الارتفاع القياسي لأسعار البيتكوين يتحدى صنّاع السوق
بقلم : محمد حشاد / كبير استراتيجي الأسواق في نور كابيتال
جذب الارتفاع المتواصل للبيتكوين في الآونة الأخيرة اهتمام الأسواق العالمية، حيث يتوقع العديد من المحللين استمرار ارتفاع الأسعار. لكن هناك عقبة رئيسية تلوح في الأفق: النطاق السعري بين 90,000 و100,000 دولار. حيث قد يلعب صنّاع السوق، وهم المؤسسات المالية التي تعمل على تسهيل التداول من خلال توفير السيولة، دوراً حاسماً في تحديد مسار البيتكوين، مما قد يحد من استمراره في الصعود ضمن هذا النطاق. حيث يتم تداول البيتكوين، حالياً، عند 89,300 دولار.
دور صنّاع السوق
صنّاع السوق يلعبون دوراً أساسياً في عمل الأسواق المالية، إذ يقومون بشراء وبيع الأصول لتوفير السيولة، مما يضمن سلاسة التداول ويسهم في تحديد الأسعار. ولإدارة المخاطر، يعتمد صنّاع السوق على استراتيجيات التحوط، ومن بينها بيع عقود الخيارات التي تمنح المشتري الحق في شراء أو بيع الأصل بسعر محدد في تاريخ محدد.
في حالة البيتكوين، قام صنّاع السوق ببيع عدد كبير من عقود خيارات الشراء بأسعار تنفيذية تبلغ 90 ألف و100 ألف دولار. هذه العقود تتيح للمشتري شراء البيتكوين بهذه الأسعار بغض النظر عن سعر السوق. وإذا تجاوزت قيمة البيتكوين هذه المستويات، سيضطر صنّاع السوق إلى بيع البيتكوين لتلبية التزاماتهم التعاقدية.
وقد انتعشت الأسواق بفضل توقعات المستثمرين بسياسات داعمة للأعمال في ظل إدارة ترامب الثانية، بما في ذلك التخفيضات الضريبية، وتخفيف اللوائح التنظيمية، وتقليل الرقابة على تطبيق بعض قوانين الأوراق المالية التي تستهدف العملات الرقمية. بشكل عام، تميل أسعار الأصول إلى الارتفاع بعد حدث كبير، مثل الانتخابات الرئاسية، إذا مرت بدون اضطرابات. إلا أن الارتفاع الحالي في أسعار الأصول – بما فيها العملات الرقمية والأسهم والعملات – كان شاملاً ضمن ما يعرف بـ “تداول ترامب.”
ويشعر بعض المستثمرين بالقلق من احتمالية عودة التضخم إلى الاقتصاد إذا تحققت وعود الإدارة القادمة في حملتها الانتخابية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف الاقتراض الحكومي. يذكر أن سوق السندات كان مغلقاً يوم الإثنين بمناسبة يوم المحاربين القدامى..
لقد شهد البيتكوين طفرة واضحة في الأسبوع الماضي. وقبل الانتخابات بأسابيع، روّج ترامب لمشروع مالي رقمي يدعى “وورلد ليبرتي فايننشال” يلعب فيه عدد من أفراد عائلته أدواراً رئيسية. وقد دعم هذا القطاع الانتخابات بملايين الدولارات، حيث تبرع كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع العملات الرقمية، مثل الأخوين كاميرون وتايلر وينكليفوس، مؤسسي منصة التداول جيميني، بمبالغ كبيرة لدعم ترامب. وقد جمعت مجموعة من اللجان السياسية مئات الملايين من الدولارات لدعم مرشحين مؤيدين للعملات الرقمية.
وبالرغم من هذه الأجواء المتفائلة، يحذر بعض المستثمرين من أن الأسواق قد تستبق الأحداث، خاصة وأن ترامب لم يقدم تفاصيل واضحة عن خططه بعد توليه المنصب.
التحوط وتأثيره على الأسعار
قد يلجأ صنّاع السوق، للتحوط من تعرضهم لمخاطر العقود التي أبرموها، إلى بيع البيتكوين في السوق الفورية، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار. يمكن أن يعادل هذا الاندفاع نحو البيع ضغط الشراء من المستثمرين المتفائلين، مما قد يحد من إمكانات الارتفاع في قيمة البيتكوين.
تعتمد قدرة صنّاع السوق على التأثير في سعر البيتكوين على عدة عوامل، بما في ذلك حجم مراكزهم في السوق، والاتجاه العام للمستثمرين، ومستوى مشاركة المؤسسات المالية. لكن تأثيرهم المحتمل لا يمكن تجاهله، خاصة مع اقتراب البيتكوين من النطاق الحرج بين 90 ألف و100 ألف دولار.
عوامل أخرى يجب أخذها في الاعتبار
بالإضافة إلى تحوط صنّاع السوق، يمكن لعوامل أخرى أن تؤثر على مسار سعر البيتكوين، ومن أهم هذه العوامل
* البيئة التنظيمية:
قد تؤثر التغييرات في الوانيت، لا سيما في الاقتصادات الكبرى، على معنويات المستثمرين وتدفقات رأس المال إلى سوق العملات الرقمية.
•عوامل الاقتصاد الكلي:
يمكن للأوضاع الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة، والتضخم، والتوترات الجيوسياسية، أن تؤثر على الرغبة في المخاطرة وأسعار الأصول.
* توجه المؤسسات:
قد تؤدي زيادة اعتماد المؤسسات الاستثمارية على البيتكوين، مثل صناديق التحوط وصناديق المعاشات التقاعدية، إلى زيادة الطلب على البيتكوين ودعم ارتفاع الأسعار.
•التحديثات التقنية:
يمكن للتطورات التكنولوجية وتحديثات الشبكة أن تعزز من قابلية البيتكوين للتوسع وزيادة الأمان، مما قد يجذب المزيد من المستخدمين والمستثمرين.
بالرغم من أن حركة أسعار البيتكوين المستقبلية غير واضحة، ولكن لا يمكن إغفال التأثير المحتمل لتحوط صنّاع السوق على مسارها. ومع اقتراب البيتكوين من نطاق 90,000 دولار إلى 100,000 دولار، يتوجب على المستثمرين مراقبة ديناميكيات السوق عن كثب والاستعداد لتقلبات الأسعار المحتملة.
ورغم النظرة المتفائلة تجاه البيتكوين، من الضروري أخذ العوامل التي قد تحد من صعوده في الحسبان. من خلال فهم دور صنّاع السوق والعوامل الأخرى المؤثرة، يمكن للمستثمرين اتخاذ قرارات مدروسة والتنقل في سوق العملات الرقمية المعقد والديناميكي.
وفي وقت مبكر من يوم الاثنين، وصل البيتكوين إلى 88 ألف دولار لأول مرة، كما سجلت المؤشرات الرئيسية للأسهم أرقاماً قياسية جديدة، إذ واصلت الأسواق ارتفاعها بعد فوز دونالد ج. ترامب في الانتخابات الأخيرة. ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز500 بنسبة 0.1% ليغلق فوق 6,000 لأول مرة، بينما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.7% ليغلق عند 44,293، وهو مستوى قياسي جديد.