نظام غذائي صديق للبيئة بدون الامتناع عن تناول اللحوم
برلين -(د ب ا):
عندما يتعلق الحديث بالاحتباس الحراري وبصمتنا الكربونية، ربما نفكر- بضمير مذنب، في أحدث رحلة جوية لنا، أو في شحنات طلباتنا الكثيرة عبر شبكة الإنترنت وجميع المواد البلاستيك في سلة قمامتنا. ولكن الكثير من تأثيرنا البيئي ناجم عن ما نتناوله.
وقالت بريتا كلاين، المهندسة الزراعية بمكتب الزراعة والطعام الاتحادي في ألمانيا” بناء على كيفية حساباتنا، يأتي ربع الانبعاثات الكربونية من المزرعة إلى شوكة الطعام”.
وأوضحت أنه من بين الآثار الضارة للزراعة الحديثة انبعاث الغازات المضرة للبيئة من تريبة الماشية وتآكل التربة وفقدان التنوع البيئي، بالإضافة إلى تأثير معالجة الأغذية ونقلها.
وتقول كلاين” يجب أن يكون من الواضح للجميع أن صحة البشرية تعتمد على صحة الأرض”.
وعلى الرغم من أن هذا يبدو تحذيرا، فإنها مقتنعة بأن الحظر التشريعي لم يحقق اي شيء، وأن النظام المستدام بيئيا ليس له علاقة بإنكار الذات. وأوضحت كلاين أن عاداتنا الغذائية متأصلة بعمق، مضيفة أننا لا نحب أن يتم إخطارنا بما يتعين علينا فعله، وخاصة من جانب الساسة.
وقالت “يتعين أن نتوقف عن إبلاغ الأشخاص بأنهم يقومون بكل شيء بصورة خاطئة. فهم لا يتعين عليهم أن يتوقفوا عن تناول اللحوم. فاللحوم العضوية التي تم إنتاجها بصورة مستدامة من منطقتك جيدة. ولكن بصورة عامة، نحن نحتفظ بعدد كبير للغاية من الحيوانات”.
وأوضحت أن المشكلة هي أن الأرض الصالحة للزراعة التي كانت تُستخدم لزراعة العلف لا يتم زراعتها بالمحاصيل التي نحتاجها لتوفير الطعام للجميع لفترة طويلة.
وفي ألمانيا، على سبيل المثال، يتناول الشخص نحو كيلوجرام من اللحوم أسبوعيا، أي ضعف الكمية الموصي بها، بحسب الجمعية الألمانية للتغذية.
ومن ناحية أخرى، خلص تقرير التغذية الذي أصدرته وزارة الأغذية والزراعة الألمانية لعام 2023 إلى أن استهلاك اللحوم يتناقص: فهناك 20% فقط من الأشخاص يتناولون اللحوم أو النقانق حاليا يوميا، مقارنة بـ 34 % منذ ثمانية أعوام.
وتطرح خبيرة التغذية ميلاني كيرك ميتشل، مؤلفة كتاب الطبخ الذي يحمل عنوان “مذاق حماية المناخ جيد للغاية: اطبخ واستمتع و حافظ على البيئة” أفكارا مشابهة لكلاين.
وقالت ” الأمر لا يتعلق بالامتناع عن تناول اللحوم، ولكن يتعلق بالحد من استهلاكها وتناولها باعتدال”.
وأضافت” اتباع نظام غذائي نباتي لا يعني أن يصبح الانسان نباتيا، ولكن ببساطة زيادة حصة الخضروات في نظامك الغذائي”.
وأوضحت أننا إذا قمنا جميعا بخفض استهلاكنا للحوم بواقع النصف، سوف نكون بذلك قد قمنا بأمر جيد تجاه المناخ. ويمكن خفض الانبعاثات بنسبة 27% من خلال نظام غذائي مرن (نصف نباتي) و 47% من خلال اتباع نظام غذائي كامل.
وتوصي الخبيرتان بتعويض البروتين الناقص بسبب تناول لحوم أقل من خلال تناول البقوليات والمكسرات. ويحتوى كتاب كيرك ميتشل أكثر من 70 وصفة، تم تصنيفها وفقا للموسم، بحيث يمكن إعدادها باستخدام المنتجات المتاحة في هذا الوقت من العام.
وعلى سبيل المثال، تنص وصفتها لطبخ كرات اللحم على استخدام المشروم بدلا من اللحم المفروم، حيث يتم تقطيعه على شكل مكعبات ويتم قليه حتي يصبح مقرمشا، بعد ذلك يتم خلطه باللحم والمكونات المعتادة الأخرى مثل البصل وفتات الخبز والخردل، وتشكيل كرات وقليها في الزيت.
وتقول كيرك ميتشل ” بالنسبة لي، كرات اللحم هذه مذاقها أفضل “.
وإذا كنت تبحث عن بديل نباتي للكريمة من أجل شوربات الكريمة، يمكن مزج 50 جراما من الكاشو و50 جراما من زيت بذور اللفت و150 مليميترا من المياه ورشة ملح، بعد ذلك يتم مزجهم في الخلاط.
وتوصى كيرك ميتشل بإجراء التجارب عامة، وتقول ” كيكة الشكولاتة التي أقوم بتحضيرها لا تحتوى على البيض أو أي مكونات حيوانية، ومذاقها طيب ورطبة بفضل الحبوب البيضاء المهروسة”.
كما تدافع المدونة ومؤلفة كتب الطبخ فيرينا هيرش، الخبيرة في الأنظمة الغذائية المستدامة عن إدراج المزيد من الخضروات في الطعام. وأشارت إلى أن ثاني أكبر مخاوفها هو مخلفات الطعام- فقد نشأت في مزرعة عضوية وتعرف جيدا حجم العمل المبذول لإنتاج الطعام.
وتقول” نصيحتي الأولى للتسوق هي ليست التفكير في ما إذا كان المنتج موسميا أو خال من البلاستيك” ولكن ” ما إذا كان يمكن للشخص أن يتناوله بأكمله”.