أكدت مكتبات الشارقة التابعة لهيئة الشارقة للكتاب الأهمية التي تحظى بها المكتبات بوجه عام مع استمرار تأثير التكنولوجيا على جميع جوانب حياتنا والتغيرات الجذرية التي طرأت على طرق وصولنا إلى المعلومات وسهولة الحصول عليها في جميع الأوقات.
فمنذ فجر التاريخ ومع أولى المكتبات التي شهدتها الحضارتان البابلية والسومرية لعبت المكتبات دوراً مركزياً في توفير المعلومات النادرة والفريدة والعلمية الثمينة وتبلور مبدأ المكتبة في دولة الإمارات العربية المتحدة في العام 1925 عندما افتتح الشيخ سلطان بن صقر القاسمي حاكم الشارقة من عام 1924 حتى 1951 مكتبة خاصة في حصن الشارقة.
و تطورت تلك المكتبة الخاصة لتصبح “مكتبة الشارقة العامة” التي يبلغ عمرها 100 عام تقريباً و توشك أن تبدأ قرنها الثاني في غضون بضعة أعوام .
و حرصت “مكتبات الشارقة العامة” بفروعها الستة المنتشرة في جميع مدن الإمارة على خدمة المجتمعات المموجودة بها لتقف شاهدةً على حاجة أعضاء المجتمع لاستكشاف المعرفة والمعلومات والعلم والثقافة من خلال مصادرها الغنية والمتنوعة.
و من الأسباب التي تجعل من “مكتبات الشارقة العامة” واحدةً من أعظم المؤسسات الثقافية والمجتمعية في الإمارة منهجها المبتكر في التعليم وبناء الإنسان والمجتمع بعدما أسهمت مرونتها وقدرتها على تلبية احتياجات القراء المواكبين للتكنولوجيا الحديثة في تحولها إلى مركز تعليمي متكامل ذي بيئة مرحة وصديقة للعلم والمعرفة.
وتشجع “مكتبات الشارقة العامة” على التعاون والتحفيز الذهني في ورش العمل والجلسات التفاعلية التي تنظمها وتستضيفها على مدار العام لكافة الفئات العمرية وأعضاء المجتمع من ذوي الإعاقات حيث توفر مساحاتها الرحبة لهم فرصة التواصل ومشاركة الأفكار والتفاعل في عملية التعليم الهادف فخلال صيف العام الجاري وحده نظمت المكتبات 36 نشاطاً صيفياً استهدفت القراء من جميع الأعمار.
و على الرغم من أنها تأسست في وقت كان الوصول إلى المعلومات فيه صعباً لكنها استمرت بالازدهار في عصر شهد تغييرات تكنولوجية كبيرة وأثبتت أن المرونة والقدرة على التكيف ووفرة المصادر والمعلومات عوامل تساعد المكتبات على مواصلة تعزيز التعليم والتطور المهني وتوفير الخدمات التي تتجاوز مجرد إعارة الكتب .
و مع أن الأدوات التعليمية الرقمية أصبحت أدوات مهمة لا غنى عنها في العصر الحديث إلا أن المكتبات توفر فوائد ملموسة وغير ملموسة للمجتمع وتمكِّنه من مواكبة المجتمع المعاصر.
وتوفر المكتبات للمجتمعات فرصة الوصول إلى الخدمات لأسباب عدة و لا يقتصر دورها على توفير مصادر المعلومات وإعارة الكتب وفي العصر الرقمي أصبحت المكتبات العامة قادرة على الوصول إلى المجتمعات في المناطق البعيدة وتوفير المعرفة والمعلومات لها .
وبوصفها مركزاً شاملاً للتعلم والتعاون تستضيف “مكتبات الشارقة العامة” جلسات قرائية وندوات ثقافية وورش تدريب تعليمية وتربوية وفعاليات نوادي الكتاب المختلفة وغيرها من الأنشطة على مدار العام، لتعزيز الروابط المجتمعية بين القراء ومنحهم فرصاً مستدامة للتعلم.
و المكتبات تسلح المجتمعات بالمعرفة من خلال توفير فرصة الوصول إلى مصادر ثمينة متعددة الثقافات وبلغات مختلفة مجاناً ما يدعم التعلم والتعليم والثقافة والتثقيف وخلال المرحلة الأولى من الجائحة في 2020 وفَّرت “مكتبات الشارقة العامة” كافة مصادرها الإلكترونية والرقمية بأكثر من عشر لغات للقراء بجميع فئاتهم العمرية في جميع أنحاء العالم وشملت تلك المصادر 21 ألف دراسة علمية و3000 فيديو في جميع التخصصات و160 ألف كتاب إلكتروني و5 ملايين رسالة ماجستير وأطروحة دكتوراة إضافة إلى مجموعة كبيرة من الوثائق والمخطوطات النادرة والكتب الصوتية.
و من عثرات محركات البحث الرقمية أنها تقدم معلومات كثيرة زائدة عن حاجة القارئ، وعلى الرغم من أن المحتوى التفاعلي المفيد متوفر على الإنترنت فإن معظم المعلومات لا صلة لها بموضوع البحث وفي أحيان كثيرة لا تتمتع بالمصداقية والموثوقية وقد تكون مضللة أحياناً لكن في المقابل تركز “مكتبات الشارقة العامة” على قيمة الحقائق العلمية والموثوقية وتقدِّم معلومات محايدة ودقيقة كما أن أمناء المكتبات يرشدون القارئ إلى المحتوى أو المعلومات التي يحتاجها.
و تمثل المكتبات مساحات آمنة ترحب بجميع القراء من جميع الخلفيات الاجتماعية والأعمار والجنسيات والأعراق ومع أن الفضاءات الإلكترونية تجمع الناس على اهتماماتهم المشتركة إلا أن ظواهر التنمر الإلكتروني والجرائم الإلكترونية بالإضافة إلى استغلال التسويق الجغرافي تجعل من الإنترنت فضاءً غير آمن وبشكل خاص للأطفال والناشئة وفي المقابل تعمل الفضاءات الاجتماعية والرقمية التي توفرها “مكتبات الشارقة العامة” على ضمان أمن المجتمعات والقراء والمتعلمين وتلبي احتياجاتهم دون أن تغفل ذوي الإعاقات لتصبح واحدا من الأماكن العامة الملتزمة أخلاقياً بعدم التلاعب بالمستخدمين أو استغلالهم لأهداف تجارية.
و المكتبات شريكة في ضمان النجاح الأكاديمي للطلابً ونجحت المصادر متعددة التخصصات ذات الجودة العالية لمكتبات الشارقة العامة ورؤيتها ورسالتها في دعم الوصول العادل للمعرفة بتلبية احتياجات التعليم العالي للطلاب الجامعيين والمتخرجين والباحثين والزملاء الباحثين في الشارقة ودولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي كما عززت رسوم العضوية المخفضة لطلاب التعليم العالي فرص التعلم الذاتي والتحصيل الأكاديمي.
كما أن المكتبات تعزز حرية تبادل الأفكار وتفتح أبوابها للمفكرين المستقلين ومن خلال تحفيز مخيلة القراء وفضولهم لاكتساب المعرفة تعطي المكتبات الأفراد حرية إثراء أفكارهم ورؤاهم ومع تحولها إلى مركز علمي وثقافي مبتكر توسع “مكتبات الشارقة العامة” آفاق الإبداع والابتكار والتعلم.
المصدر : وكالة أنباء الإمارات