الأبحاث تؤكد أن الأفراد ذوي الخلفيات العلمية أو التقنية أكثر عرضة للوقوع في شرك التطرف
يجب إتاحة الفرصة لطلاب تخصصات العلوم والهندسة دراسة العلوم الاجتماعية أو الإنسانية
أبوظبي – الوحدة:
أكد مركز صواب في دراسة بحثية جديدة أن العلوم الاجتماعية والإنسانية يمكن أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في تعزيز جهود مكافحة الأفكار والعقائد المتطرفة وتقليص فرصة وقوع الأفراد في شرك الفكر المتطرف. وخلُصت الدراسة التي تحمل عنوان “حصن منيع في وجه التطرف: العلوم الاجتماعية والإنسانية”، إلى أن مكافحة التطرف بشكل فعّال تتطلب العمل على جبهتين في آن واحد؛ تتمثل الأولى بمواجهة الأفكار المتطرفة ذاتها، والثانية في تقليل قابلية تبني الأفراد هذه الأفكار وتأثرهم بها، وأشارت نتائج الدراسة إلى أن تعليم العلوم الاجتماعية والإنسانية يسهم بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف.
وكشفت الدراسة البحثية عن وجود أدلةٌ تشير إلى أن الأفراد ذوي الخلفية العلمية أو التقنية هم أكثر عرضةً للوقوع في شرك التطرف مقارنةً بأقرانهم من المثقفين في العلوم الاجتماعية أو الإنسانية، بالإضافة إلى ادلة تشير إلى أن بعض الأفراد يمتلكون “عقلية متطرفة متشددة” تجعلهم بطبيعتهم أكثر تقبّلاً للأفكار والعقائد المتطرفة، وتزيد من فرص انخراطهم في أعمال العنف الإرهابية. وأوضحت الدراسة التي أجراها فريق مركز صواب أن هناك عيوباً فكرية تعزز هذه العقلية، مثل التفكير الثنائي (الأبيض والأسود) والانغلاق الفكري واليقين المفرط بصحّة المعتقدات والغطرسة الفكرية، والنفور من التعقيد.
وسلطت الدراسة الضوء على أهم الخصائص التي تميز العلوم الإنسانية، أهمها إدراكها بأن لكل فرد حياته الخاصة، وأن فهم هذه الحياة يعد ضرورياً لاستيعاب طبيعة البشر من حوله. حيث يتطلب ذلك فهماً عميقاً للحياة الداخلية للأفراد، وهو ما يجعل من فهم سلوكيات البشر أمراً ممكناً. وبيّنت الدراسة أن استكشاف مدى إمكانية تحقيق هذا الفهم العميق يعد من أبرز القضايا التي تتناولها العلوم الإنسانية بالبحث والتحليل. كما أن الأعمال الأدبية والفلسفية العظيمة توفر رؤى متبصّرةً حول العالم الداخلي للبشر، من خلال شرح دوافعهم ورغباتهم ومخاوفهم وآمالهم، وهي رؤى يصعب اكتسابها بسهولة عبر وسائل أخرى.
وتطرقت الدراسة إلى الفكرة القائلة بأن دراسة المواد غير العلمية مثل الفلسفة، التاريخ، السياسة، والأدب، يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في مكافحة انتشار الفكر المتطرف بين الشباب، مشيرةً إلى أنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي حتى الآن، مما يستدعي إجراء المزيد من البحث والتمحيص المعمق حول هذه الفرضية.
وخلصت الدراسة إلى ضرورة منح طلاب الجامعات، بما في ذلك طلاب تخصصات العلوم والهندسة، الفرصة لدراسة العلوم الاجتماعية أو الإنسانية، مع تشجيعهم على حضور دورة واحدة على الأقل في هذا المجال. كما أوصت الدراسة بزيادة التركيز على تدريس علوم المنطق وتوسيع نطاق تعليمها لما لها من أهمية في تعزيز التفكير النقدي ومواجهة الأفكار المتطرفة.