جوتيريش: العالم دخل عصراً من الاضطرابات المتهوّرة والمعاناة الإنسانية المتواصلة
الأمم المتحدة – (أ ب):
في ظل تعرض السلام والتقدم العالميين للحصار، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، زعماء العالم اليوم الثلاثاء إلى أن يختاروا مستقبلا تسود فيه سيادة القانون على القوة الغاشمة، وتتحد فيه الأمم بدلا من التنافس على المصالح الذاتية.
وقال الأمين العام إن مؤسسي الأمم المتحدة واجهوا نفس الأسئلة قبل 80 عاما، لكنه أخبر زعماء العالم الحاليين في افتتاح اجتماعهم السنوي في الجمعية العامة أن الاختيار بين السلام أو الحرب، القانون أو الفوضى، التعاون أو الصراع، “أكثر إلحاحا، وأكثر ترابطا، وأكثر قسوة.”
وقال في خطابه السنوي عن “حالة العالم”:”لقد دخلنا عصرا من الاضطرابات المتهورة والمعاناة الإنسانية المتواصلة”، وأضاف: “إن ركائز السلام والتقدم تنهار تحت وطأة الإفلات من العقاب، وعدم المساواة، واللامبالاة”.
لكن على الرغم من كل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الأمم المتحدة، ناشد هو ورئيسة الجمعية العامة أنالينا بيربوك أعضاءها بعدم الاستسلام. وقالت بيربوك في كلمتها الافتتاحية: “إذا توقفنا عن فعل الأشياء الصحيحة، فسوف ينتصر الشر”.
وقال جوتيريش إن الالتزام الأول للقادة هو اختيار السلام، وبدون أن يذكر أي دول بالاسم، حث جميع الأطراف -بما في ذلك الموجودين في قاعة الجمعية- على التوقف عن دعم الأطراف المتحاربة في السودان.
وفي حديثه في بداية الأسبوع المخصص للمناقشة العامة رفيعة المستوى، حيث من المتوقع أن يتحدث أكثر من 150 من القادة أمام الأمم المتحدة، سلط جوتيريش الضوء على الحروب، وانتهاكات حقوق الإنسان، والكوارث المناخية، والمجاعة التي تعصف بالعالم، بحسب وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)
وقال: “التعاون الدولي ليس سذاجة. إنه براجماتية صارمة. ففي عالم تتخطى فيه التهديدات الحدود، يعد الانعزال مجرد وهم”.
وألمحت تصريحاته إلى أيديولوجية الحكام المستبدين والقادة الذين يتبعون سياسات قومية، مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
كما سلط جوتيريش الضوء على “الفظائع” المستمرة في غزة، حيث أدت الحرب الجوية والبرية الإسرائيلية ضد حركة حماس إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، مشيرًا إلى أن الأراضي الفلسطينية تقترب من عامها “الثالث الوحشي” من الحرب.
ورغم التحديات، تعهد جوتيريش، الذي تنتهي ولايته في أواخر عام 2026، بمواصلة النضال من أجل السلام، والكرامة الإنسانية، والعدالة. وقال: “من أجل العالم الذي نعرف أنه ممكن عندما نعمل كيد واحدة. لن أستسلم أبدا”.
وفي حين أن جوتيريش لطالما أكد أن محكمة العدل الدولية وحدها هي التي يمكنها أن تحدد ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت إبادة جماعية في غزة، فقد أشار إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية بالاسم – وشدد على التدابير المؤقتة الملزمة قانونا، وأولها وقبل كل شيء حماية المدنيين الفلسطينيين، بحسب وكلة أسوشيتد برس (أ ب).
وقال جوتيريش إنه منذ صدور هذا الحكم عن محكمة العدل الدولية في يناير/كانون الثاني 2024، تكثفت عمليات القتل، وتم الإعلان عن مجاعة في أجزاء من غزة. وقال إن إجراءات المحكمة “يجب أن تنفذ – بالكامل وعلى الفور”.
وتواجه الأمم المتحدة أيضا تخفيضات مالية حيث سحبت الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى التمويل أو لم تدفع مستحقاتها بعد. وقال جوتيريش إن تخفيضات المساعدات “تحدث فوضى”، واصفا إياها بأنها “حكم بالإعدام على الكثيرين”.
وفي أحد أكثر الخطابات التي حظيت بمتابعة وثيقة في هذا التجمع، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يشعر أن الأمم المتحدة لديها “إمكانات هائلة” لكنها لا تقترب من تحقيقها.
وقال وهو يصور الأمم المتحدة على أنها مؤسسة غير فعالة، من سياساتها إلى حتى سلالمها المتحركة:”في معظم الأحيان، كل ما يبدو أنهم يفعلونه هو كتابة رسالة قوية اللهجة حقا”، ولا يتبعونها. لقد توقف أحد السلالم المتحركة بشكل غير متوقع بينما كان هو والسيدة الأولى ميلانيا ترامب يستقلانه في طريقهما إلى قاعة الجمعية.
ولطالما كان شعار الرئيس الأمريكي “أمريكا أولا” غير مناسب للالتزام الأممي باتخاذ القرارات المشتركة على نطاق عالمي. وبالعودة إلى منصة الجمعية بعد خمس سنوات من آخر مرة خاطب فيها الاجتماع عبر الفيديو خلال جائحة فيروس كورونا، روج ترامب أيضا لتحركاته في السياسة الخارجية وأخبر أقرانه أن “بلدانكم ذاهبة إلى الجحيم” بسبب “الهجرة غير المنضبطة”.
ومن جانبه أعرب الرئيس البرازيلي إيناسيو لولا دا سيلفا – الذي تحدث أولا، بموجب تقليد قديم يعود إلى أن البرازيل كانت الدولة الوحيدة التي تطوعت للبدء – عن قلقه بصوت عال من أن سلطة الأمم المتحدة آخذة في التضاؤل.
وقال: “نحن نشهد ترسيخ نظام دولي تم عرقلته من خلال تنازلات متكررة للعب القوة”.
