متحف اللوفر أبوظبي يستقبل خمس قطع فنية مُعارة من المكسيك تُعزِّز مجموعة مقتنياته العالمية
أعلن متحف اللوفر أبوظبي عن وصول خمس قطع أثرية متميزة، مُعارة من المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ في المكسيك، في إطار تبادل ثقافي تاريخي، أعلن عنه معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، رئيس متحف اللوفر أبوظبي، وسعادة ماريا تيريزا ميركادو، نائبة وزير الخارجية المكسيكي.
وتُعد هذه المرة هي الأولى التي تنتقل فيها هذه القطع الثمينة إلى المنطقة، وهي تشمل قناعاً شعائرياً من كالاكمول، وهو اكتشاف أثري حديث يعود إلى حضارة المايا.
وستظل القطع الأثرية الخمس معروضة في المتحف حتى شهر أبريل 2025 على الأقل.
و أصبح متحف اللوفر منذ تأسيسه في أبوظبي عام 2017 كأول متحف عالمي الطراز في العالم العربي، بمثابة منارة تتجلى من خلالها الإبداعات الإنسانية العالمية، حيث يسرد قصص الروابط الثقافية عبر الزمن.
ويدعم إنجاز هذه المهمة، الشراكات الدولية المؤثرة والعلاقات البناءة التي أقامها المتحف مع العديد من المؤسسات الدولية من خلال توقيع اتفاقيات الإعارة المتبادلة التي تيسر عرض القطع الأثرية والأعمال الفنية التي تنتمي إلى فترات تاريخية متنوعة من شتى أنحاء العالم.
وتُعد تلك القطع الأثرية والأعمال الفنية المتميزة، بمثابة سفراء يمثلون ثقافات مختلفة، ويسلطون الضوء على ثراء تلك الثقافات، ويبرزون أهميتها لجماهير جديدة، فمن خلال عرض أعمال فنية لم يسبق عرضها في المنطقة من قبل، تسعى هذه المبادرة إلى تمكين الزوار من الحصول على فهم أعمق لثقافات متنوعة، ومن خلال هذا التعاون الجديد، يتسع نطاق المبادرة ليشمل المكسيك، وهو ما يعزز التزام المتحف بسردية عالمية تُوسِّع آفاق التواصل الثقافي وتُسهِم في دعم التقدير العالمي للإرث الفني.
وقال معالي محمد خليفة المبارك: “تتمثل مهمة الثقافة في تعزيز التفاهم والاحترام المتبادَل بين المجتمعات والحضارات المختلفة من حول العالمن وقد مكن متحف اللوفر أبوظبي أفراد المجتمع المحلي في الإمارة وزوارها من استكشاف مجموعة من الروائع الفنية العالمية، وتعزيز ثروتهم المعرفية، وذلك من خلال تيسير التواصل المستمر بين الثقافات، والتعاون المثمر مع عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية المرموقة، وستسهم هذه الشراكة الجديدة في إطلاع جمهور المتحف على ثقافات المكسيك الثرية والقديمة، وهو ما من شأنه أن يعزز دور العلاقات طويلة الأمد مع هذا البلد الحيوي”.
ويُعقد هذا المعرض بفضل جهود وزارتيّ الخارجية والثقافة المكسيكية، ومن خلال المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ ومتحف اللوفر أبوظبي.
وقالت سعادة ماريا تيريزا ميركادو بيريز، نائبة وزير الخارجية المكسيكي: “يمكن اعتبار هذا المعرض الحدث الأكثر أهمية للترويج للثقافة المكسيكية الذي يجري تنظيمه في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين”.
يُذكر أن القطع الأثرية المكسيكية الخمس المُقدمة إلى المتحف على سبيل الإعارة تتضمن رأسا ضخما يزِن 5840 كجم، منحوت من كتلة ضخمة من البازلت، وينتمي إلى حضارة الأولمك (1200 – 500 ق.م) المكسيك، ولاية فيراكروز، سان لورينزو- تيوتيهواكان (1200-900 ق.م) من المتحف الوطني للأنثروبولوجيا في خالابا؛ جامعة فيراكروز.
وتمثل الرؤوس الضخمة حكام الأولمك الذين ربما شغلوا مناصب سياسية ودينية في عصورهم.
كما تتضمن تلك القطع مبخرة من النوع “المسرحي”، حضارة تيوتيهواكان (100 ق.م – 800 م)؛ المكسيك، تيوتيهواكان (0 – 650 م)، موقع تيوتيهواكان الأثري، من المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ.
وبدأ تصنيع المباخر بين عامَي 1 و100 ميلادية، وكان البخور حينها مكوناً من الفحم والكوبال اللَّذَيْنِ كانا مُتوَفِّرينِ بكثرة في أمريكا الوسطى.
أما القطعة الثالثة من بين القطع الخمس، فهي قناع حجري على شكل وجه إنسان (100 ق.م – 800 م)، المكسيك، تيوتيهواكان (200 – 900 م)، موقع تيوتيهواكان الأثري، من المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ، يُجَسِّدُ ملامح الوجه البشري التقليدي، كما يرتبط أسلوب نحته بمدينة تيوتيهواكان في وسط المكسيك التي تشتهر بالزراعة والخصوبة، بينما تتمثل الرابعة في قناع شعائري ينتمي إلى حضارة المايا (600 ق.م – 1521 م)، المكسيك، كامبيتشي، موقع كالاكمول الأثري (200 – 600 م)، من مركز المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ في كامبيتشي، يعد اكتشافاً أثرياً حديثاً ويُعرض أمام الجمهور لأول مرة؛ إذ شهدت طقوس الدفن الملكية ظهور مثل هذه الأقنعة المصنوعة بإتقان، إضافةً إلى أغراض أخرى مثل المباخر والأواني، فيما ثثمثل الخامسة في عمود منحوت من تشيتشن إيتزا، مدينة تشيتشن-إيتزا، ينتمي إلى حضارة المايا (600 ق.م – 1521 م)، المكسيك، ولاية يوكاتان، تشيتشن-إيتزا (900 – 1200 م)، من المتحف الوطني لثقافات العالم، المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ، وهو ينتمي إلى فئة تماثيل الأطلنطيين، وهي عبارة عن منحوتات مجسمة؛ أذرعها مرفوعة فوق رؤوسها، ويُحمَل عليها مذبح، أو مقعد، أو عتبة مبنى يُرجّح أن يكون دار عبادة.
من جانبه، قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: “إنه لشرف كبير لنا أن نستضيف هذه القطع الأثرية الثمينة القادمة من المكسيك إلى متحف اللوفر أبوظبي لكي نسلّط الضوء على فصول مهمة من تاريخ أمريكا الوسطى ونقدمه لشعوب المنطقة، حيث انصب اهتمام اللوفر أبوظبي في البداية على الأعمال الفنية المُعارة من الشركاء الفرنسيين، لكنه وسَّع نطاق هذه الأعمال من خلال التعاون مع العديد من المؤسسات الإقليمية. ومن ثَمَّ، اتسع نطاق ذلك التعاون ليشمل مؤسسات من أنحاء آسيا المختلفة وغيرها من المناطق حول العالم، وقد أسهمت تلك الشراكات في إثراء مجموعة مقتنيات اللوفر أبوظبي وعزّزت من دوره كمنصة مركزية للتبادل الثقافي تحتفي بثراء وتنوع الإبداع البشري والتاريخ الإنساني”.
وأكد راباتيه، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام”، أهمية التعاون بين دولة الإمارات والمكسيك، واصفا إياه بأنه “تعاون رائع بين بلدين وبين نظامين متحفيين” يربط بين الحضارات من جميع أنحاء العالم، ولافتا إلى أن هذه الخطوة هي الأولى، ما يشير إلى المزيد من التبادل الثقافي بين البلدين في المستقبل.
وأضاف أن عملية جلب هذه القطع الأثرية إلى أبوظبي استغرقت ثلاث سنوات من التخطيط، مشيرا إلى أن تنسيق اختيارها ونقلها إلى أبوظبي تم بدقة فائقة لتلبية أعلى المعايير الدولية.
وسلط راباتيه الضوء على دور متحف اللوفر أبوظبي، باعتباره أول متحف عالمي في العالم العربي، في توفير إمكانية الوصول إلى الثقافات العالمية لسكان المنطقة والزوار، لافتا إلى تصميم برامج تعليمية لإشراك الزوار من جميع الأعمار.
وقال إن الفرصة ستكون متاحة أمام الجميع لاستكشاف هذه القطع الأثرية من خلال المحاضرات والرحلات الاستكشافية والتفاعلات الرقمية والبشرية؛ إذ سيوفر المتحف موارد متعددة اللغات بالعربية والإنجليزية والفرنسية وغيرها، لضمان أن تصل المجموعة المكسيكية إلى جمهور متنوع، مردفا: “كمتحف عالمي، نسعى إلى سرد قصة جميع الحضارات وجميع العصور”
من جانبه قال خوان مانويل غابيريل لوبيز، المنسق الوطني للمتاحف والمعارض في المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ في المكسيك، إن إحدى المهام الأساسية التي أنشئ من أجلها المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ قبل 85 عاماً هي نشر التراث الثقافي الثري والمتنوع في المكسيك، حيث كرَّس جهوده لصونه وإجراء الأبحاث المتعلقة به.
وأضاف أن مهمة المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ ورسالته تتمثلان في العمل على توظيف الفرص المتاحة كافة لتسليط الضوء على النسيج الثقافي المتنوع الذي تميزت به المكسيك في ماضيها وحاضرها، لأن عرض هذا التراث يُعد أيضاً وسيلة لزيادة الوعي بأهمية حمايته، مردفا: “إنه أمر رائع للغاية أن نشهد الآن عرض خمس روائع فنية في متحف اللوفر أبوظبي، حيث تمثل تلك الروائع بعض الثقافات التي ازدهرت في أمريكا الوسطى، وهي أعمال فنية تشهد على الإنجازات المتميزة ونظرة العالم لتلك الحضارات القديمة، التي تشكل جزءًا من الهوية المكسيكية”.
وأكد أن الفضل في نجاح هذا التعاون المثمر الجديد يرجع إلى الجهود الكبيرة التي بذلها فريق إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي، معتبرا أن هذا التعاون هو خطوة بالغة الأهمية في تعزيز الإطار السردي العالمي لمتحف اللوفر أبوظبي؛ إذ يسهم في تسليط الضوء على التراث الثقافي الثري للمكسيك ويمَكِّنه من الوصول إلى الشرق الأوسط.
ولفت إلى عرض قطع أثرية وأعمال فنية من المكسيك في قاعات العرض الدائمة في المتحف منذ افتتاحه، إلا أن هذا التعاون يؤكد التزام اللوفر أبوظبي بتعزيز التبادل الثقافي بين الحضارات، ودعم الحوار الثقافي، وتقوية أواصر الفهم المشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمكسيك.
وستُعرض القطع الأثرية التي جرى الكشف عنها مؤخراً في المتحف حتى شهر أبريل 2025 على الأقل، وهو ما يتيح للزوار فرصة متميزة لمشاهدة هذه الكنوز الثقافية عن قرب، والتعرف على الأهمية الثقافية للتراث المكسيكي الثري.
المصدر: وكالة أنباء الإمارات