مدينة غزة -(رويترز):
كان سليمان العبيد المعروف باسم “بيليه” كرة القدم الفلسطينية يأمل في مواصلة تسجيل الأهداف حتى بلوغه سن الخمسين. لكن أسرته قالت إن قذيفة دبابة إسرائيلية أنهت ذلك الحلم قبل أوانه بعشر سنوات حين لقي حتفه الأسبوع الماضي بينما كان ينتظر في طابور بجنوب غزة للحصول على الطعام.
وتحتفظ دعاء العبيد أرملة اللاعب الراحل بالقميص رقم 10 الذي كان يرتديه مع نادي خدمات الشاطئ في غزة، وهو أحد التذكارات القليلة التي تحتفظ بها من زوجها الراحل الذي لم يتجاوز عمره 41 عاما.
وقالت دعاء دامعة “هذا من ريحة سليمان، الشهيد.. من ريحة الغالي.. من ريحة البطل، اللي راح يجيب أكل لولاده واستشهد. هذا أغلى حاجة ضلت (بقيت) من وراه”.
ولا تملك دعاء وأطفالها الخمسة سوى القليل من ممتلكات العبيد، الذي دُمّر منزله في قصف سابق هذا العام. ويعيشون الآن في خيمة بين أنقاض أحد أحياء مدينة غزة.
تصدر العبيد، الذي شبّهه المشجعون بالأسطورة البرازيلي بيليه لمهاراته وأهدافه، عناوين الصحف الأسبوع الماضي بعد أن انتقد مهاجم ليفربول محمد صلاح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) لعدم الإشارة إلى سبب موت العبيد في نعيه للاعب. وأعاد صلاح نشر ما كتبه الاتحاد الأوروبي مرفقا بتساؤل يحمل انتقادا “هل يمكنكم أن تخبرونا كيف مات وأين ولماذا؟”.
وقال الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إن العبيد قُتل في هجوم شنه الجيش الإسرائيلي جنوب غزة في أثناء انتظاره استلام مساعدات من إحدى نقاط التوزيع.
وقالت عائلته إن قذيفة دبابة هي التي أودت بحياته.
وردا على منشور صلاح على إكس، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني: “مرحبا محمد، لم نعثر بعد مراجعة أولية على أي سجلات لأي حوادث تتعلق بسليمان العبيد. وللتدقيق أكثر، نحتاج إلى مزيد من التفاصيل”.
كان العبيد، الذي لعب للمنتخب الوطني الفلسطيني، لا يزال يلعب لناديه في غزة عندما اندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في أكتوبر تشرين الأول 2023.
وكانت حماس قد نفذت هجوما على بلدات وقرى إسرائيلية أدى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص. وردا على ذلك، شنت إسرائيل حملة عسكرية على قطاع غزة حصدت أرواح نحو 61 ألف فلسطيني حتى الآن وألحقت دمارا هائلا بالقطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة.
وسقط معظم القتلى جراء الغارات الجوية وقذائف المدفعية ونيران الأسلحة، لكن عددا متزايدا يموت جوعا.
* هذا اللاعب غزال
قالت أرملته دعاء إن العبيد استمر في اللعب وسط المصاعب.
وأضافت “كان يروح يتمرن، مكانش يوقف ولا يوم كان يوقف. في أزمة الحرب هادي وفي عز الصواريخ وعز الضرب الإبادة الجماعية هادي كان يروح يلعب، كان يلملم صحابه وحبايبه ويروح يلعب معهم”.
وقالت ابنته إيناس عن علاقته بكرة القدم “عشق.. عارف يعني إيه عشق.. كان يعشقها. بس واحد يجي يقوله تعالى العب معي كورة ينط نط، يقولنا بدي أطلع ألعب كورة. يطلع يجينا آخرة النهار، يجينا مبسوط، نسأله حطيت جول يقول حطيت اجوال مش جول.. كان يخلينا نفرح فيه.. ننبسط”.
ويقول الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إن مئات الرياضيين والمسؤولين بمجال الرياضة بين القتلى جراء الهجوم الإسرائيلي الذي دمر معظم المنشآت الرياضية.
ويقول مشجعو كرة القدم الفلسطينيون إنهم لن يركزوا على وفاة عبيد العنيفة، وإنما على إرثه.
وقال حسن بلعاوي، وهو حلاق في مدينة غزة، “سليمان حاجة كبيرة عندنا كأبناء مخيم الشاطئ.. أطفال المخيم بيزعقوا (يطلقوا) عليه (اللاعب الفرنسي الشهير تييري) هنري وبيليه فلسطين”.
وأضاف “هذا اللاعب يعني غزال.. عارف إيش معني غزال. يعني لما كان ينزل الملعب كنا نتمتع فيه، وفلسطين كانت تتمتع فيه”.