أمير قطر: العدوان على الدوحة يمثل اعتداء على دولة وساطة وصانعة سلام
نيويورك – (د ب أ):
أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، “أن العدوان الإسرائيلي الغادر الذي استهدف اجتماعا للوفد المفاوض لحركة حماس في مسكن أحد أعضائه بالدوحة في 9 سبتمبر/أيلول يعد انتهاكا خطيرا لسيادة دولة، وخرقا سافرا وغير مبرر للأعراف والمواثيق الدولية؛ لكن العالم بأسره صدم أيضا بسبب ملابسات هذه الفعلة الشنعاء التي صنفناها إرهاب دولة”.
وقال أمير قطر، في كلمة أمام الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين التي عقدت يوم الثلاثاء بمقر المنظمة في نيويورك، “كما تعلمون تعرضت الدوحة يوم 9 سبتمبر/أيلول إلى اعتداء غادر استهدف خلاله اجتماع للوفد المفاوض لحركة حماس في مسكن أحد أعضائه في حي سكني يضم مدارس وبعثات دبلوماسية، وقد سقط جراء هذا العدوان ستة شهداء من ضمنهم مواطن قطري يخدم في قوة الأمن الداخلي “لخويا”، وأصيب ثمانية عشر بجراح”، وفقا لوكالة الأنباء القطرية (قنا).
وأضاف أنه “خلافا لادعاء رئيس حكومة إسرائيل، لا يدخل هذا العدوان ضمن حق مزعوم في ملاحقة الإرهابيين أينما كانوا، بل هو اعتداء على دولة وساطة صانعة سلام كرست دبلوماسيتها لحل الصراعات بالطرق السلمية، وتبذل منذ عامين جهودا مضنية من أجل التوصل إلى تسوية توقف حرب الإبادة التي تشن على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وهو أيضًا محاولة لقتل سياسيين أعضاء وفد تفاوضه إسرائيل، وهم عاكفون على دراسة ورقة أمريكية للرد عليها. فكما تعلمون، تستضيف قطر، بصفتها دولة وساطة، خلال المفاوضات وفودا من حركة حماس وإسرائيل”.
وأوضح أمير قطر “أن الوساطة أنجزت فعلا بالتعاون مع الشقيقة مصر والولايات المتحدة الأمريكية تحرير 148 من الرهائن، وقد واصلنا الوساطة مع أن إسرائيل ألغت الهدنة الأخيرة من طرف واحد دون تقديم أي مبرر، يحدونا في ذلك الأمل بالتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، ودخول المساعدات الإنسانية وتحرير أسرى فلسطينيين”.
وتابع قائلا “يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال أعضائها، من الصعب التعامل مع هذه الذهنية التي لا تحترم أبسط المبادئ في التعامل بين البشر، فتوقع تصرفات أصحابها يكاد يكون مستحيلا، أليس هذا هو تعريف الحكومة المارقة؟، لا يسعى طرف لاغتيال الوفد الذي يفاوضه إلا إذا كان هدفه إفشال المفاوضات، وما المفاوضات عنده إلا مواصلة للحرب بطرق أخرى، ووسيلة لتضليل الرأي العام الإسرائيلي”.
وأشار إلى أنه “إذا كان ثمن تحرير الرهائن الإسرائيليين هو وقف الحرب، فإن حكومة إسرائيل تتخلى عن تحريرهم، فهدفها الحقيقي هو تدمير غزة، بحيث يستحيل فيها السكن والعمل والتعليم والعلاج، أي تنعدم مقومات الحياة الإنسانية، وذلك تمهيدا لتهجير سكانها، لهذا السبب يريد رئيسها مواصلة الحرب، إنه يؤمن بما يسمى أرض إسرائيل الكاملة، وهو يعتبر أن الحرب فرصة لتوسيع المستوطنات وتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، كما يخطط لعمليات ضم في الضفة الغربية، لم يعد هناك شك في أن التطهير العرقي وتغيير واقع المناطق المحتلة، بل وفرض وقائع جديدة على الإقليم هو هدف هذه الحرب”.
وشدد على “أن الاعتداء الغادر على سيادة دولة خليجية على بعد آلاف الأميال بين أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يتباهى بأنه غير وجه الشرق الأوسط في العامين الأخيرين، يقصد فعلًا أن تتدخل إسرائيل حيثما شاءت ومتى شاءت، إنه يحلم أن تصبح المنطقة العربية منطقة نفوذ إسرائيلية، وقد حذرت الدول العربية والإسلامية التي تنادت وعقدت مؤتمر قمة في الدوحة من عواقب هذا الوهم الخطير”.
ونوه أمير قطر إلى أن “إسرائيل ليست دولة ديمقراطية في محيط معاد كما يدعي قادتها، بل هي في الحقيقة معادية لمحيطها، وضالعة في بناء نظام فصل عنصري وفي حرب إبادة، ويفتخر رئيس حكومتها أمام شعبه أنه منع قيام دولة فلسطينية، ويعده أن الدولة الفلسطينية لن تقوم مستقبلا، وإنه يتباهى بمنع تحقيق السلام مع الفلسطينيين وبأنه سوف يمنع تحقيقه في المستقبل”.
وأشار إلى “أن إسرائيل محاطة بدول إما وقعت اتفاق سلام، أو ملتزمة بمبادرة السلام العربية. ولكنها لا تكتفي بالتسويات والهدن، حتى تلك القائمة على موازين قوى مختلة، بل تريد أن تفرض إرادتها على محيطها العربي. وكل من يعترض على ذلك هو في دعايتها إما إرهابي أو معاد للسامية. وهذا ما أصبح الرأي العام حتى في الدول الحليفة لإسرائيل يدركه ويرفضه. وها نحن نشهد نشوء حركة تضامن عالمية تشبه الحركة العالمية ضد نظام الفصل العنصري في القرن الماضي”.
وقال أمير قطر “لا يفوتني في هذه المناسبة أن أعرب عن تقديري للتضامن العالمي مع قطر، بما في ذلك بيان مجلس الأمن الذي أدان العدوان بإجماع أعضائه”.
وأضاف “أن دولة قطر اختارت أن تظل – كعهدها – وفيةً لنهجها بالوقوف في صف القيم والمبادئ التي يفترض أن المجتمع الدولي يقوم عليها، والإيمان بإمكانية التوفيق بينها وبين المصالح حين تكون السياسة عقلانيةً وواقعية، وعدم الخشية من رفع صوت الحق حين يخيم الصمت، والتمسك بالدبلوماسية حيث يستسهل الخصوم استخدام السلاح”.
وأوضح “لقد انخرطنا في وساطة شاقة لوقف الحرب، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين. وواجهنا حملات تضليل ضد الجهود التي نبذلها. لكن تلك الحملات لن تثنينا عن مواصلة جهودنا بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة”.