أطلق مثقفون عرب، حديثا، جائزة بيت الفنون الرامية إلى إحياء أدب الرسائل، في واشنطن بالولايات المتحدة، لتشهد المسابقة إقبالا لافتا، ويشارك في نسختها الأولى للعام الحالي، عشرات الأدباء من مختلف دول العالم.
وفاز بالمركز الأول الكاتب والمترجم الجزائري، الدكتور شرف الدين شكري، وبالمركز الثاني القاص العراقي علي السباعي، وبالمركز الثالث الكاتب السوداني منشتح درار علي.
وضمت لجنة تحكيم المسابقة كلا من: الروائي محسن الرملي، الشاعرة حبيبة محمدي، الروائي سلام إبراهيم، الشاعر عبدالرزاق الربيعي.
و أشار السباعي إلى أهمية إحياء أدب الرسائل، الذي شارف على الانقراض، في ظل ما نعيشه من تطور تقني، قائلا: ”عصرنا الذي نعيشه، عصر تويتر بتغريداته السريعة، عصر السرعة، عصر الاتصالات السريعة، أنتج جيلا جديدا ليس لديه الرغبة بكتابة الرسائل مثل السابق، يوم كانت الوسيلة الوحيدة لإيصال الصوت، كان لرسائلنا التي نكتبها لحبيباتنا ولأصدقائنا وللصفحات الثقافية في المجلات والصحف صدى وروح“.
وقال السباعي: ”اليوم كل وسائل العصر لا تملك ذلك البريق، اشتركت في مسابقة أحياء أدب الرسائل لأخبر أجيالا تأكل وتشرب الميديا، بأن هنالك فنا رفيعا ساميا صادقا يجمل مشاعرنا بصدق وأمانة“.
ونص السباعي، رسالة مُتخيَّلة يرسلها له بطل ملحمي خارج من الأسطورة، بعنوان: ”رسالة من الباحث عن الخلود (جلجامش) إلى كاتب القصة القصيرة العراقي الجوزائي المزاج (علي السباعي)“، ليستعين الكاتب بجماليات الميثولوجيا، في نسيج محكم مع واقعنا المعاصر.
يقول الكاتب في نصه على لسان مرسل الرسالة المُتخيَّل جلجامش: ”مرت السنون عجافا جزافا سراعا يا صاحبي، تعلمت فيها كل ما يمكنني فعله غير القراءة؛ لكن! الآن في فترة كوفيد-19، تعلمت القراءة الواعية، والقراءة الواعية علمتني أن أشعل الضوء، ضوء روحي، في ظلمة الوجود، ظلمة الحياة، وأستعيد أحلامي“.
ويبرز في الرسالة تفاعل جلجامش مع واقع العراق المأساوي، وتبعات الطائفية والمذهبية في المشهد العراقي، وما ترتب عليه من صدام شاب غالبية مناحي حياة المواطنين، في وطن مستلب تعاقبت عليه مآسي الدكتاتورية، فالاحتلال ثم الإرهاب المشبع بأردية الطائفية.
يقول جلجامش: ”وأنا أقرأ في كتابك (زُليخات يوسف) فأراه وأنا أقرأه: حربا ودمارا وخرابا سورياليا مؤلما، تمنيت وأنا أقرأ، أن أقرأ عن الحرب بعين الإنسان البسيط لا بعينك، وأن أهجس الإيقاع المؤلم لها من وجهة نظر الناس البسطاء لا من وجهة نظرك، فهو سيؤرخ لهذا العذاب، ومع ذلك ما كتبته بمزاجك العراقي الجوزائي، كان مؤثرا جدا، وموجعا جدا، تمنيت لحظتها لك السعادة، فسخرت الجن، ليحملوا إلي محياك البهي؛ أخبروني انشغالك بمنتج إبداعي جديد وأنت تعيش في زمن جائحة كورونا“.