»أعلام وسير«
بقلم / أنور بن حمدان الزعابي *
مع بزوغ فجر الإتحاد الإماراتي الغالي ظهرت معادن شباب الإمارات في ذلك الزمان الذي كانت فيه الحياة العصرية في بداياتها وكانت البساطة فيه تطغى على كل شئ، و بزغت روح وأصالة الشباب من أبناء الإمارات في تحدي المستحيل وتخطي كل العقبات والصعاب التي كانت بما يشبه الجبال على الأرض.
فظهرت معادن الرجال الذين اتجهوا نحو العمل في خدمة الوطن. الكل يعمل في موقعه سواء كان في العمل الحكومي أو العمل الحر كالتجارة والزراعة.
ورغم تدني المستوى التعليمي لأغلب رجال ذلك الزمان، إلا أن بصيرتهم وفكرهم وثقافتهم الذاتية وذكائهم الفطري جعلهم يقفون على أقدام ثابتة تخطت المستحيل.
وبمساندة من الشباب المتعلمين الثقات من أبناء الأقطار العربية الشقيقة الذين تفانوا كذلك في رص اللبنات الأولى لبناء الدولة الناشئة في ذلك الزمان..
.اليوم نحن أمام ثلة كريمة من رجالات الوطن الأفذاذ منهم من توفاه الله إلى رحمته ومنهم من بقي ولا يزال نبراساً مضيئاً يشجع الأبناء والأحفاد على العلم والمثابرة والتعلم والإبداع في كل مجالات الحياة.
ولم يتأتى كل هذا إلا بفضل الله وثم بدعم رئيس الدولة بذاك الزمان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله تعالى وأخوانه حكام الإمارات المؤسسين لصرح الاتحاد.
وبالطبع فقد أبدع رجالات الرعيل الأول في خدمة الوطن والمجتمع وقدموا الكثير في مواكبة التقدم والتطور والثقافة والأدب وإظهار وإبراز المأثورات الشعبية والفلكلورية والفنية.
وكذلك برزوا في مجال التجارة والصناعة والزراعة وفي كل مقومات الحياة العصرية الجديدة.
ومن بين هؤلاء الرجال الأفذاذ المخلصين المعاصرين للبدايات الأولى للوطن،
سعادة الوجيه الشيخ راشد بن عويضة بن راشد القبيسي أحد وجهاء قبيلة القبيسات الكريمة وأحد وجهاء إمارة أبوظبي. رافق المغفور له الشيخ زايد في مسيرة الإتحاد والبدايات الصعبة في بناء الوطن ورقي المواطن،وكان أحد أعضاء المجلس الاستشاري لإمارة أبوظبي ،كما كان أحد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي ونائباً لرئيس المجلس.
وهو أحد الرجال المخلصين المؤتمنين على إيصال متطلبات المواطن إلى حكومة أبوظبي المحلية ، أو الحكومة الاتحادية.
وثم اتجه إلى العمل التجاري فكان من أهم رجالات الأعمال في أبوظبي والإمارات ،وبدعم سخي ومتواصل من المغفور له الشيخ زايد رحمه الله تعالى وطيب الله ثراه. فبرزت نشاطات بن عويضة في شتى مناحي الحياة التجارية والاقتصادية والعمرانية التي خدمت قطاع الاقتصاد الوطني واستفاد
منها الكثير من الأشقاء العرب الذين عملوا بالوظائف التي ظهرت من خلال
هذه الأعمال التجارية الرائدة لبن عويضة والتي رفدت مسيرة النهضة الوطنية.
وكان للشيخ راشد بن عويضة كذلك دروب الخير والعطاء في بناء المدارس
والمستشفيات ومراكز تحفيظ القرأن الكريم في الكثير من الدول العربية والإسلامية وهذا يعد درباً من دروب الخير والعمل الإنساني.
العمل الصحافي
اتجه الشيخ راشد بن عويضة للعمل الإعلامي والصحافي في العام 1970 بفكرة راودته وظلت تلح عليه ليلاً ونهاراً وخاصة بعد ظهور جريدة الاتحاد
في العام 1969 ، التابعة لدائرة الإعلام والسياحة في أبوظبي،
ولقربه من الشيخ زايد رحمه الله تعالى وزمالته للشيخ أحمد بن حامد رحمه الله الذي كان المسؤل الأول عن الإعلام في أبوظبي ومن ثم الإمارات كونه وزيراً للإعلام.
تاثر الشيخ راشد بن عويضة بأهمية العمل الصحافي والإعلامي الذي هو بمثابة الوعي التنويري والثقافي للوطن والمواطن فاستصدر ترخيصاً
لإنشاء دار الظفرة للطباعة والنشر والتوزيع. وأصدر من خلالها صحيفة الوحده العريقة ومدها بخيرة خبراء وشباب الإعلام العرب من مصر وفلسطين والسودان ولبنان الذين قدموا عصارة جهدهم وخبرتهم في بروز جريدة الوحدة ذات الطابع الإخباري العالمي والعربي والمحلي، إضافة للفنون والثقافة والفكر والرياضة.وجعل للجريدة ميزانية مفتوحة وبدعم سخي من حكومة أبوظبي الرشيدة.
وبجانب جريدة الوحدة أصدر مجلة الظفرة الأسبوعية الحافلة بالأخبار السياسية والتحليلات والمنوعات الفنية والتحقيقات المحلية وأصدر أيضاً مجلة هي النسائية والتي كانت تنافس مجلة زهرة الخليج الصادرة من الشقيقة صحيفة الاتحاد . واستقطب كذلك أفضل الكوادر العربية لإدارة وتحرير الصحيفة والمجلتين فكانت جريدة الوحدة تقدم الأخبار المحلية والعربية والعالمية ولها تغطيات وتحقيقات ميدانية كبيرة في الجانب المحلي ويزخر أرشيفها بأفضل وأقوى التحقيقات والمواد الصحفية المحلية والعربية والعالمية.
أرشيف جريدة الوحدة
من أغنى الأرشيفات الوطنية لما يزخر به من كنوز غالية تشكلت على مدى مسيرة البناء الوطني للإمارات فكانت مكاتب جريدة الوحدة في دبي
والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة تعمل على مدار الساعة في البحث عن المعلومة والخبر المحلي في زمن يسير لرفد الجريدة في مقرها الرئسي بأبوظبي بكل ما هو جديد ومفيد.
قهر المستحيل نحو التطور
وكان سعادة الشيخ راشد بن عويضه رئيس التحرير العام يشرف بنفسه يومياً حيث يتواجد من الساعة التاسعة مساء حتى الحادية عشرة مساء فكان بمثابة الأب والمعلم الروحي لجميع الزملاء الصحفيين فكان يمر على كل الأقسام مشجعاً ومستفسراً ومرشداً . وتكون البداية من دسك الأخبار مع رئيس التحرير المسؤول ويرافقه إلى أقسام المحليات والمنوعات الثقافية والرياضية وإلى مكاتب المجلات ويلتقي بكل الصحفيين والمحررين في لحظات أبوية
راقية عمادها الدعم والتوجيه للجميع.
وكان حضوره بمثابة الزاد المعنوي والمعين الروحي للزملاء الصحفيين في ذلك الزمان. وبعد أعوام من الصدور الناجح افتتح في جريدة الوحدة أول صفحة شعر شعبي يحررها الشاعر عبدالله الغالي المري رحمه الله. في عام1981 ،وبتعليمات من المغفور له الشيخ زايد رحمه الله.
فكانت جريدة الوحده سباقة في إبراز التراث والشعر الشعبي
حتى كانت هذه الصحيفة بمثابة منبراً شهيراً لكل شعراء الإمارات والخليج العربي أضافة إلى أن مكتب الشعر الشعبي في الجريدة صار منبراً يزوره الشعراء ويرفدون المكتب بنتاجاتهم فمنهم المستمع ومنهم الناشر ومنهم المتذوق.
حتى أن الشيخ راشد بن عويضة كان يجلب قصائد المغفور له الشيخ زايد رحمه الله لنشرها في صفحة الشعر الشعبي وخاصة مشاركاته مع الشاعر حمد بن سوقات.
ومن خلال عمل الشيخ راشد بن عويضة في الصحافة كانت له زيارات إلى كل الأقطار العربية والخليجية ناقلاً صورة البداية القوية والحديثة لدولة الإمارات وذلك بتكليف من لدن المغفور له الشيخ زايد رحمه الله وكان من خلال هذه الزيارات يلتقي بالزعماء العرب في لقاءات إعلامية بارزة نشرت في جريدة الوحده.وكانت هذه الصحيفة الكبيرة الوحدة مساندة لقضايا الأمتين العربية والإسلامية.
ونعلنها بأن جريدة الوحدة الإماراتية جريدة وطنية وإرث وطني مهم
واكب ولايزال مسيرة الاتحاد والوطن والقيادة الرشيدة ورافد حيوي من روافد الإعلام الاماراتي.
العمل السياسي
وعلى الصعيد السياسي فقد كان سعادة الشيخ راشد بن عويضة
عضواً في المجلس الإستشاري لإمارة أبوظبي وانتقل بعدها إلى المجلس الوطني الإتحادي وشغل منصب النائب الأول لرئيس المجلس لمدة خمسة وعشرين عاماً .أما في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي التي تأسست عام 1966م فإنه عضو مؤسس فيها وقد أمضى خمسة وعشرين عاماً عضواً في الغرفة، كما شغل منصب العضوية في مجالس البلديات لمدة سبعة عشر عاماً حيث كان عضواً في أول مجلس بلـدي لمدينة أبوظبي الذى تأسس فى عام 1967 ، وكذلك عضواً في مجلس بلدية العين الذي تأسس فى عام 1968 .
إن سعادة/ راشد بن عويضة القبيسى يعتبر من كبار رجال الإعلام والأعمال في دولة الإمارات والعربية المتحدة.
هذه مسيرة رجل وطني مخلص قدم للوطن خلاصة
الجهد وروح الشباب في العمل الوطني وبالإخلاص وبالحب وبالوفاء فكان
شجرة خير وعطاء..
أطال الله في عمره ومنحه الصحة والعافية.
* كاتب إماراتي – صحيفة الوحده