The53rd Eid Al Etihad Logo
صحة وتغذية

الاستعداد لعالم ما بعد كورونا

بقلم/ د. فاطمة محمد خميس

تعم العالم موجة تفاؤل كبيرة مع توالي الأنباء عن اعتماد عدة لقاحات مضادة لفيروس كورونا – بفعالية تتجاوز تسعين بالمائة – بالتزامن مع إعلان عدة دول عن تنسيقات تزويد شعوبها باللقاح. وعما قريب ستتحول الجهود للتعامل مع التداعيات بعيدة المدى لجائحة كورونا والتي أثارت انتباه المختصين للعديد من القضايا في مجالات التعليم والعمل المؤسسي والصحة والاقتصاد وغيرها من المجالات. ولا شك أن الأولوية ستكون للتداعيات المتعلقة بالآثار الاقتصادية والنفسية التي خلفتها الجائحة على الأفراد والأسر والتي تبدو أكثر قسوة في الدول التي كانت معاناتها مع الجائحة هي الأشد من حيث حجم الإصابات والتداعيات الاقتصادية.
وللمهارات القيادية والإدارية دورها الفعال في مرحلة ما بعد الكورونا لا سيما المهارات التي تختص بتشخيص المشاكل وتصنيفها ومن ثم حلها. ومن البحوث العلمية المعاصرة في تصنيف المشاكل ما توصل إليه البروفيسور البريطاني كيث غرينت من تأطير نظري يقوم على مدارس الفكر التي تفرّق بين أنواع السلطة والنفوذ لكل من القيادة والإدارة. فتأطير غرينت يشمل تصنيفاً نموذجياً ثنائياً للمشاكل فهي إما مشاكل أليفة (Tame Problems) أي سبق حدوثها ويسهل بالتالي التعامل معها نظراً لوجود سيناريوهات مسبقة لها، أو مشاكل عويصة (Wicked Problems) بمعنى أنها مستحدثة وسياقاتها جديدة وبالتالي تتطلب جهودا أكثر تعقيدا مما قد يفرض التماس حلول شائكة لها. وعليه فغرينت يوجّه باعتبار المشاكل الأليفة مشاكل إدارية تتطلب وقتاً وتخطيطاً استراتيجياً أقل مقابل المشاكل العويصة والتي هي مشاكل قيادية وتتطلب زمنا أطول لدراستها وعمقا استراتيجيا أبعد في استحداث حلولها.
ولا شك أن استخدام مثل هذ التصنيف يخدم مجتمعات ما بعد جائحة كورونا كبعد استراتيجي ينظم عملية فهم التداعيات المعقدة للجائحة والتصدي لها. فالجهود الحالية لا زالت تركز بشكل كبير على معدل الإصابات والشفاء والإجراءات الاحترازية واللقاح وتوفيره ومدى فعاليته، بينما لا زال التعاطي مع التداعيات الأخرى في مرحلة أقرب للمواكبة لا التوصل إلى حلول ناجعة. ومثل هذه الحلول تحتاج “الحراك الفكري” المؤصل علمياً لخدمة قضايا الأوقات الحرجة ومن أمثلته تصنيف غرينت. والصروح الأكاديمية من جامعات وكليات هي خير من يدعم هذا الحراك عبر حشد البحوث العلمية وتشجيع منسوبيها وتعزيز شبكات تواصلها العلمية لتعزيز الحراك الفكري المؤثر والفعّال لحل القضايا الحرجة والشائكة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى