شيم الأبرار
لعل المشاعر الفياضة تٌسكب فيضاً، فيئا ظلالاً تودداً وتحناناً ووفاء. فكيف إن جاءت من شاعر فذ كبير له الباع في مفردات اللغة وتجلياتها في سائر المحتوى والمٌنجز. إذ أن العاطفة المتغلغلة حبوراً وتفرداً تظهر جلية في خلد الشاعر العتيبة الذي ملئت سيرته الآفاق – نعم يبث وداع أمه الثانية لواعج ألم وفراق تذوب الحروف وتبعثها من جديد في شيم الأبرار الأوفياء المخلصين.
ماذا أقول واحرفي كلمى ؟ برثا مربيتي أنا سلمي
هي من حبتني بالحنان عطفها وغدت بفضل عطفها أما
لم أنسها لما كبرت ،لم يغب عني تذكر فضلها يوما
المشاعر الجياشة
الولوج المتباين الحسي والمعنوي يتضح في نجوى الشاعر ممزوجا في اطروحات إنسانية تنم عن مساحة فضلى في التعبير الجياش الذي يتخطى فلسفة الوجود في وقفات ونسمات تٌفضى الى تربية حسنة في سائر شؤون الحياة.
هي لم تهبني زاد جسمي إنما أعطت حناناً زادني حٌلما
منها عرفت الحب في أمومة أعطت فمي لعطفها طعما
لم تنقطع عني طوال عمرها تزورني في أبوظبي دوما
أجل إن الرؤى تتضح وتتبلور لدى شاعرنا في تجليات نورانية وتكشف لنا عبقرية السرد وانسياب المحتوى في أبهى صورة وأجل تجسيد، في الزمان والمكان الذي أعطى زخم تواتر القصيد في فخم العبارة وصقل الفكرة التي توائم الحدث إنها الأم المثالية التي ترسل إشاراتها في مقدمها إمارات النور والإشعاع الوفاء الذي لا ينفك عن جبينها وتلك صفة الصالحين المؤمنين وسِمة وسحنة على الوجوه الخيرة النيرة.
يسبقها النور اذا ما اقبلت يعطى لنا بوصولها علما
اليوم للبرى مضت سعيدة والحزن في أعماقنا عمّا
نزاهة الذات
إشارة الحدث لا ينسدل خافيا يتوارى عن الاعين. خاصة لدى جناح الشعراء الماجدين كون السجية تمنح الاحاسيس وركائز الشعور مكائن تتبلور فيها المعطيات كي تتصاعد في اطر الوجدان تموج في طيات النزاهة وصدق الذات لا تشوبها شوائب ولا تعكر ارهاصاتها عوالق. بلى هي موجات تحاكي القلب وتتوقد في لب الفؤاد وما أروع تلكما المناجاة من شاعرنا العتيبة:
دمعي على الفراق بات سائلا لكنه لا يٌفرج الهِمّا
كانت كإمِ بالحنان حينما تزورني كل الأسى يٌرمى
لما مضت أمى أتت لبيتنا لكي تقول فارق الغما
اذا فقدت الأم لا تنس من كانت وما زالت لك الأمَا
يا رب اسكنها نعيم جنة وهب لنا صبرا على سلمى