أخبار عربية ودولية

عبء النزوح السوري يخنق لبنان إقتصاديّاً وأمنيّاً!

النائب البرلماني غياث يزبك لـ "الوحدة": واقع النازحين السوريين كارثي وضاغط

تقرير : رماح هاشم – بيروت
يرزح لبنان تحت عبءٍ كبير يُضاف إلى الأعباء الكبيرة التي خلفّتها الأزمة الإقتصاديّة، وهذا العبء يتمثّل بالضغط البشري الكبير للنزوح السوري بشكلٍ يُكلّف الدولة اللبنانيّة المليارات نتيجة إستهلاك البنى التحتية في وقت تُعاني ماليّة الدولة من ضائقة كبيرة حرمَت اللبنانيين من الطبابة وتقديمات إجتماعيّة هامّة. هذا الضغط يتقاطع مع هاجس أمني مع إرتفاع نسبة الجريمة بكل أنواعها بين النازحين السوريين.
هذا الواقع يتناوله النائب في البرلمان اللبناني غياث يزبك، والذي يؤكّد أنّ “واقع النازحين السوريين كارثي لا يُوصف، بكل المقاييس، هو واقع ضاغط لا يُطاق، هذا هو الواقع اليوم في لبنان”.
ويردف يزبك قائلاً خلال حديث مع جريدة “الوحدة”، “يجب ألا ننسى بأن الواقع السوري جاء ليُضاف إلى أزمة اقتصاديّة ماليّة كبيرة تعصف بلبنان منذ العام 2019. لدينا اليوم نحو مليونيْن و200 ألف سوري على عديد سكان مُقيم من اللبنانيين مُكوّن من حوالي 4 ملايين نسمة، فلبنان يُعاني من أزمة مياه وغذاء يتسبّب بها السوريون إذْ يستهلك هؤلاء أكثر من نصف مواردنا المائيّة، ونصف ما نستورده من طحين ومحروقات، ويستهلكون طاقتنا الكهربائيّة ولا يدفعون، والأخطر أنّهم يسكنون حول المدن والقرى وضفاف الأنهر ويتخلصون من المياه المبتذلة والنفايات الناجمة عن تجمعاتهم السكنيّة العشوائيّة في الأنهر والسواقي وعلى الطرقات، ما يلوّث المياه الجارية ويلوّث المياه الجوفية و يتسبّب أيضاً بإنتشار الأمراض والأوبئة التي تتفشّى عادة حيث الفقر المدقع، إذ تعجز العائلات عن الحصول على الغذاء والدواء وعلى المياه الصالحة للشرب والتنظيف، هذا هو واقع الأزمة في لبنان اليوم”.
إضافةً إلى كُلّ ذلك، يُشير يزبك إلى أنّ “هذا الفقر يتسبّب بتفلت إجتماعي أمني بحجّة البحث عن اللقمة وعن إطعام الأطفال، حيثُ لا يُمكن لربّ العائلة المكونة من العديد من الزوجات و الأطفال يَسد جوعهم ، فيجِد نفسه مضطرّاً لإرتكاب أعمال جرميّة لتأمين المأكل والمشرب والدواء لأطفاله”.
إذًاً، حسب ما يوضح يزبك “هذا واقع الأزمة الضاغطة على صدر اللبنانيين”، ويضيف بأن “كل التقارير والإحصاءات الدوليّة و دراسات المؤسسات الإنسانيّة، تشير إلى أنّ لبنان يقع في أسفل سلم الدول الأكثر فقراً، وعملته تساوي صفراً، ولدينا نسبة بطالة تتجاوز الـ40 في المئة من طاقتنا العاملة، ولا يتمكّن المواطنون اليوم من الإستشفاء أو الحصول على الدواء في ظلّ غياب وتفكّك الأنظمة الصحية وأنظمة الرعايّة الإجتماعية للدولة اللبنانية”.
هذه “صورة الواقع اليوم الناجمة في 60 في المئة عن هذا الواقع الضاغط الذي يشكله الوجود السوري في لبنان”.
أمّا فيما يتعلّق بحلّ هذه الأزمة المستعصيّة والخانقة، فيرى يزبك بأنّ “الحلّ يبدو بشكل عام معقداً، لكن أسباب تعقيده هو إصرار المؤسسات الدولية وعلى رأسها المفوضيّة العليا للاجئين الـunhcr على إبقاء السوريين في لبنان، فيما الواقع الأمني في سوريا اليوم لا يمنع أبداً من عودة هؤلاء إلى بلادهم. ثانياً، سقطت صفة اللاجئ السياسي الخائف من إنتقام أمني من قبل النظام السوري، بدليل أن أكثر من 85 في المئة منهم يزورون سوريا، ويخرجون ويدخلون إلى بلادهم بشكلٍ طبيعي وآمن، وتفسير ذلك أنّ الوجود السوري في لبنان إقتصادي إستغلالي، لأنّ الواقع الإقتصادي في سوريا اليوم غير مُريح. أما سبب عدم وجود وضع إقتصادي مستقر في سوريا فمردّه إلى أنّ الصراع الدائر في سوريا تسبب في تهجير نصف سكان البلاد إلى الدول العربية المجاورة وإلى أصقاع العالم ، ونظام الأسد لأسباب سياسية ، يرفض عودة السوريين إلى بلادهم، لأن هذا الأمر قد يُشكّل عليه ضغطاً سياسيّاً وأمنياً  ،  لذلك على المجتمع الدولي اليوم أن يدفع لإنقاذ لبنان ممّا يتسبّب به الوجود السوري الضاغط، ويعيد السوريين الى سوريا”، لافتاً إلى أنّ “ما يُدفع للاجئ السوري في لبنان، نطالب كدولة لبنانية بأن يُصرَف ويُدفع له في سوريا”.
ويتابع: “ما يدفعنا لقوْل هذا الكلام هو أنّ المفوضيّة العليا للاجئين والمجتمعات الدولية المهتمة بالسوريين قادرة على تأمين الحماية المعنويّة والأمنيّة والرعايّة القانونيّة الدوليّة بما يُلزِم الأسد، في حال كانت لديه نيّات للإعتداء عليهم، بما يُلزمه بحمايتهم وعدم التعرّض لهم أو إيذائهم”.
وهناك حل آخر، يشير إليه يزبك، “مَن هم من المعارضة يُمكنهم التوجّه الى إلى المناطق التي تُسيطر عليها المعارضة، ومّن هم مع نظام الأسد أو لا يؤذيهم الأسد يعودون إلى المناطق التي يُسيطر عليها نظام الأسد”.
ويختم النائب يزبك حديثه، موضحاً بأنّ “الفكرة الأساسية المغلوطة المدمِّرة للبنان نابعة من أنّ المجتمع الدولي وتحديداً الدول الأوروبية التي هي في جيرتنا المتوسطيّة، تعتقد أنّها إذا أبقت السوريين في لبنان، فهي تحمي دولها من موجات النزوح الكثيفة في حال عاد النازحون إلى سوريا، علماً بأنه في حال سقطت الدولة اللبنانية، وهي ستُشارف على السقوط، ستتحوّل 220 كيلومتراً من الشواطئ اللبنانية إلى رصيف عبور للنازحين بشكل عشوائي إلى أوروبا. لذلك على هذه الدول أن تلجأ الى الحلول العقلانية وألا تحمّل لبنان ما لا قدرة له على تحمله، وإذا أرادت فعلاً حماية أمنها، عليها أنْ تُساعد الدولة اللبنانية على أنْ تبقى صامدة وكذلك أجهزتها الأمنيّة. الوجود السوري الضاغط ، سيسقط لبنان وإذا سقطت الدولة اللبنانية ستسقط منظومات الحمايّة الواهية السطحية التي يُحاول الأوروبيون أنْ يحموا أنفسهم من خلالها”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى