كامبريدج- ماساتشوستس – الوحدة:
أعلنت عيادة جميل، المركز الرائد للذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي وشركة التكنولوجيا الحيوية ريكرجن، اليوم عن إطلاق نموذج بولتز-2 الجديد للذكاء الاصطناعي، والذي من شأنه إحداث نقلة نوعية في سرعة ودقة اكتشاف الأدوية.
ويفتح نموذج بولتز-2 آفاقاً جديدة، حيث يجمع بين نماذج البنية وقوة الارتباط، ما يمثل معياراً رئيسياً في مجال تطوير الأدوية الجزيئية البسيطة.
نقلة نوعية في مجال تطوير الأدوية الجزيئية البسيطة
يستند بولتز-2 إلى نجاح النسخة السابقة بولتز-1، وهو نموذج رائد تم إطلاقه لأول مرة في عام 2024 ويتميز بقدرته على تحديد بُنى البروتين، ويشتمل النموذج الجديد على ميزة جديدة تتمثل في توفير تنبؤات دقيقة حول مدى قوة ارتباط جزيء الدواء بالبروتين المستهدف، وهو ما يلعب دوراً رئيسياً في تحديد مستوى فعاليته.
ومن خلال ذلك، يقوم بولتز-2 بمعالجة أحد أكثر التحديات تعقيداً في المراحل المبكرة من عمليات تطوير الأدوية.
وتم تدريب وحدة قوة الارتباط في بولتز-2 على ملايين القياسات المخبرية الحقيقية التي توضح مدى ارتباط الجزيئات المختلفة بالبروتينات.
ونتيجةً لذلك، أصبح بإمكان نموذج بولتز-2 الآن توقع قوة الارتباط بدقة غير مسبوقة، وذلك عبر عدد من المعايير التي تعكس مراحل مختلفة من عمليات اكتشاف الأدوية في العالم الحقيقي.
ويقدم بولتز-2 تنبؤات مشابهة وبسرعة قد تصل إلى 1000 ضعف لتلك التي تنتجها محاكاة اضطراب الطاقة الحرة الفيزيائية (وهي محاكاة حاسوبية دقيقة تتنبأ بمدى قوة ثبات الدواء على الجسم المستهدف، وقد تستغرق العملية يوماً كاملاً لإجراء اختبار واحد حتى مع استخدام وحدة معالجة الرسوميات). ويعدّ نموذج التعلم العميق هذا الأول من نوعه الذي يتسم بهذه الدرجة من الدقة.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال سارو باسارو، الباحث في عيادة جميل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والرئيس المشارك لمشروع بولتز-2: “يمثل إطلاق هذا المشروع خطوة هامة في مسيرة اكتشاف الأدوية الجزيئية البسيطة، والتي تشهد تأخراً بالمقارنة مع التطورات السريعة في علم الأحياء وهندسة البروتينات”.
وقال: “ساهمت نماذج مثل ألفا فولد وبولتز-1 في إحداث نقلة نوعية في التصميم الحاسوبي للأجسام المضادة والعلاجات القائمة على البروتين، إلا أنها لم توفر نتائج محسنة كهذه، والتي تتمثل في تعزيز قدرتنا على فحص الجزيئات البسيطة التي تشكل الغالبية العظمى من الأدوية في خط الإنتاج العالمي”.
وأضاف: “يقوم نموذج بولتز-2 بسد هذه الثغرة بشكل مباشر من خلال تقديم تنبؤات دقيقة لمدى قوة الارتباط، والتي تساهم في الحد بشكل كبير من تكلفة ووقت الفحص في المراحل المبكرة”.
وبدوره، قال جابرييل كورسو، طالب الدكتوراه في مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وباحث رئيسي في مشروعي بولتز-1 و2: “يرتقي هذا الأداء المعزز بنموذج بولتز-2 ليتحول من مجرد أداة بحثية إلى محرك عملي لتطوير الأدوية في العالم الحقيقي”.
وأضاف: “يمكن للعلماء الآن إجراء الفحوصات على مكتبات كيميائية ضخمة ضمن الإطار الزمني ذاته بدلاً من قضاء وقت طويل في محاكاة التفاعل بين جزيء واحد والجسم المستهدف، مما يساعد فرق المراحل المبكرة على منح الأولوية للمركّبات الواعدة فقط لإجراء الفحوصات المخبرية عليها”.
نموذج محسن ومفتوح المصدر لتعزيز البحوث الطبية
يقدم نموذج بولتز-2 ميزة بولتز-ستيرينج الجديدة، التي تعمل على تحسين تنبؤات البنية الجزيئية وجعلها أكثر واقعية، ما يتيح للباحثين توجيه النموذج باستخدام البيانات التجريبية أو البُنى التمثيلية أو أهداف التصميم، والذي يمنحهم بدوره قدرة أكبر على التحكم والتخصيص أثناء بحثهم عن علاجات جديدة.
ومن المقرر أن يتم إطلاق بولتز-2 كنموذج مفتوح المصدر بالكامل بترخيص من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بما في ذلك النص البرمجي والأوزان والبيانات التدريبية، مما يتيح للباحثين في جميع أنحاء العالم إمكانية الوصول إلى قدراته والاستفادة منها.
تقدم غير مسبوق لعيادة جميل ومختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
يمثل النموذج الجديد إنجازاً مهماً في مسيرة البرنامج البحثي الطموح الذي أطلقته كل من عيادة جميل ومختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بداية عام 2023.
وعمل الفريق على تطوير نظام تعلم آلي قادر على فهم طريقة وأسباب تفاعل الجزيئات ومدى احتمالية ارتباطها ببعضها البعض، إضافة للتنبؤ بالشكل ثلاثي الأبعاد للبروتينات، مثل ألفا فولد.
ويعد هذا الفهم العميق ضرورياً لإنتاج علاجات جديدة فعالة، وخصوصاً للأمراض التي يسببها خلل وظيفي جزيئي.
وكان نموذج بولتز-1 أول نتيجة لهذه الجهود، وتم إطلاقه في عام 2024 كبديل سريع وسهل الوصول لنموذج ألفا فولد 3، وسرعان ما أصبح الأداة مفتوحة المصدر الأكثر اعتماداً من نوعها، حيث استخدمه آلاف العلماء في مختلف الأوساط الأكاديمية وشركات التكنولوجيا الحيوية الناشئة وشركات الأدوية.
ويؤكد ذلك أن النماذج المفتوحة والقابلة للتفسير يمكن أن تنافس أقوى النماذج في هذا المجال.
ويساعد بولتز-2 فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على بدء مرحلة جديدة في اكتشاف الأدوية الجزيئية البسيطة، والذي يعد مجالاً متأخراً عن علم الأحياء وهندسة البروتينات فيما يتعلق بالأدوات الحاسوبية.
ويمثل بولتز-2 أحدث إضافات محفظة عيادة جميل المتنامية من الأدوات مفتوحة المصدر في قطاع الرعاية الصحية، والتي تم تطويرها من خلال الجمع بين الذكاء الاصطناعي والطب، وهو ما يعد جزءاً من رسالة عيادة جميل المتمثلة في إتاحة الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة لمعالجة التحديات الصحية الأكثر إلحاحاً في العالم.
ويشتمل الفريق على ريجينا بارزيلاي، رئيسة هيئة التدريس في الذكاء الاصطناعي في عيادة جميل بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ والأستاذ تومي جاكولا، الباحث الرئيسي في مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ وطالبَي الدكتوراه جابرييل كورسو وجيريمي وولويند؛ وسارو باسارو، الباحث في عيادة جميل بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ بالإضافة إلى عدد من الشركاء من شركة ريكرجن.