صحة وتغذية

الصحة المهنية المؤسسية

بقلم: د. فاطمة البلوشي - مؤسس ومديرة ديوان لبحوث واستشارات علوم القيادة

جائحة الكورونا هي حديث الساعة الذي لا ينتهي، فلا تزال الأخبار تتوالى عن أعداد الإصابات والوفيات والشفاء والجديد عن الفيروس ولقاحه المحتمل وكيفية التصدي لتداعياته وخلاف ذلك من أوجه سعي الإنسان في مواجهة الجائحة. وما يدعو إلى التأمل هنا هو اشتراك العالم أجمع في الحاجة لهذا السعي وإن كانت بعض الحكومات تأتي بتصريحات سياسية تنسف الأمل في تعاون عالمي موحد لمواجهة الأزمة. ولكن تبقى هناك مجالات حياتية أقوى من الأجندات السياسية وذلك لطبيعة التواصل الإنساني فيها والتي تحتّم الفهم المشترك لتأثير الجائحة عليها وبالتالي التعامل بما يستدعيه هذا التأثير.

من تلك المجالات الحياتية بيئات العمل المؤسسي حيث يكون التواصل الإنساني فيها بشكل يومي وغالبا ما تتداخل أحداثها بالجانب الشخصي للأفراد وبالتالي يصبح كل منهما عاملا داعما لنجاح الآخر أو العكس. ولربما تكون مستجدات “العمل عن بعد” أقوى مثال لتأثير الجائحة على بيئات العمل في مختلف أقطار العالم. ويتنبأ المختصون في علوم المؤسسات وإدارة الأعمال زيادة مستويات القلق لدى العاملين نتيجة هذا التغيير خاصة وأن التواصل المباشر يعد الوسيلة الطبيعية للكثير منهم لإثبات تميزهم أمام قادتهم والتفوق على أقرانهم. وعليه يوصي الكثير من المختصين بتطوير قطاع “الصحة المهنية المؤسسية” والذي يهدف إلى تحسين جودة الحياة المؤسسية وحماية الموارد البشرية والمادية من خلال تعزيز سلوكيات مهنية إيجابية.

ولدولة الإمارات العربية المتحدة سَبقٌ في تطوير هذا القطاع – غالبا تحت مسمى “البيئة والصحة والسلامة” – منذ حوالي عقدين من الزمن. ويبدو أن هذا التطوير سيُصقل في ظل تغيرات أنماط العمل الحديثة والوعي المتزايد بأن السلامة المنشودة في بيئات العمل ليست فقط بدنية بل نفسية ومجتمعية أيضا. وتثبت كثير من الدراسات الحديثة في مجال إدارة الأعمال وعلوم القيادة وعلوم المؤسسات أن جوانب الصحة النفسية وارتباطها بثقافات الأفراد وهوياتهم هي محاور مهمة في إنتاجية العمل وكفاءة المؤسسات . ولذلك كله صداه القوي وما تحرص عليه دولة الإمارات العربية المتحدة من تعزيز أنماط حياة إيجابية شاملة لتحقيق السعادة والرخاء لشعبها والمقيمين على أرضها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى