إطلاق عيادة “التراجع التلقائي” لمرض السكري من النوع الثاني في أبوظبي
أبوظبي-الوحدة:
كشف مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، التابع لشبكة مرافق مبادلة للرعاية الصحية المتكاملة عالمية المستوى، عن برنامج جديد لمعالجة مرض السكري من النوع الثاني، وهو عبارة عن عيادة متخصصة مهمتها تعزيز “التراجع التلقائي” للمرض، ضمن ما يعرف طبياً بـعملية الـ remission من خلال نظام تغذية لتخفيف الوزن. حيث يسعى الأطباء ضمن هذا البرنامج إلى منع أو تأخير المضاعفات التي تنتج عن مرض السكري من النوع الثاني وزيادة العمر المتوقع للمرضى.
وبحسب الدكتور عماد جورج، المدير الطبي واستشاري الغدد الصماء ومرض السكري في مركز إمبريال كوليدج للسكري، فإن عدداً كبيراً من العلماء يعتقدون أن تخزين كمية كبيرة من الدهون في الكبد والبنكرياس يؤثر على كيفية تطور مرض السكري من النوع الثاني، وبالتالي فإن التخلص من هذه الدهون يمكن أن يساعد في تعزيز عملية التراجع التلقائي من المرض.
وقال الدكتور جورج “إن فقدان 15 كجم من الوزن أو أكثر يزيد بشكل كبير من فرص التراجع التلقائي لمرض السكري من النوع الثاني، وتتيح عيادتنا الجديدة للمرضى خيارات مثالية ومناسبة للقيام بذلك بشكل آمن وبطريقة منتظمة يشرف عليها أطباء متخصصون مع تقديم الدعم اللازم”.
الجدير بالذكر أن مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري ظل يقدم بالتعاون مع مستشفى “هيلث بوينت” التابع أيضاً لشبكة مبادلة للرعاية الصحية، خدمات رعاية صحية متخصصة لجراحة فقدان الوزن للمرضى المؤهلين لذلك، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها المركز برنامجاً متكاملاً يعتمد على النظام الغذائي، وذلك من خلال مرافقه في أبوظبي.
وأضافت الدكتورة مهجة الشيخ، استشاري الغدد الصماء ومرض السكري في المركز أن الوزن الحالي للمريض، وتاريخ تشخيص إصابته بالسكري ، من بين العوامل التي يمكن أن تؤثر على نتيجة البرنامج. كما أن عملية “التراجع التلقائي” للمرض لا تعني أن المريض قد تم علاجه، وإنما هي حالة لن يكون فيها المريض مصاباً بمرض السكري من النوع الثاني، ولن يحتاج إلى أدوية مرض السكري، وسيكون له نتائج طبيعية في تحليل سكر الدم التراكمي HBA1c، الذي يقيس متوسط مستوى السكر في الدم خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية.
كما أكدت: “إن تشخيص المرض في مراحل مبكرة، يعني أن النتائج ستكون أفضل، ولكننا لا نعرف بعد المدة التي سيدومها تأثير عملية التراجع التلقائي لمرض السكري من النوع الثاني، ولكن المهم هو الحفاظ على وزن صحي، وربما فقدان المزيد من الوزن في مرحلة لاحقة. لهذا السبب يشتمل برنامجنا على دعم مستمر لمساعدة المرضى على تغيير نمط حياتهم على المدى الطويل. هناك أيضاً خطة ثانوية مهمتها التعامل مع حالات الانتكاس ومساعدة المريض على العودة إلى المسار الصحيح”.
ومن جهتها أشارت فاطمة الحلايقة، أخصائية التغذية في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري أن المرضى سيكونون قادرين على الاختيار بين اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية (VLCD)، وهو عبارة عن خطة بديلة للوجبات الغذائية، أو نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات لخفض الكمية الإجمالية من الكربوهيدرات التي يتناولها المريض إلى 100 جرام في اليوم بحد أقصى.
وأضافت الحلايقة: “كثيراً ما يسألني مرضى السكري عن أفضل نظام غذائي لمرض السكري من النوع الثاني، وجوابي دائماً هو أن النظام الغذائي الأمثل هو الذي يستطيع المريض الالتزام به. ففي حالة النظام الغذائي منخفض السعرات الحرارية، لا يتناول المريض خلال الـ 24 أسبوعاً الأولى، سوى بدائل للوجبات مثل اللبن المخفوق والشوربات وما شابه ذلك، والتي تحتوي على جميع العناصر الغذائية التي يحتاج إليها. بعد ذلك، يسمح لهم بتناول الأطعمة الصلبة على مراحل، ويلي ذلك مرحلة أخرى لمراجعة الإيجابيات التي تحققت وإجراء التعديلات المناسبة في حال لزم الأمر بهدف الحفاظ على الوزن”.
أما في حالة النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات، سنعمل مع المريض على وضع خطة وجبات غذائية متكاملة تتناسب مع المعايير الغذائية المحددة خلال الأسابيع الـ 24 الأولى، ومن ثم يتم تدريجياً إعادة إدخال بعض العناصر التي تحتوي على كربوهيدرات في النظام الغذائي المُتّبع”.
وأوضحت الحلايقة أنه في كلتا الحالتين، يتم الترتيب للمرضى لزيارة أخصائي التغذية أو الاستشاري مرة كل أسبوع على مدى الــ 24 أسبوعاً الأولى وبعد ذلك يمكنهم زيارة الأخصائي مرة واحدة في الشهر. كما أن هناك أيضاً مجموعة دعم متاحة حالياً عن بعد مهمتها متابعة المرضى شهرياً وتقديم الدعم المطلوب لهم.
وقد أظهرت الأبحاث فعالية هذين النظامين الغذائيين، وكذلك جراحات علاج السمنة مثل عملية تكميم المعدة.
وكانت جمعية التجارب السريرية للتراجع التلقائي لمرض السكري، والمعروفة باسم DiRECT، قد أصدرت نتائج السنة الثانية من دراستها، والتي أظهرت أن النظام الغذائي منخفض السعرات الحرارية فعّال في إحداث تراجع تلقائي مستمر لمرض السكري لمدة عامين على الأقل لدى أكثر من ثلث الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، مع نسبة تراجع أكبر للمرض لدى أولئك الذين يفقدون ما لا يقل عن 15 كجم من أوزانهم.
من ناحية أخرى، أثبتت الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات فعاليتها في إدارة الوزن؛ وتحسين السيطرة على نسبة السكر في الدم والحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المصابين بداء السكري من النوع الثاني، على الأقل في المدى القصير، بينما لا تزال تجارب متابعة معدل التراجع التلقائي لمرض لسكري مستمرة.
وبالنسبة للنهج الذي ينبغي على المرضى اتباعه، تقول الدكتورة الشيخ: “لكل شخص حالة خاصة يتم التعامل معها بشكل مختلف، لذلك نقوم خلال مرحلة الاستشارة بتحديد ما إذا كانت الحميات أو الأنظمة الغذائية إجراءً مناسباً للمريض أم لا. وتشمل قائمة المرضى الذين يتم استثناؤهم فيما يتعلق بخيارات الأنظمة الغذائية، على سبيل المثال، الأشخاص الذين لديهم تاريخ مرضي من الاضطرابات المتعلقة بالأكل، والنساء الحوامل، والأشخاص الذين يستخدمون الأنسولين والذين تعرضوا لأزمة قلبية في الأشهر الستة الماضية، حيث نحتاج إلى تحديد نهج بديل لهؤلاء الأفراد”.