بقلم /أنور بن حمدان الزعابي ــ كاتب وشاعر إماراتي
هو الشاعر خليفه بن مترف الجابري أحد شعراء الرعيل الأول اكتسب موهبة الشعر في صباه وغرد بقصائده الكثير من المغنين الشعبيين والمتذوقين لهذا الإبداع الجميل .هو شاعر التميز والتفرد في الكلمات والأسلوب المرهف والأفكار والمعاني الشعرية الخالية من الإسفاف .
ولد الشاعر خليفة بن مترف في واحة العين في قرية هيلي عام 1945.
عاش حياة البادية والصحراء وتمرس فيها حتى قيل أنه فارس الشعر والميدان
ويعشق الصحراء والبرية ويستلهم منها أشعاره.
وعرف عن بن مترف رحمه الله أنه شاعر الفطرة والبساطة والذكاء اللماح
وعنده سرعة البديهة في التقاط الكلمات والمعاني وهذا ماجعله في تواصل وتناغم مع الشعراء الآخرين في فنون المشاكاة والردود الجزلة الفياضة بالمعاني والدلالات الجميلة.
فقد التقى مع الشعراء الكبار في الإمارات أمثال راشد الخضر، والجمري، وابن سوقات، ومحمد بن صبيح، وعلي بن رحمة، وربيع بن ياقوت.
وكانت له بعض القصائد المتبادلة بينه وبين مجموعة من الشعراء في المشاكاة، ومن هؤلاء الشعراء محمد بن سالم الظاهري، سهيل بن مبارك الكتبي، وإبراهيم الحديدي.
وعندما تغنى الفنان علي بن روغه بقصائد خليفه بن مترف وإبداعاته التي أثرت في النفوس ، أجاد هذا الفنان الرائع وأضاف عليها لماسته الفنية من الحان وأداء وصوت بدوي يسحر الألباب.
وتعددت أغراض الشاعر بن مترف في الشعر فهو كتب أروع قصائد الغزل والوصف والمدح والرثاء والفخر والحماسة،وله باع كبير في قصائد المشاكاة كما أسلفنا وتعددت بحور الشعر التي طرقها الشاعر مثل بحر الونة وبحر الطارح وبحر الردحة وبحر المسحوب .
ولعل أشهر القصائد التي ألفها وكتب كلماتها بن مترف هي قصيدة أحب البر والمزيون والتي تغنى بها الفنان ميحد حمد وأشتهرت هذه الأغنية بين كافة الناس بكل أطيافهم وهي معروفة للصغير والكبير فهذه القصيدة أو الأغنية سهلة الأسلوب والمعنى خفيفة كالنسمة الندية الحانية وتقول كلماتها:
أحب البر والمزيون
وأحب البدو والأوطان
واحبك قبل لا يدرون
هلي واهلك ولا الجيران
واحب العذري المخزون
بمجرى الدم والشريان
واحبك والمحبة عون
محب عاشق ولهان
ولاجلك كل شي يهون
على شانك رفيع الشان
ولو تطلب نظر العيون
عطيتك مني الصفطان
ببيع الروح لو يشرون
ونرضي الخاطر الزعلان
حرام البعد يالمظنون
حرام الصد والهجران
تعطف وارحم المفتون
بحبك هايم حيران
تبات انت مريح شجون
وانا شجوني بها طوفان
لي من غمضت العيون
انا نومي حرب ما بان
اذا هاجمني المظنون
ومن عنده برد الشان
وصلى الله على المأمون
محمد من نسل عدنان
نعم هذه إحدى إبداعات الشاعر بن مترف الشاعر المبدع الذي كان يجتهد في تاليف القصيدة ويصوغ كلماتها وألحانها وإيحاءاتها في قالب جميل وسهل الإيقاع وصادق الإحساس والمشاعر.
في وداع ديار الأحبة
فَـِـي الحفَظً لَـِــودآعْ دآرْ آلطيبينْ
يَــِعلْ تسًقيكٌ آلـِـمخآيل وآلمزونَ
منَ هَـِطلْ وبَل آلِــسحآبْ آلموشلينَ
ليَلة فيَهآ آلـٍملـآ مآ يّـِـهجعونْ
يَــِآ حلـآ صَــِـوتْ آلِــمدويّ وآلِــحنيّنْ
ويَن خَـِـلفآتْ آلـِعرآبيَ يَــِرتْعونَ
وهنا يصف محبوبته ويعتذر لها إن بدا منه مايكدر صفو محبتهما.
يَــِـآ فريَــِد آللـِـونَ وآلِــوجه آلـِـمليح
يَــِآ بهآة آلِـــدآرْ يَــِآ سَـيّد آلِــملـآحٌ
آسِــألكْ بآللـِـه قَـِـل لَـِـيّ كَـِـنْ صَــِريحْ
ريّــِـح بآلـِـيّ يَــِآ سَـِـفرْ نَــِور آلِـصـًبآحْ
آيَــِشْ كَـِـدرْ جَـِـوكً آلِــًصَآفيّ آلمريَح
مَـِنْ عَـِـقبْ مِــآ تآه نَـِـوره وآسَــِتضآحْ
يَـــِعلْ منَـِـآ مآ بَــِـدآ حَــِآلٍ يَــِسيحَ
فَـِـِ آلـِـهوىٌ ويَــِـقولْ رآعَـِــيّ آلِــفنْ طَــآحْ
هو شاعر عاشق للبادية والريف وحواضر المدن تلك الحواضر القديمة والبسيطة بمجتمعاتها الأصيله.كما أن له دواوين شعرية مطبوعة ونجاحات كبيرة، حققها الشاعر خليفة محمد بن مترف الجابري، بفضل الله الذي ألهمه ملكة الإبداع في نظم قصائده المعبرة عن بيئته والنابعة من شخصيته المتميزة وإحساسه العالي. إذ تمكن في ظل إمكاناته الإبداعية من تقديم قصائد لا يهزمها النسيان، بل إنها ستبقى تتردد بين الناس والمتذوقة لما لها من وقع وقيمة أدبية أستثنائية.
عاش حياته البدوية، بما فيها من شظف العيش، وعشق الصحراء حتى اكتسب منها الصبر والتجلد على صعوبة الحياة وقسوتها وعنده صفة الطيبة وصفاء النفس والتواضع الشديد، في حياته الاجتماعية وتأثر به في شعره.
((العمل في العسكرية))
في بداية حياته عمل في السلك العسكري، وبعد قيام الاتحاد انضم لشرطة أبوظبي وعمل على إقتناء الهجن العربية الأصيلة بجانب عمله،ثم عمل في الدائرة الخاصة للمغفور له الشيخ زايد رحمه الله،وكان مسؤول عن هجن الشيخ زايد في الذيد والإمارات الشمالية. وكان ينظم الشعر المتميز في كلماته، والمتفرد في أسلوب شعره المرهف والشفاف،والمحبب لمتذوقي الشعر الشعبي الأصيل وذلك في عزبة البوش التابعة للهجن في وادي الذيد ويسامر الليالي المقمرة والعامرة بالأجواء الجميلة.
الرحيل المر
قبل عدة سنوات تفاجأ المجتمع الإماراتي برحيل الشاعر خليفة بن مترف الجابري رحمه الله تعالى في ليلة سوداء خلفت أثار أحزانها على على وجوه الجميع مندهشين من هذا الرحيل المفاجئ وفي ظرف مرير بالغ القسوة .
وكان لفقد الشاعر خليفة بن مترف أثراً حزيناً على رفقائه من الشعراء ومتذوقي أشعاره المتميزة والفريدة التي بقيت أرثاً محفوظاً في دواوينه الشعرية المطبوعة، كماورث بعض أبنائه قرض الشعر والتغني به كوراثة شاعرية من والدهم.