أكدت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة القلب الكبير، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن المهمات الملحة أمام العالم ومنظماته الإنسانية تتمثل في وضع برامج واستراتيجيات وتصميم مشاريع دعم إنساني، تستجيب للتداعيات والآثار السلبية التي تتركها الأزمات والصراعات على المجتمعات والأفراد، مشيرة إلى أن برامج الاستجابة العاجلة والطارئة، لا تكفي وحدها على الرغم من أهميتها، وأن آثار شهر واحد من المعاناة قد تستمر لسنوات طويلة وتلقي بظلالها على حياة ومستقبل أجيال كاملة.
جاء ذلك خلال لقاء سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، وسمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، المبعوث الإنساني للقلب الكبير، في مدينة جنيف السويسرية، فريق إدارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والذي شهد استعراضاً للمشاريع المشتركة بين مؤسسة القلب الكبير واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومخرجاتها.
ونوهت سموها إلى أن غياب أو نقص خدمات الرعاية الصحية والتعليم والدعم النفسي والاحتضان المؤسساتي والمجتمعي للأفراد، قد يكون أشد خطراً من الأزمات ذاتها بسبب التداعيات الخطيرة على المقدرات البشرية الضرورية جداً للنهوض من الأزمات، ودعت كافة العاملين في المجال الإنساني أفرادا ومؤسسات رسمية وخاصة إلى رفع الجاهزية أمام ما يواجهه العالم من أزمات غير مسبوقة.
وقدم بيير كرينبول مدير عام اللجنة الدولية للصليب الأحمر شرحاً حول استراتيجيات عمل اللجنة في ظل الظروف الإنسانية الراهنة، وما تقوم به فرقها بدول المنطقة التي تمر بأزمات إنسانية كارثية في فلسطين ولبنان والسودان.
وشهد اللقاء استعراض تفاصيل التحديات والمخاطر التي تواجهها فرق اللجنة لتأمين وصول المساعدات الطارئة للأهالي، و الطرق والسبل التي يمكن للعالم أن يدعم من خلالها جهود ومساعي الفرق الإنسانية العاملة.
وحول أهمية توفير الحماية الدولية والقانونية اللازمة لفرق العمل الإنساني العاملة على الأرض، أكدت سمو رئيسة مؤسسة القلب الكبير أن للعمل الإنساني قدسيته، وأنه مكفول من جميع المعاهدات والقوانين الدولية، موضحةً أنه “ لا يجوز لأي كيان أن يستبيح أو أن يبرر استباحة قدسية هذا العمل أو ينتهك القوانين التي تحميه”.
وأضافت أن العالم مطالب بحماية الفرق والأشخاص الذين يحاولون إصلاح ما تبقى من إنسانية العالم والوقوف إلى جانب المستضعفين المعرضين للموت والتجويع والتهجير وفقدان كل شيء تحت وطأة حرب لا ترحم ولا تراعي أبسط الأعراف البشرية.
وناقشت سمو قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة خلال اللقاء، أفضل السبل لتعزيز جهوزية منظمات العمل الإنساني، وأشارت إلى ضرورة التركيز على المشاريع المستدامة التي تتعامل مع الآثار طويلة الأجل للأزمات على صحة المجتمعات وقدراتها وإمكانياتها الذاتية التي تجعلها تنهض، مشيرة إلى أن ما يحدث في العالم من أزمات أمر غير مسبوق، وبالتالي على الجميع أن يفكر بطريقة جديدة وغير مسبوقة حتى يبقى أصحاب الخير في المقدمة ولا تهزمهم قوى الشر والتدمير.
من جانبه، أكد سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي خلال اللقاء أن آثار الأزمات الإنسانية الراهنة قد تستمر لعقود طويلة، وهو ما سيترك آثاراً سلبية ليس فقط على المجتمعات المتضررة بشكل مباشر، بل على العالم أجمع، مشيراً إلى أن الحاجة اليوم إلى تعزيز الشراكات المحلية والدولية وتفعيل دور القطاع الخاص لحشد الجهود الإنسانية كافة باتت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وأوضح سموه أن العمل الإنساني خلال المرحلة المقبلة يجب أن يحمل عنوان النهوض بالمجتمعات وتعافيها، وهذا يتطلب التركيز على المشاريع المستدامة خاصةً أن حجم الدمار الذي تشهده العديد من المدن في المنطقة قد طال كل أشكال الحياة ودمر المؤسسات العلمية والتعليمية والصحية والثقافية، وعطل بشكل كامل البنى التحتية والخدمات والمرافق الحيوية الأخرى.
وعلى هامش اللقاء، زارت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي وسمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي والوفد المرافق لهما متحف اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف الذي يعد واحداً من أهم صروح العالم لتخليد ذاكرة معاناة الشعوب وتكريم من تطوعوا لخدمة الإنسانية في أحلك الظروف.
واطلع سموهما على أقسام ومحتويات المتحف التي تضم قطعاً متنوعة من سيرة العمل الإغاثي الإنساني الذي تقوده منظمة الصليب الأحمر، وعروضا تقديمية لاستكشاف كيفية تقديم المتطوعين للمساعدة في حالات الطوارئ المختلفة، إلى جانب قصص مؤثرة لأشخاص استفادوا من أو ساهموا في مهام الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بما في ذلك ناجون من الحروب والكوارث الطبيعية والأوبئة.. كما يعرض المتحف آثاراً وشواهد تستعرض تاريخ تطور العمل الإنساني وتوثق تأسيس وانطلاق البعثات الإنسانية ومهماتها في أماكن مختلفة في العالم، وغيرها من محتويات المتحف.