أخبار الوطن

مركز الترميم في مكتبة محمد بن راشد.. خطوة رائدة لحفظ التراث الإنساني للأجيال القادمة

دبي – الوحدة:

في إطار جهودها الرائدة بمجال ترميم المخطوطات والمقتنيات النادرة، وتأكيداً على التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي الإنساني، الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من هويتها الوطنية ودورها الحضاري على الساحة العالمية، تسعى مكتبة محمد بن راشد، إلى تقديم نموذج عالمي في صيانة وترميم المخطوطات والمقتنيات النادرة والحفاظ على الأرشيف الوطني والموروث الثقافي، من خلال «مركز الترميم»، المجهز بأحدث التقنيات العالمية، والذي ساهم في ترميم أكثر من 500 قطعة متنوعة.

وقد حرصت مكتبة محمد بن راشد برعاية من «اتصالات e&»، على تأسيس مركز متكامل لتقديم خدمات الترميم والمعالجة الفنيّة لمختلف أنواع المقتنيات النادرة من كتب ومخطوطات، بالاعتماد على فريق واعد من الفنيين الإماراتيين، الذين يساهمون في تنفيذ عمليات الترميم باستخدام أحدث التقنيات والمعايير العالمية المتبعة في هذا المجال، لضمان الحفاظ على هذه الكنوز الثقافية والإنسانية من تأثيرات الزمن وعوامل التلف.

وقال علي جمعة التميمي، مدير إدارة المكتبات في مكتبة محمد بن راشد، «يجسد مركز الترميم في مكتبتنا رؤيتنا الاستراتيجية في حماية الموروث الثقافي والحضاري للإنسانية، من خلال تبني معايير عالمية رائدة في مجال ترميم وحفظ المخطوطات والمقتنيات النادرة، معززين ذلك بكفاءات وطنية متخصصة». وتابع «يمثل استثمارنا في تطوير الكوادر الإماراتية وتزويدهم بأحدث المنهجيات والتقنيات المتقدمة حجر الأساس في رؤيتنا لضمان استدامة إرثنا الثقافي والتاريخي، ليكونوا روادًا في هذا المجال الحيوي على المستويين الإقليمي والعالمي».

وأكدت ريم الظاهري، فني ترميم بمركز الترميم في مكتبة محمد بن راشد، «نحن نطبق أحدث الأساليب في ترميم الورق على مقتنياتنا النادرة مع أقل تدخل ممكن في مركز الترميم في مكتبة محمد بن راشد، وهدفنا الحفاظ على الأصالة والعمر التاريخي للعنصر مع تمديد عمره الافتراضي، بما يسهم في الحفاظ عليها للأجيال القادمة»، مضيفة «أن عمليات الترميم في المركز تشمل تثبيت العناصر، وغسل الأوراق، وإصلاح الأضرار، بالإضافة إلى تعزيز التماسك وإنشاء ربط قوي لضمان التعامل الآمن والتخزين الفعّال». وتابعت «نحن نسعى من خلال هذه الممارسات إلى الحفاظ على المقتنيات بشكل يعكس تاريخها ويضمن لها الاستمرارية في المستقبل، من خلال ترميمها وإيصالها إلى حالة جيدة بحيث يمكن تخزينها والتعامل معها بأمان، والحفاظ على هذه الموارد الثمينة ونقلها جيلا بعد جيل».

من جهتها، أوضحت أسماء الهاملي، مساعد فني ترميم بمركز الترميم في مكتبة محمد بن راشد، «يُعد الترميم أحد العناصر الأساسية في الحفاظ على الوثائق والمخطوطات النادرة، بعد الانتهاء من عمليات التعقيم والمعالجة الكيميائية، نبدأ بتنفيذ الترميم الجزئي أو الكلي، وذلك بناءً على حجم الضرر الذي لحق بالوثيقة أو المخطوطة». وتابعت «يشمل الترميم سد الثقوب، وإكمال الأجزاء المفقودة، إلى جانب تنفيذ بعض الإجراءات الإضافية التي تهدف إلى استعادة الحالة الأصلية للمخطوطة أو المقتنيات النادرة، وذلك باستخدام أحدث التقنيات والمعدات لضمان تنفيذ عمليات الترميم بأعلى مستوى من الجودة».

وتتنوع أساليب الترميم بين الترميم اليدوي والترميم الآلي، حيث تُعد عملية الترميم يدوية وفنية تعتمد على المهارة والدقة في تجميع الورق وتثبيته وتقويته لإعادة الوثيقة إلى حالتها الأصلية.

أحدث الأجهزة العلمية

ويضم مركز الترميم في مكتبة محمد بن راشد، تجهيزات متطورة تُعد من الأحدث في مجال ترميم الوثائق والمخطوطات والمقتنيات النادرة، حيث يحتوي على طاولات مجهزة ومجموعة من الأجهزة المتقدمة، منها طاولة الشفط، والتي تستخدم لإزالة الأتربة والشوائب من الأسطح الورقية بطريقة آمنة، مما يساعد على الحفاظ على سلامة المواد الأصلية خلال عمليات الترميم الدقيقة.

وتوفر غرفة الترطيب بالموجات فوق الصوتية، بيئة مثالية لتهيئة الأوراق الجافة واستعادة ليونتها، وذلك باستخدام عملية الترطيب البطيء والدقيق بحيث لا تؤثر على بنية الورق الهشة، بالإضافة إلى آلات اللحام التي تسهم في إعادة تجميع الأوراق والمستندات بطرق تضمن الحفاظ على هيكلها الأصلي.

كما يتضمن مركز الترميم، خزانة شفط الأبخرة، والتي تعد عنصرًا هامًا في بيئة العمل الآمنة، حيث تقوم بسحب الأبخرة والغازات الضارة التي تنشأ أثناء عمليات الترميم الكيميائي، بالإضافة إلى وجود صناديق الإضاءة لفحص الأوراق والمواد الشفافة بشكل دقيق من قبل الفنيين، للكشف عن التشققات والمشكلات التي قد تكون غير مرئية بالعين المجردة. ومن بين الأجهزة المستخدمة، آلة الترميم بالورق، والتي تعمل على دمج الورق الجديد مع الأصلي بطريقة مبتكرة، مما يضمن الحفاظ على المظهر الأصلي للمخطوطات.

ويحتوي المركز على قاعة مخصصة للتصوير مزودة بأحدث التقنيات الرقمية، حيث يتم تصوير الوثائق والمخطوطات النادرة بدقة عالية قبل وبعد عملية الترميم. وتتيح هذه الخطوة توثيق حالة القطعة بشكل مفصل، مما يساعد في متابعة تقدم عملية الترميم وضمان الحفاظ على محتواها التاريخي، إلى جانب إنشاء أرشيف رقمي للوثائق، يسهل الوصول إليها والبحث فيها دون الحاجة إلى التعامل المباشر مع النسخ الأصلية الحساسة.

أبرز القطع المُرممة

نجح مركز الترميم منذ افتتاحه في إصلاح وترميم أكثر من 500 قطعة من المقتنيات الأثرية والفنية التي تحكي قصص الشعوب والحضارات التي ازدهرت على هذه الأرض، والتي يعود بعضها إلى القرن الـ 13، وتشكل نوافذ على العصور المختلفة.

ويعد المصحف القاجاري، والمكتوب بخط النسخ، بالإضافة إلى مصحف كامل يضم 500 صفحة، ومجلة المرصاد التي صدرت في مصر- العدد 31 سنة 1949م، وجريدة الكفاح اليومية العدد 48، والتي صدرت في عام 1954، ومجلة الموظف الجزء 5 لسنة 1937، ومجلة المستمع العربي النصف شهرية مجلد 4 العدد 1- 1943، ومجلة المسارح العدد 2 لسنة 1931، وغيرها العديد.

مختبر الرقمنة

ويتكامل مختبر الرقمنة في مكتبة محمد بن راشد مع مركز الترميم، حيث يساهم المختبر في تحويل المخطوطات والوثائق النادرة إلى صيغة رقمية عالية الدقة، بالإضافة إلى توثيق حالة المخطوطة أو المقتنيات النادرة قبل وبعد الترميم، وتسهيل عملية تتبع التغيرات والحفاظ على التاريخ الأصلي لكل وثيقة، وإتاحتها للباحثين والمهتمين الوصول إلى هذه الوثائق بسهولة عبر المنصات الرقمية، دون الحاجة إلى النسخ الأصلية، مما يساهم في الحفاظ على هذه الكنوز الثقافية والتاريخية للأجيال القادمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى