ارتفاع حصيلة القتلى كل ساعة تضاؤل الآمال بشأن وقف إطلاق النار في غزة بعد إصرار إسرائيل على مواصلة الحرب
تل أبيب (د ب أ)-
ترتفع حصيلة قتلى حرب غزة في كل ساعة، كما تتزايد الضغوط الدولية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بصورة مطردة. وفي الوقت نفسه، يعرب الإسرائيليون العاديون عن المزيد والمزيد من الشعور بالإحباط بسبب الاتجاه الذي تسير فيه الحرب الأكثر دموية حتى الآن ضد حركة حماس.
وأفادت صحيفة “لوس أنجليس تايمز” الامريكية في تقرير لها، بأنه رغم ذلك، فإنه مع قرب انتهاء العام ، ليس من الواضح ما إذا كانت مجموعة العوامل هذه ستؤدي إلى توقف مؤقت في أعمال القتال التي تتسبب في خسائر بشرية هائلة، وتؤدي إلى تقليص الدعم لأمريكا في جميع أنحاء العالم، كما تهدد بالتأثير على نتائج الانتخابات الأمريكية المقررة في الخريف المقبل.
ويشار إلى أن حصيلة القتلى في غزة، والتي تفاقمت بسبب واحدة من أكثر حملات القصف المكثفة في تاريخ الحروب الحديثة، وصلت إلى رقم قياسي موحِش يوم الجمعة الماضي، بعد أن تجاوز عدد القتلى الـ20 ألفا. كما أشارت الأمم المتحدة إلى أن النساء والأطفال يمثلون نحو ثلثي عدد القتلى الفلسطينيين.
وفي أحدث إظهار لمقاومة الدعوات الأمريكية لوقف سقوط الضحايا بين المدنيين، قال نتنياهو للرئيس الامريكي، جو بايدن، في مكالمة هاتفية أجريت أمس الاول السبت، إن إسرائيل “ستواصل الحرب حتى يتم تحقيق جميع أهدافها”، بحسب ما ذكره مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي.
كما سعى نتنياهو إلى تصوير ما اعتبر على نطاق واسع أنه توبيخ علني نادر لإسرائيل من جانب الولايات المتحدة، على أنه إظهار للتضامن: وهو قرار إدارة بايدن يوم الجمعة بعدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يطالب بالسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة.
وقال مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بعد إجراء المكالمة الهاتفية، إن نتنياهو: “أعرب عن تقديره” للموقف الأمريكي إزاء القرار، الذي أحجم عن المطالبة بوقف إطلاق النار، بينما دعا إلى تقديم مساعدات إنسانية “بدون عوائق” لغزة. وقد كان بايدن، من خلال تصريحات مقتضبة من أمام البيت الأبيض، أقل كلاما، حيث قال إنه أجرى محادثة “خاصة” مع نتنياهو، و أنه لم يطلب وقفا لإطلاق النار.
ويشار إلى أن قرار مجلس الأمن صدر بعد أيام من إجراء مفاوضات، سعت خلالها الولايات المتحدة إلى تخفيف نبرته، بحيث لا يحتوي على دعوة لوقف إطلاق النار.
وذكرت صحيفة “لوس أنجليس تايمز”، أن الدعم القوي لإسرائيل من جانب إدارة بايدن، تراجع قليلا، في ظل تزايد النداءات العاجلة المطالبة بوقف الأعمال العدائية، محليا، ومن بينها قاعدة بايدن في الحزب الديمقراطي، وذلك قبل 11 شهرا من إجراء الانتخابات الرئاسية التي تشهد منافسة محتدمة، وبين العديد من حلفاء الولايات المتحدة.
ومن جانبها، رحبت منظمات الإغاثة بقرار الأمم المتحدة الصادر يوم الجمعة، إلا أنها قالت إنه أقل كثيرا بشكل مؤسف، من تلبية الاحتياجات المطلوبة. ويعيش مئات الآلاف من سكان غزة، الذين نزحوا من بيوتهم بدون ما يكفيهم من الغذاء أو الماء بسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي، في ظل البؤس والمرض.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، إن عدم المطالبة بوقف إطلاق النار، هو أمر “غير مبرر”.
وأكدت لجنة الإنقاذ الدولية ما أعلنته العديد من المنظمات الأخرى، حيث قالت: “نؤكد أن الطريقة الوحيدة لحماية أرواح الفلسطينيين بالكامل، وتمكين الاستجابة الإنسانية الكافية وتوفير أفضل فرصة لإطلاق سراح الرهائن، هي وقف القتال”.
وكانت الولايات المتحدة قد تراجعت أثناء التصويت يوم الجمعة، عن معارضتها لسلسلة من القرارات المماثلة، ووافقت على الامتناع عن التصويت.
وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت بمفردها – قبل إجراء ذلك التصويت – حق الفيتو ضد الإجراءات التي دعت إلى وقف إطلاق النار ولم تدن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الاول/أكتوبر. وقالت إدارة بايدن، إلى جانب إسرائيل، إن وقف إطلاق النار في الوقت الحالي، والذي من شأنه أن يترك قيادة حماس في مكانها، سيسمح للحركة المسلحة بإعادة تنظيم صفوفها وإعادة تسليحها.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، عندما تمت الموافقة على الإجراء يوم الجمعة الماضي: “لقد قدم هذا المجلس اليوم بصيصا من الأمل، وسط بحر من المعاناة التي لا يمكن تصورها… لقد دعا هذا المجلس اليوم إلى اتخاذ خطوات عاجلة من أجل السماح الفوري بالوصول الواسع للمساعدات الإنسانية بأمان وبدون عوائق، وتهيئة الظروف من أجل وقف الأعمال العدائية بصورة مستدامة”.
وقد كان هناك أعضاء آخرون في مجلس الأمن، غاضبين بسبب عدم إمكانية إقناع الولايات المتحدة بالمضي قدما.
ويعد أقرب مثال سابق على عدم وقوف الولايات المتحدة في صف إسرائيل بالأمم المتحدة، خلال الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس الامريكي الاسبق، باراك أوباما، عندما امتنعت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة آنذاك، سامانثا باور، عن التصويت لاول مرة على الإطلاق، مما سمح بالموافقة على قرار لمجلس الأمن يعلن عدم قانونية المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وعلى الرغم من تماشي هذا القرار مع القانون الدولي، وكونه بمثابة سياسة أمريكية استمرت لعقود، أثار هذا الإجراء غضب الحكومة الإسرائيلية وبعض الجمهوريين، ومن بينهم الرئيس التالي، دونالد ترامب.
وعلى أي حال ، لم يتم في الوقت الحالي قبول المطالبات بوقف لإطلاق النار، ولو كان ذلك بشكل مؤقت.