الدوحة – (د ب أ):
تميزت كأس القارات للأندية لكرة القدم (كأس إنتر كونتيننتال)، التي استضافتها قطر في وقت سابق من الشهر الحالي بتجربة خالية من العوائق لجميع فئات المشجعين بمن فيهم المكفوفين وضعاف البصر.
وتمكن المكفوفون وضعاف البصر من حضور مباريات البطولة والاستمتاع بها مع وصف دقيق ومفصل من خلال خدمة التعليق الوصفي السمعي، التي تعد واحدة من جوانب الإرث المستدام في مجال الإتاحة وسهولة الوصول الذي خلفته كأس العالم 2022 بقطر.
من بين هؤلاء المشجعين، إكرامي أحمد، الذي استخدم، إلى جانب مشجعين آخرين من المكفوفين وضعاف البصر، هذه الخدمة التي وفرتها اللجنة المحلية المنظمة للبطولة في المباريات الثلاثة التي أقيمت في قطر في 11 و14 و18 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
يصف إكرامي نفسه بالشغوف بكرة القدم، وأن الإعاقة البصرية لا تشكل حاجزاً أمام استمتاعه بالساحرة المستديرة والاستمرار في دعم النادي الأهلي، الذي تربطه به علاقة متينة طوال حياته.
وأكد إكرامي أن خدمة التعليق الوصفي السمعي أحدثت تحولاً كبيراً في تجربته كمشجع كفيف وعززت استمتاعه بالأجواء الكروية، مع وصف شامل لمجريات الحدث داخل وخارج المستطيل الأخضر، بعد أن اعتاد سابقاً على حضور المباريات بصحبة أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء ليصف له ما يجري على أرض الملعب.
في هذا السياق، قال إكرامي “أحب كرة القدم، وكوني إنسان كفيف لا يؤثر على استمتاعي بحضور المباريات التي يستهويني فيها عنصر المفاجأة وعدم القدرة على التنبؤ بمن سيفوز. أحب ثقافة المشجعين والشغف بهذه اللعبة الرائعة، ومن خلال التعليق الوصفي السمعي، أصبح بإمكاني أن أختبر تجربة أكثر شمولية فيها وصف وشرح دقيق لمشهد المباراة بالكامل”.
وأضاف إكرامي، وهو أب لثلاثة أطفال يقيم في قطر منذ عام 2011 ويعمل معلماً لطريقة برايل: “من الرائع توفير منشآت رياضية حديثة مجهزة بمزايا الإتاحة وسهولة الوصول، ما يضمن للمشجعين من المكفوفين وضعاف البصر فرصة فريدة ليكونوا في قلب الحدث، كما أنها تصنع إرثاً إيجابياً يطال العديد من الجوانب، ويسهم في تعزيز إدماج وتفاعل الأشخاص ذوي الإعاقة مع مختلف فئات المجتمع”.
وتابع إكرامي حديثه خلال بيان إعلامي “نحن محظوظون لأننا نقيم في دولة تتوفر فيها مرافق رياضية متطورة وتولي أهمية كبيرة لتمكين الأشخاص من ذوي الإعاقة، كما تواصل البحث عن أفضل السبل لإدماجهم وتزويدهم بأفضل الحلول والخدمات. ولا تقتصر هذه الجهود خلال استضافة بطولات في كرة القدم، بل تشمل جميع جوانب الحياة”.
من جانبه، أكد جاسم محمد الجيدة، مدير تذاكر المشجعين من ذوي الإعاقة، في اللجنة المحلية المنظمة لكأس القارات للأندية أن توفير تجربة شمولية للمشجعين على اختلاف احتياجاتهم يشكل أولوية في اللجنة المحلية المنظمة للبطولة التي تحرص على إشراك الأشخاص من ذوي الإعاقة في تقييم رحلة المشجع خلال الأحداث الرياضية الكبرى، لتحسين تجربتهم والارتقاء بها، وذلك انطلاقاً من قناعة تامة أن كرة القدم لعبة عالمية ويحق للجمهور عامة الاستمتاع بها.
وأضاف: “نؤمن أن كرة القدم للجميع، ومن حق المشجعين الاستمتاع بالمباريات بدون أي عائق، ولهذا نحرص على توفير مزايا الإتاحة وسهولة الوصول في الاستادات وغيرها من المرافق الأخرى، كما نواصل العمل على تحسين تجربة المشجعين من ذوي الإعاقة من خلال إشراكهم في تحسين سهولة الحركة والوصول في مختلف المنشآت الرياضية.”
وتوفر خدمة التعليق الوصفي السمعي للمشجعين المكفوفين وضعاف البصر شرحاً وافياً لما يحدث في الاستاد، بما في ذلك مكان الكرة في أرض الملعب، وردود أفعال اللاعبين والتعابير التي ترتسم على وجوههم، ونقل ما يحدث في المدرجات وتفاعل المشجعين مع أحداث المباراة.
وقد تمكن المشجعون خلال البطولة من الاستماع للتعليق باللغتين العربية والإنجليزية عبر تطبيق خاص يمكن تحميله على هواتفهم الجوالة وباستخدام سماعات الرأس، ما ضمن لهم تجربة استثنائية للاستمتاع بأجواء المباريات أسوة بغيرهم من المشجعين.
وإلى جانب خدمة التعليق الوصفي السمعي، تم تزويد المشجعين من ذوي الإعاقة بعدد من المقاعد التي يمكن الوصول إليها بسهولة في ملعبي (974) و(لوسيل).
كما تم تجهيز غرفة للمساعدة الحسية في استاد لوسيل للمشجعين من ذوي صعوبات الإدراك الحسي والتوحد، ما وفر لهم بيئة هادئة مزودة بأحدث التقنيات وتحت إشراف فريق من الخبراء والمختصين.
ومنذ التحضيرات لاستضافة مونديال قطر 2022، حرصت دولة قطر على إنشاء وتطوير بنية تحتية متكاملة تتميز بالإتاحة وسهولة الوصول للأشخاص من ذوي الإعاقة، ولم يقتصر ذلك على الاستادات المونديالية والمرافق الأخرى للبطولة العالمية، بل امتد ليشمل نظام مترو حديث سهل الوصول والاستخدام من قبل كافة فئات المجتمع، إضافة إلى تجارب خالية من العوائق في المواقع الثقافية والسياحية الرئيسية في البلاد.