مرئيات

رحلة إلى جبال الشراة الأردنية

استرجاع الذكريات حالة نفسية رائعة ومؤنسة ولذيذة   

والكتابة فيها والقراءة عنها من الحالات الإستثنائية للروح

أول زيارة لي إلى العقبة الأردنية في 1993 يوم كانت العقبة مجرد بلدة صغيرة

وبيوتات وأكشاك خشبية للصيادين العقباويين تأملت المكان ووجدتهم

في أنس وحبور وسعادة في الصدور وبينهم بهلولا يدور بفكاهة وظرافة

لمن صوبهم يزور , فكان البهلول عيارا ذو قامة قصيرة يحتال عليك من

أجل قروشا ونيرة , فتمنحه دينارا ويذهب عنك وفي هيئة أخرى يعود

شاحدا منك النقود , وحالفا لك بأنه أبكما وأطرما وأصم.

تلك مواقف طريفة على الشاطئ الجميل وبعدها باتجاه طريق معان دلفت يســارا   على طريق الوهيدة أيــــــل أخترقت جبال أيل غربا في طريق وعر ولعين

متعرج المسالك محفوفا بالمخاطر خال من الحيـاة وندرة العابرين فيــه خارطتي دليلي ومؤنستي وأغنيات الفنان علي بن روغه وصداهــــا يتردد على مخيلتي  بذكريات الحب والشوق والعشق لمن كان ومضى ولمن أتى في حديث العهد وفي

القلب باق ونهفو اليه بشوقنا وحنينا وصبابتنا وجروحنا الولهى عليه.

من علو الشارع الشاهق إلى هور الوادي رأيت بيوت الشعر المتناثرة وقطعان الحلال  والبساط الأخضر الربيعي والنوار المزهر بالحب وضحكات الحياة

فتبشبش قلبي وأبتسمت روحي ودلفت هابطا للوادي وواقفا بجانب بيت

( أمخومس من الشعر) وواجهني الرجال النشاما من البدو الكرام  مهللين مرحبين

ياهلا ياهلا بضيف أرحمان أقلط للشق.

وماهي إلا ثوان حتى جددت القهوة ودار الحديث وذبح الخروف وشبت النار الوقت عصرا والشمس توارت خلف جبال الشراة.

ودار السمر وأسردت الحكايا مع من حضر من جيران المعزب الغانم وعند العشاء

وقف المعزب يهلي ويرحب ويدير شراب اللبن على صدر المنسف وطال الليل  سامره وأصبحت باكرا وذعذاع النسيم البارد يداعب صفحات الوجه فتشعر بقشعريرة الماء المثلج.وأتت دلال القهوة ( الصفرية ) بقهوتها السمراء وصب لي الرجل الفنجان وراء الفنجان حتى طلبت منه أن أتقهوى بنفسي أبى وحلف إلا أن يقهويني بنفسه.

حضر الخبز الساخن والزبد اللذيذ وحليب الأغنام  والسمن والقشدة والجبن  والعســــل .أخجلني ذلك  الكرم الحاتمي البدوي  الأصيــل لأولئك العرب الأكارم.

عند الوداع لم أجد (( الا البشت ))،عبـــاتي السوداء المذهبة بالخيوط النجدية وبالزري الهندي الفاخر أقدمها لذلك المعــزب الغانم الوقــــور هدية عربون صداقة  وأعتزاز.واستكملت الرحلة إلى وادي موسى  والبتراء والطفيلة والكرك والقصر

ووادي الموجب ومليح ومادبـــا حتى عمــــان الحبيبة القمراء.

هي ذكريات وشجن جميــــل خالدا  في  الذاكره.

بقلم الشاعر والكاتب أنور بن حمدان الزعابي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى