مهنة التمريض ونُبل الرعاية

بقلم:د. فاطمة البلوشي - مؤسس ومديرة ديوان لبحوث واستشارات علوم القيادة

يُحسب لدولة الإمارات العربية المتحدة الاهتمام الذي أولته لتعليم وتدريب كوادر بشرية في مهنة رفيعة كمهنة التمريض وذلك ضمن خطط تطوير قطاعها الصحي. فمنذ ثمانينات القرن الماضي أولت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك – قرينة مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه- اهتماماً خاصا بمهنة التمريض. وقد كان لسموها اهتمام خاص في تطوير منصات أكاديمية للمهنة لضمان تخريج كوادر عالية الكفاءة نظريا وتطبيقيا. وهي مسيرة ذات خطوات راسخة بدءاً من التعاون العلمي والإداري الوثيق مع الجامعة الأمريكية ببيروت ووصولاً إلى تأسيس ورعاية كلية فاطمة للعلوم الصحية في إمارة العين.
ولا يخفى الجانب الإنساني النبيل في مهنة التمريض فأسسها النظرية وممارساتها العملية تتمحور حول رعاية الأفراد وضمان استمرار سلامتهم أو دعم عجزهم الصحي بما يكفل إنسانيتهم واحترامهم لذاتهم. وهي مهنة تحفها الكثير من التحديات ولربما أكبر تحدياتها تلك التي تتعلق بسلامة المنتسبين لها – النفسية والبدنية – على حد سواء لا سيّما وأن المهنة تستلزم قدراً عالياً من التفاني والجلد والتضحية. ومن الشواهد المشرّفة على ذلك ما طالعتنا الأخبار به منذ شهور قليلة عن السيدة إيمان إبراهيم زغب وهي إحدى خريجات الدفعات الأولى من برنامج التمريض في أبو ظبي والتي أفنت عمراً مديداً في خدمة المجال على أرض الدولة. اختارت إيمان أن تكون جسر أمانٍ في زمن الكورونا ولم تتقاعس عن الاستمرار في أداء واجبها ليكرمها الله بأن تحسب شهيدة واجب من بين منتسبي وزارة صحة دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن أصابها فيروس الكورونا.
وإن كانت إيمان – غفر الله لها وأكرمها بفسيح جناته – صفحة مضيئة في مسيرة تطوير المهنة في الدولة فهناك أيضا خريجات لا زلن يسطرن تاريخهن الخاص كطلائع في خطوط الدفاع الأولى لمواجهة جائحة الكورونا سواء على صعيد الإدارة التمريضية أو كممرضات ممارسات. والدور الأكبر والمأمول لهن هو أن ينافسن ممرضات الدول الرائدة في المهنة كالمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية حيث للممرضات دور قيادي في إدارة المستشفيات والبحوث العلمية المحكّمة. بل هناك عيادات تمريضية مستقلة تقوم بتشخيص الحالات المرضية لتحويلها إلى ذوي الاختصاص من الأطباء وهو مستوى نطمح أن نرتقي إليه بل ونتجاوزه إلى ما هو أعلى بإذن الله تعالى.