضافية هابطة، تكاد تمحو جميع المكاسب المحققة منذ 13 يونيو. في المقابل، تمكن زوج اليورو/الدولار من استعادة مستوى 1.16، مستفيداً من تراجع أسعار النفط، بالنظر لاعتماد منطقة اليورو الكبير على واردات الطاقة. كما ساهمت تصريحات كل من عضو مجلس الاحتياطي كريستوفر والر ونائبة رئيس المجلس للإشراف ميشيل بومان، والتي أبدت استعداداً لدعم خفض سعر الفائدة في يوليو إذا استقرت معدلات التضخم، في زيادة الضغط الهبوطي على الدولار.
وتراجع المؤشر اليوم بنسبة 0.3% إلى أدنى مستوى له في أسبوع عند 98، ليكسر دون المتوسطين المتحركين لـ9 و21 يوماً، البالغين 98.41 و98.82 على التوالي. ويُظهر مؤشر القوة النسبية على الإطار اليومي ضعفاً في الزخم، بعد كسره لمستوى 50. وعلى الإطار الزمني لأربع ساعات، يشير التحليل الفني إلى وجود دعم عند مستوى 98.00، يليه 97.80، بينما تظهر مقاومة قوية عند 99.30.
النفط الخام
أدى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إلى تراجع حاد في أسعار النفط يوم الثلاثاء، حيث هبط خام غرب تكساس بنسبة 9.13%، مع انحسار المخاوف من تعطل الإمدادات. وبانتهاء التهديد الفوري الذي كان يُخيّم على مضيق هرمز الحيوي، انخفض الخام بنسبة 3% إضافية اليوم. ويبدو أن علاوة المخاطر التي تم تسعيرها في السوق الأسبوع الماضي آخذة في التلاشي بالكامل.
وعلى الرسم البياني للساعة، شكّل خام غرب تكساس نموذج “العلم الهابط”، والذي يُعد إشارة فنية لاستمرار الاتجاه النزولي. وتتراوح الأسعار حالياً حول مستوى الدعم المحوري عند 66.94 دولار، وهو مستوى أفقي ويمثل تقاطعاً مع خط الاتجاه الصاعد الممتد منذ قاع 5 مايو، ما يُضفي عليه أهمية فنية متزايدة. وفي حال الكسر الحاسم لهذا المستوى، فقد نشهد تراجعات إضافية نحو الدعم التالي عند 64.57. أما في الاتجاه الصاعد، فيُشكل المتوسط المتحرك لـ200 يوم عند 68.99 دولار أولى مستويات المقاومة أمام أي ارتداد محتمل.
الذهب
شكّل الذهب شمعتين من نوع “دوجي” يومي الجمعة والاثنين، قبل أن يتراجع اليوم بأكثر من 1.34% خلال الجلسة الآسيوية، متأثراً بإعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل. ويشهد الذهب الآن اختراقاً هبوطياً لخط الاتجاه الصاعد الذي ارتكز عليه في جلسات 15 مايو و9، 10، 11 و18 يونيو.
وعلى الإطار الزمني اليومي، افتتح الذهب دون المتوسط المتحرك لـ9 أيام للجلسة الثالثة على التوالي، ويقع الدعم الفوري عند المتوسط المتحرك لـ50 يوماً عند 3,315 دولار. كسر هذا المستوى قد يفتح المجال لمزيد من التراجع نحو 3,300، وهو مستوى نفسي، ثم 3,280 حيث يقع المتوسط المتحرك الأسي لـ50 يوماً. ومع ذلك، قد تظل الخسائر محدودة، في ظل الزيادة المطّردة في حيازة الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، والتي تعكس تفاؤل بعض المستثمرين بحدوث ارتداد في سعر المعدن الثمين خلال الأسابيع المقبلة. وقد ارتفعت هذه الحيازات بنسبة 9% منذ بداية العام، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2023، مدفوعة بأربعة أسابيع متتالية من صافي التدفقات الداخلة.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، شهدت المنطقة تصعيداً كبيراً بعد أن هاجمت الولايات المتحدة منشآت نووية في إيران، وردّت طهران بضرب قاعدة عسكرية أمريكية في قطر، إلا أن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار خفّف الضغط الجيوسياسي على الذهب.
وينتظر المستثمرون بشغف شهادة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول نصف السنوية، إلى جانب صدور مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي في وقت لاحق اليوم.