اعلاميون ومثقفون :الحراك الثقافي الإماراتي يشهد نشاطا لافتا عبر المنصات التفاعلية

وام/ شكلت المنصات التفاعلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي حافزا لبعض المؤسسات الثقافية لمواصلة نشاطها الأدبي مما انعكس بشكل إيجابي على الحراك الثقافي في دولة الامارات العربية المتحدة الذي يشهد حالة استثنائية لاسيما بعد تطبيق نظام التباعد الاجتماعي .

وفي هذه الآونة نشهد ارتفاع عدد المحاضرات وورش العمل والندوات عبر المنصات المختلفة على شبكة الانترنت حيث تشهد اقبالا كبيرا من شتى فئات المجتمع واعتبرها البعض فرصة ذهبية لاعادة النظر في الاهتمامات وكيفية إدارة الوقت بطريقة إيجابية.. وفي هذا السياق استطلعت وكالة انباء الامارات آراء عدد من المثقفين والاكاديميين والخبراء حول هذا الموضوع .

وقال الإعلامي علي عبيد الهاملي عضو مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي أن ظروف التباعد التي فرضتها الأوضاع الراهنة على كل مناحي الحياة ليس في دولة الإمارات فقط،وإنما في أنحاء الكرة الأرضية كلها قد أوجدت واقعا جديدا ، وخلقت تحديا أمام كل فئات المجتمع، والمؤسسات الثقافية جزء من نسيج المجتمع الذي تأثر بهذا الواقع. لهذا كان لزاما على القائمين على هذه المؤسسات إن يستفيدوا من التقدم التكنولوجي الذي أحرزته هذه البشرية التي تقف اليوم أمام تحد جديد ومختلف يستوجب التصدي له، فكان اللجوء إلى المنصات التفاعلية هو الحل، كي لا ينقطع حبل التواصل الثقافي.

وأشار الهاملي الى تجربة ندوة الثقافة والعلوم بدبي وقال انها تجربة مميزة وجميلة ،حيث نظم الاسبوع الماضي صالون القراءة في الندوة جلسة تفاعلية عن بعد، ناقش خلالها رواية “المعطف” للروائي الروسي الشهير نيكولاي غوغول ،لا أبالغ حين أقول إن حرارة النقاش وحماس الذين شاركوا في جلسة القراءة عن بعد أشعرتهم أنهم يلتقون في قاعة الندوة التي اعتادوا أن يلتقوا فيها لمناقشة الروايات والكتب التي كانوا يناقشونها على مدى السنوات الماضية.

وأضاف الهاملي : ومع هذا لا أقول إن المنصات التفاعلية بديلا مفضلا للقاءات المباشرة، ذلك أن اللقاءات المباشرة تحمل من الحميمية والتواصل الإنساني ما لا تحمله اللقاءات عبر المنصات التفاعلية عن بعد، ولكنها هي الحل عندما تحول الظروف دون اللقاءات المباشرة، ولعلها تحمل من المزايا حماس البعض ممن يستصعبون الانتقال إلى أماكن الجلسات للمشاركة. بل لعلها تقرب مسافات عقد هذه اللقاءات، وهو ما تحقق بالاتفاق على عقد الجلسة الثانية لقراءة رواية “حدائق الرئيس” للكاتب العراقي محسن الرملي هذا الأسبوع.

واعتبر علي عبيد الهاملي انه من إيجابيات المنصات التفاعلية أنها قد تتيح لنا مشاركة كتاب الروايات والكتب التي نناقشها عن بعد في جلسات المناقشة، كما أنها تتيح لنا إقامة محاضرات وتنظيم ندوات عن بعد عندما تضطرنا الظروف، كما يحدث حاليا، إلى ذلك، ولكن يظل التواصل الإنساني المباشر، في رأيي، هو الأفضلوهو الأكثر حميمية وتأثيرا وقدرة على إيصال الرسائل، وترك الأثر المطلوب على المتحاورين.

وبدورها اعتبرت الدكتورة نسرين مراد أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الإمارات ان هناك بعض المتغيرات التي أثرت وبشكل إيجابي على عقد هذه الفعاليات وايضا على الحضور الافتراضي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الجمهور. يجب أن نضع في اعتبارا انه قبل انتشار فيروس الكورونا واضافت في هذا السياق “كنا نشتكي من عدم او قلة الحضور لهذه الفعاليات، وكانت هناك أسباب ومبررات لهذا منها اولا العمل ، اما الآن فمعظم الناس تحت الحظر المنزلي وبالتالي مبررات زحمة العمل ومواعيد الشغل سقطت.

واكدت الدكتورة نسرين ان بعد المسافة والسفر لحضور ندوة كان يؤثر على الكثيرين فعلى سبيل المثال قد تكون الندوة في دبي أو أبوظبي او اية إمارة أخرى او حتى اية دولة أخرى ويصعب على البعض تحمل تكاليف السفر اما الان فأنا أتابع واشترك في الندوة من موقعي وليس لدي هم المسافة والوقت وايضا التكاليف من قبل الضيف او المضيف للإقامة والسفر ايضا تم حلها.

ورات الدكتورة نسرين مراد في هذا السياق ان هذه العقبات والتي نسميها مجازا المبررات تم حلها عن طريق ” الفيديو كونفرانس” وأرى انه من الممكن مستقبلا التغلب على كل هذا عن طريق التواصل الاجتماعي والحضور الافتراضي والذي قد يشجع الكثير من المؤسسات على إقامة ندواتها ومنتدياتها ومؤتمراتها حتى بأقل التكاليف الممكنة وايضا تكون ناجحة والحضور فيها يشكل الأغلبية.

ومن جانبها قالت السعد المنهالي رئيس تحرير ناشونال جيوجرافيك وعضوة مؤسسة بحر الثقافة ان دور وسائل التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي فرضت نفسها على الواقع مشيرة الى ان استثمار المؤسسات الثقافية لهذه الوسائل ساهم بشكل كبير في إضفاء أجواء البساطة والتلقائية في الحديث مشيرة الى ان مؤسسة بحر الثقافة قدمت خلال الفترة الماضية عددا من الامسيات الثقافية عبر منصات تفاعلية تم خلالها طرح احدى الروايات للنقاش بحضور نحو 43 من عضوات المؤسسة وتمت إدارة الحوار بتلقائية شديدة وكان النقاش بنفس المستوى والعمق وطرح الأفكار بطريقة احترافية وكاننا نلتقي في قاعة واحة .

واضافت السعد المنهالي : استضفنا في مؤسسة بحر الثقافة مؤخرا سلامة العميمي مدير عام هيئة المساهمات المجتمعية “معا”وتحدثت مبادرة “معا نحن بخير”وكانت المحاضرة تفاعلية شارك فيها عضوات المؤسسة وكانت على درجة عالية من التفاعل الذي ساهم في اثراء محاور المحاضرة.

وبدورها قالت أحلام اللمكي مدير عام دار الإمارات للاستشارت والتدريب وخبير إدارة الجودة ان التباعد الاجتماعي خلال الفترة الماضية كان له اثر إيجابي كبير من ناحية تفعيل الحراك الثقافي حيث زاد عدد المحاضرات والورش عبر مختلف الوسائل المتاحة مشيرة الى انها حضرت خلال شهر يفوق ما حضرته في سنوات من ورش ومحاضرات.

واعتبرت اللمكي ان التواجد في المنازل مع توفر أوقات الفراق هي فرصة ذهبية لنوظف ذلك بشكل إيجابي ومفيد ..مشيرة الى ان النشاط الذي تشهده الحركة الثقافية في الدولة حاليا لسببين الأول سهولة الحضور لشتى البرامج المتاحه عبر المنصات التفاعلية والسبب الاخر رغبة الكثير من المحاضرين في الإبقاء على التواصل مع الجمهور ليقدموا أفكارهم وبالمجان حتى يبقون على الساحة .

وأعربت احلام اللمكي عن تمنياتها بان تستمر مثل هذه المبادرات ولا ترتبط فقط في أوقات معينة قائلة: إن التباعد الاجتماعي يشكل فرصة ثمينة لاعادة النظر في أمور كثيرة ولتغيير ذواتنا وتقييمنا لها واصبح الناس اليوم متعطشون لكل ما هو مفيد وله معنى ويبحثون عن المحتوى المفيد.

وبدورها قالت فاطمة مسعود المنصوري مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث إن الكوارث والأزمات و من بينها أزمة كورونا التي نعيشها اليوم تفرض نوعا من العزلة الاجتماعية والنفسية والصحية وان كانت هذه العزلة هي جزءا من تدابير وقائية ضد هذه الأوبئة، إلا أن المشهد الثقافي لم يتأثر أبدا بهذه العزلة فعلى العكس تماما نلاحظ أن المشهد الثقافي في دولة الامارات بدأ نشطا في الآونه الأخيرة ولربما استفاد بشكل كبير جدا من وسائل التكنلوجيا ووسائل انتشار التواصل الإجتماعي، ونلاحظ ان حضورا افتراضيا ثقافيا لجميع المراكز والمؤسسات والهيئات الثقافية بدا ينشط خلال الفترة الحالية سواء من خلال عقد ندوات أو محاضرات مختلفة..

واعتبرت المنصوري ان الثقافة لعبت دورا كبيرا في هذه الفترة من خلال التخفيف من آثار العزلة التي فرضها المرض سواء من ناحيه توفر الكتب الالكترونية التي اتجهت معظم الدوائر الثقافية والمؤسسات لاتاحتها مجانية على المواقع او ومن خلال التفاعل مع المنصات الثقافيه.