أخبار عربية ودولية

الإرهاب التركي ضد السوريين.. وجه آخر لنظام أردوغان

بقلم:إبراهيم شير- كاتب وإعلامي سوري

خطف وقتل وتنمر وعنصرية، هي أمور باتت روتينية للاجئ والمغترب السوري في تركيا. خلال الشهر الماضي فقط تم احصاء خمس عمليات قتل أو ضرب وقعت بحق السوريين في تركيا معظمها في منطقة الريحانية التي تعج باللاجئين، آخرها كان مقتل طفل سوري يبلغ من العمر عامين واصابة جده بجروح بالغة وجريمتهم كانت أنهم سوريين فقط! فيما يظهر نظام رجب طيب اردوغان عاجزا أو متعاجزا عن منع هذه الجرائم العنصرية، فقد جاءت بعد حادثة مقتل شاب سوري على يد أحد أفراد الشرطة، والهجوم على منزل عائلة وضرب الأم وابنها بواسطة الآلات الحادة، وكل ذلك يجري وسط أعين شبه مغمضة إن لم تكن مغلقة بشكل كامل من قبل النظام التركي.

السوري في تركيا هو إنسان درجة خامسة أو سادسة وما يمارس بحقهم من عنصرية لا يقل أبداً عن العنصرية بحق العبيد في القرن السابع عشر في الأرض الجديدة التي سميت فيما بعد أميركا. أما أردوغان فوجد بهم عمالة رخيصة ومرتزقة لا صوت لهم، فمن رفض من السوريين الخروج مع قواته إلى ليبيا لحماية حكومة فايز السراج، تم التضيق على عائلته أو ترحيلها من تركيا بشكل نهائي ومصادرة ما تملك.

أما في الشمال السوري فباتت تركيا تكتب الفصول الأخيرة من “تتريكه” وذلك بعد أن بدأت الجماعات المسلحة التابعة لها باعتماد الليرة التركية كعملة للتعامل بها. وأنقرة تمارس التغيير الديمغرافي للمنطقة؛ مثل التعليم باللغة التركية؛ وإعطاء المواطنين السوريين هويات تركية أيضاً؛ وإزالة أبراج الاتصالات السورية وتركيب التركية بدلاً منها، وتغيير أسماء المدن والقرى إلى اللغة التركية، وبناء جدار حول مدينة عفرين تمهيداً ربما لضمّها بشكلٍ رسمي. وهذا الاحتلال ترافق مع إيجاد أنقرة لحكومة وهمية أو صوَرية يقودها سوريو الهوية أتراك الانتماء، حكومة ضعيفة لا تستطيع تعيين شرطي سَيْر في المناطق التي يُقال أنها تحكمها، تشبه الحكومة الفاشية التي أنشأتها ألمانيا أثناء احتلالها لفرنسا، وتعتمد أنقرة في إدارة هذه المناطق على الجيش والمخابرات التركية بشكلٍ رئيس إلى جانب المجموعات المسلّحة مثل جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام والحزب التركستاني وغيرها من المُسمّيات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

التتريك للشمال السوري هو بداية خطّة أنقرة التي تُجاهِر بها من دون خَجَل أو خوف، فقد سبق وقال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، العام الماضي إن دمشق وحلب كانتا لتركيا في رسالة واضحة إلى النوايا التي تكنّها أنقرة لسوريا ككل، وإن لم تستطع، فإنها ستكتفي بالشمال فقط، خصوصاً بعد تصريحات إبراهيم قلن المُتحدّث باسم أردوغان، الذي أكّد أن بلاده لا تنوي تسليم تلك المناطق للدولة السورية. هذه الأمور تدفعنا لتوجيه عدة أسئلة للمجتمع الدولي أبرزها إلى متى سيتمّ السكوت عن هذا الاحتلال العَلَني الذي يشبه الاحتلال الإسرائيلي بكل صفاته وممارساته، وهنا يجب أن نسأل، كيف لمواطنين سوريين يدّعون أنهم خرجوا من أجل ما أسموها “الحرية” أن يقبلوا بالاحتلال؟ خصوصاً وأن هذا الاحتلال دفع الشعب لإخراجه الغالي والنفيس ولا يزال يحتل جزءاً غالياً على قلوب السوريين المتمثّل بلواء إسكندرون.. السادس من أيار – مايو لعام 1915 هو ذكرى تحرق قلوب السوريين أجمع، حيث أعدم الاحتلال العثماني 22 من خيرة الشعبين السوري واللبناني الرافضين للاحتلال، وسُمّي هذا اليوم بعيد الشهداء، ويحضرني في هذه المناسبة بيت شعر مهم للشاعر الشهيد عمر حمد:
“نحن أبنـاء الألى سادوا مجداً وعلا.. نَسل قحطان الأبي جد كل العرب”.
هذا البيت كتبه قبل يوم واحد من شنقه مع رفاقه في هذا اليوم، لأنه كان يرفض الاحتلال العثماني، فكيف يأتي من بعدها ليطالبوا ويقبلوا بهذا الاحتلال؟.

نظام أردوغان يمسك بورقتين خطيرتين بوجه المنطقة وأوروبا، الأولى هي الإرهاب لأن جميع الجماعات الإرهابية دخلت من أرضه وقادتها لهم أعمال وأموال في تركيا مثل زعماء جبهة النصرة وأحرار الشام وداعش وغيرها، والورقة الثانية هي اللاجئين، وكلتا الورقتين خطيرتين في الوقت الحالي، وهو ما يدفعنا للتسائل كيف يمكن كبح جماح أردوغان في الفترة المقبلة، خصوصا وإنه قد أخذته العزة بالإثم، وبدأ يعتبر نفسه خليفة عثماني جديد ويتدخل بالشؤون العربية سواء في سوريا أو ليبيا أو مصر وحتى تونس.
مواجهة أردوغان وسياساته تحتاج تضامنا عربيا ودعم الدولة السورية في مواجهته، إضافة إلى استفاقة السوريين في تركيا وأن يعودوا لوطنهم ويكونوا على يقين بإن “عدو جدك لن يودك” وأردوغان ونظامه ليسوا أحن عليهم من دولتهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى