مرئيات

“قيادة محمد” وخصوصية الثقافة العربية

د. فاطمة البلوشي - مؤسس ومديرة ديوان لبحوث واستشارات علوم القيادة

يحاول بعض علماء الإدارة والقيادة الغربيين دراسة وفهم ديناميكيات القيادة في الثقافة العربية ومنهم البروفيسور جون أدير في كتابه “قيادة محمد” الذي يتناول سمات قيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. والكتاب غني بإشارات حول أهمية خصال القائد العربي كالجود والتسامح وإغاثة المحتاج والصبر في تعزيز ثقة أتباعه به. ويعد كتاب أدير رصداً جيداً لديناميكيات قيادية متفردة في الثقافة العربية كالطاعة والولاء والحكمة المتبادلة بين القائد وأتباعه وهي ديناميكيات أدركت البحوث الغربية حديثاً أهميتها في بيئات العمل المعاصرة. ويكشف هذا الرصد الخصوصية التي تتميز بها ثقافتنا وهي خصوصية متجذرة في شبكة متشعبة من القيم وأنماط التفكير والعواطف التي قد يصعب على غير العربي تتبعها وفهمها لاختلاف أنماط التفكير.
ولعل من الديناميكيات المهمة الأخرى في القيادة العربية ما استدركه البروفيسور ديفيد ويير في تعريف “الديوان” العربي كشكل من أشكال صنع القرار وكآلة استماع ديناميكية لجميع الأفراد من قبل السلطة. ويعرّف ويير البنية الهرمية للديوان بأنها بنية مرنة وتتيح للأفراد فرص حوار متساوية مع السلطة واعتبر ذلك من خصوصيات الثقافة العربية التقليدية. ولربما يمكن ربط منظوري ويير وأدير عبر مفهوم الهوية الاجتماعية، بمعنى أن يعرّف الأتباع هوياتهم المجتمعية من خلال خصال مشتركة ومتجذرة في ثقافتهم ويتميز بها قادتهم وبالتالي تتوطد ثقتهم بالقائد لتحلّيه بتلك الخصال. وهو أمر نلمسه في قياداتنا المعاصرة لا سيما في منطقة الخليج حيث تفتخر الشعوب بخصال الحكمة وحب الخير والتسامح في قادتهم ويقتدون بهم عبر تطبيق تلك الخصال في حياتهم الخاصة والمهنية.
ومحطة أخيرة هنا هي دراسة العالم الهولندي جيرارد هوفستيد الذي يعد من رواد بحوث الأنثروبولوجيا التنظيمية وتعد دراسته حول القيادة متباينة الثقافات في عام 1984 علامة فارقة في بحوث الإدارة عبر الثقافات. وقد أثارت دراسته جدلاً علمياً كبيراً مما أثرى الدراسات حول القيادة من خلال تأثير العوامل الثقافية. وتؤخذ على دراسته مخرجاته السلبية حول التوجه المستقبلي للإدارة في الثقافة العربية كوسمها بالذكورية وانخفاض المساواة بين الجنسين مثلاً وعدم إقبالها على التغيير. وهي مخرجات فنّدها واقع الأعوام الأخيرة في منطقة الخليج حيث أثبتت المرأة دوراً استثنائياً في مجالات قيادية وريادية عديدة منها مجال إدارة المؤسسات إضافة إلى تبنى حكوماتنا التغيير كجزء لا يتجزأ من عملية تطوير وتنمية مجتمعاتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى