أبوظبي-الوحدة:
يستطيع المرضى الآن، في مستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي”، أحد مرافق مبادلة للرعاية الصحية، أن يستفيدوا من أحدث جهاز لتنظيم ضربات القلب، وهو جهاز متطور، وصغير جداً، أصغرُ في حجمه من الدرهم.
في الآونة الأخيرة، أجرى الأطباء بالمستشفى جراحةً هي الأولى من نوعها، في دولة الإمارات العربية المتحدة، لزراعة جهاز مُنَظِّم ضربات القلب، وهو جهاز صغير جداً، يعمل لاسلكياً، ويزامن نبض القلب. يقل حجم هذا الجهاز بنسبة 93% عن حجم مُنَظِّم ضربات القلب التقليدي الذي كان يُسْتَخْدَمُ سابقاً، وجرت زراعته لسيدة إماراتية عمرها 22 سنة، للتغلب على مشكلة بطء نبض القلب لديها. مضاعفات بطء نبض القلب قد تشمل الإرهاق، والدُّوار، وفقدان الوعي، وربما خطر الموت المفاجئ. أُجْرِيَتْ هذه الجراحة في شهر نوفمبر الماضي، وهي عملية تُجْرَى بأقلِ درجةٍ من درجات التدخل الجراحي، ولا تستغرق إلا 30 دقيقة. ومنذ ذلك الحين، استفاد مريضان آخران من دولة الامارات العربية المتحدة من هذه التكنولوجيا الحديثة.
ومُنَظِّمَات ضربات القلب كانت تستخدم، منذ أواخر عقد الخمسينات (1950) من القرن العشرين، لدعم المرضى الذين كانوا يعانون من ضعف في معدل نبض القلب، بشكل دائم، أو بشكل متقطع، حيث كانت تلك الأجهزة كبيرة الحجم جداً، حتى كان المرضى يُضْطَرُّون لحملها معهم أينما ذهبوا. وفي الآونة الأخيرة، كانت مُنَظِّمَات ضربات القلب تُزْرَعُ تحت الجلد، وبها أسلاك تَصِلُها بالقلب، لتسمح للجهاز المُنَظِّم للتنسيق بين غرف القلب العليا وغرف القلب السفلى، محاكيةً بذلك إيقاعَ خَفَقَانِ القلب بشكل طبيعي. ثم جاء التقدم التكنولوجي بجيل جديد من أجهزة مُنَظِّمَات ضربات القلب، تقل حجماً عن الأجيال السابقة عليها بمقدار العُشْرِ، مستخدماً حساساتٍ سمعيةً بدلاً من الأسلاك التي كانت تستعمل في توصيل تلك الأجهزة بالقلب.
توضع مُنَظِّمَات ضربات القلب التقليدية في موضع خاص أو جيب تحت الجلد في منطقة أعلى الصدر. وتكون بهذا تذكاراً دائماً للمرضى بأن لديهم جهازاً يساعدهم في البقاء على قيد الحياة. و بالمقارنة، فإن الجهاز الجديد، الصغير الحجم، يُدْرَجُ عَبْرَ فتحة صغيرة في وريد في اعلى ساق المريض، ويستقر في الغرفة السفلى من القلب (البطين). و”يستمع” هذا الجهاز إلى الغرفة العليا من القلب، لينسق دقات قلب المريض دون الحاجة للجهاز الكبير الحجم الذي كان يُستخدم سابقاً. يقول الدكتور خالد المعطي، رئيس شعبة طب القلب الكهربائي في معهد القلب والأوعية الدموية في مستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي”: “هذا الجهاز له أثر ايجابي كبير على نفسية المريض وطريقة تفكيره، إضافةً إلى ما له من فوائدَ طبيةٍ عديدةٍ”.
ومُنَظِّمَات ضربات القلب، برغم أنها بقيت على مدى عقود عديدة من أهم الأداوت الطبية المستخدمة لإنقاذ حياة المرضى، إلا أنها كانت دائماً تحمل معها خطر وقوع مضاعفات صحية عديدة. فمثلاً “الجيب” الذي يوضع فيه الجهاز قد تطاله العدوى، والأسلاك التي تُوصِلُ القلبَ بمُنَظِّم ضربات القلب قد تَهْتَرِئُ وَتَبْلَى بِمُضِيِّ السنين. لكن مع استبدال الأسلاك بالحساسات، ووضع الجهاز مباشرةً في قلب المريض، يكون خطرُ هذه المضاعفات قد تلاشى.
ويكمل الدكتور المعطي قائلاً: “هذه الأجهزة هي حلٌ أَمْثَلُ ومناسبٌ تماماً، خصوصاً للشباب، فالبطارية يمتد عمرها التشغيلي إلى عشر سنوات، ولها قدرة على إرسال تقارير ببيانات عن وضع القلب، وعن أدائه لوظائفه، ويكون ذلك عبر برنامج مراقبة القلب عن بعد المتوفر لدينا بالمستشفى.” فهذه الأجهزة لا جيبَ لها، ولا أسلاكَ، ولا تحتاج للشحن أو الصيانةٍ. بذلك يكون خطر المضاعفات ضئيلاً جداً. وحينما تنفد طاقة البطارية، نستطيع بكل بساطة أن نركب بطارية جديدة، أو أن نستبدلها بالجيل التالي من التكنولوجيا التي ستتوافر مع الزمن.”
وأما الشابة التي أصبحت الآن هي أول من يستفيد من الجهاز الجديد، في دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد كانت التكنولوجيا هي العامل الحاسم في اتخاذها قرار اجراء العملية.
تقول المريضة: “لقد كنت خائفةً، إلى حدٍ ما، من زرع (هذا الجهاز)، ومن وضع جسمٍ غريب يعمل ببطارية، داخلَ جسمي. وما أن علمتُ بصغر حجم هذا الجهاز، ازدادت ثقتي فيه، وَاشتدت رغبتي في إجراء الجراحة. لقد قَطَعَتْ التكنولوجيا الطبية أشواطاً كبيرة من التقدم، ويتوافر في دولة الإمارات العربية المتحدة الآن أحدث أنماط الرعاية الصحية، وأكثرها تطوراً في جميع أنحاء العالم. وأشعر أنني سعيدةُ الحظِّ جداً، لأنني كنتُ أولَ من يُرَكَّبُ لها هذا الجهاز.”
يتوقع الأطباء في مستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي” أن ينتفع ما يقارب نصف المرضى الذين يحتاجون أجهزة تنظيم ضربات القلب، ، أي حوالي 250 مريضاً كل عام، من التكنولوجيا الجديدة. وبعد إجراء عملية تثبيت الجهاز داخل الجسم، يُسْمَحُ للمرضى عادة بالعودة إلى بيوتهم في اليوم التالي.