بقلم /أنور بن حمدان الزعابي – كاتب وشاعر إماراتي
* تفتح ذهنه مبكراً على الثقافة العربية وأستلهم أهمية الصحافة في رقي المجتمع الإماراتي
تواردت خواطرنا وأبحرت أفكارنا نحو آفاق الرعيل الأول من البناة المخلصين الذين ضحوا ووضعوا الأُسس المتينة للوطن المعطاء.
أولئك الرجال، الرجال الذين راعوا الله في أعمالهم وأخلصوا النوايا وأثبتوا بعزيمتهم أنهم الثقاة الصادقين في بناء الوطن ورقي المواطن.
شاركوا في البناء والتنمية الوطنية في كل أرجاء الوطن.
داعمهم في ذلك الزمان الجميل والصعب المغفور له الشيخ زايد رحمه الله،
رئيس الدولة وإخوانه حكام الإمارات مع أول بزوغ فجر الإتحاد الثابت والمتين.
**
* يوسف بن عمران بن أحمد بن العمران الشامسي رحمه الله تعالى.
ولد في جزيرة زعاب الحمراء ،تلك الخالدة على صفحات الزمان والمكان والتي لن تموت أبداً.
عاش الوالد يوسف بن عمران في فريج العمارين نسبه لأهله المنتمين لجدهم الكبير عمران.وكان بين تلك الفرجان والبيوت الكبيرة الطينية لقبيلة زعاب الكريمة وآثار القوم ومعيشتهم فيها.
فكان المحب والمود بكل جوارحه لأهله وأقربائه كذلك من قبيلة زعاب الكريمة.
وعمل الوالد يوسف بن عمران في مطلع شبابه بالتجارة وتنقل ما بين دبي ورأس الخيمة وتفتح ذهنه على الثقافة العربية والتي كان لها حضورها في الخليج العربي وإمارات الساحل المتصالح في الستينات.
فكان يتابع نشرات الأخبار العربية وخاصة من صوت القاهرة ويحصل على بعض المجلات العربية التي تصل إلى دبي و يقرأها حتى تبلورت لديه تأسيس مجلة عربية محلية جامعة. تتصدرها الأخبار والثقافة والفكر والمنوعات.
وفي نهاية الستينات أسس مجلة الأيام العريقة في رأس الخيمة.
ومع كل الصعوبات وشُح الإمكانيات العملية والمادية إلا أنه استطاع تجاوز هذه العقبة وطبع المجلة في دولة الكويت الشقيقة في دار إحدى كبريات الصحف الكويتية.
وبرزت مجلة الأيام
وفي عام 1968 ما قبل الإتحاد في رأس الخيمة وبعدها مع اتحاد الكرامة العريق والأصيل
الذي أرسى عماده المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، أصبحت مجلة الأيام تتغنى بمنجزات الوطن ورجاله المخلصين والمنجزين في ذلك الزمان.
ومع بداية السنوات الأولى للاتحاد انتقلت مكاتب مجلة الأيام إلى إمارة أبوظبي،وشهدت التطور لتكون أسبوعية ولها مطابعها الخاصة ومبناها الخاص، وبدعم من المغفور له الشيخ زايد رحمه الله تعالى. فكانت تعرض قضايا الوطن والمواطن وقضايا الأمة العربية وفلسطين، وأبرزت نهضة العراق الحديث في السبعينات.
الزيارات للأقطار العربية
وقد زار المرحوم الوالد يوسف بن عمران العراق في زيارة عمل إعلامية لتغطية المنجزات الحديثة في المصانع والجامعات والآثار.
وكذلك سافر إلى مصر وسطر عنها أروع المقالات الصحفية السياسية وخاصة عن ملحمة حرب أكتوبر.
وكتب عن تراث الوطن بكل الموروثات الشعبية والاجتماعية فكانت مجلة الأيام مرآة الأمة والوطن والقيادة والشعب.
وعرف الوالد يوسف بن عمران في بلاد الخليج والبلاد العربية بمجلة الأيام
فكم كان غيوراً على المجلة وكم كان حريصاً عليها فهي بالنسبة له كالأبنه المدللة رفيقته في حله و ترحاله.وله العديد من المواقف والاحاديث التي قالها
عن حبه وتطلعاته وذكرياته وأماله وعشقه لمجلته الايام
فهو يعتبرها أبنة الوطن وأبنة العرب وأبنة الخليج
وكانت أغلب الصحف والدوريات والمجلات العربية والخليجية ترسل نسخها الى ادارة تحرير مجلة الايام
وبالمقابل تصل أعداد مجلة الايام الى تلك الصحف والمجلات
وكان عموده الإفتتاحي في المجلة بتوقيعه كرئيس التحرير
غنياً بالمعاني والأفكار والقضايا سواء المحلية أو العربية أو العالمية.
وكم من المرات كان يطلب منه كذلك أن يكتب أفتتاحيات للصحف المحلية بناء على طلب من مدراء التحرير في تلك الصحف.
لتقديرهم ومحبتهم له وكان يلبي لهم طلباتهم بكل حب وتقدير
كذلك كان لمجلة الأيام حضوراً خليجياً وعربياً وخاصة في الكويت ومصر حيث كانت تطبع كطبعة ثانية في مصر وبأعداد كبيرة شجعته ليكون له كادر تحريري من مصر والسودان ولبنان ومن الكتاب المهمين والبارزين في الخليج والعالم العربي.
وكان مكتب الوالد يوسف في مبنى مجلة الأيام مفتوحاً للجميع وخاصة الكُتاب والصحفيين والإعلاميين، ويشجع المواهب الشابة من المواطنين لدخول مهنة الصحافة. وقد كان لي شرف الانضمام إلى الكادر التحريري لمجلة الأيام وشاركت بالكتابة الصحفية والتغطيات الإعلامية وقد قمت بتحرير صفحتين للشعر الشعبي.
وكان الوالد يوسف بن عمران لا يبخل بنصائحه وتوجيهاته وإرشاداته الأبوية الحانية والصحفية. ورافقته في عدة جولات صحفية إلى أقطار مجلس التعاون الخليجي.
وللوالد يوسف بن عمران حضور كبير في دول الخليج وخاصة دولة الكويت الشقيقة وتربطه علاقات مع أعضاء مجلس الأمه الكويتي الذين كانوا يحتفون به وبزياراته لهم ويلتقي مع كبار المسؤلين. وإن دل هذا إنما يدل على النظرة الكبيرة لهذه القامة الإعلامية الإماراتية والخليجية، وهذه تدل على أصالة المعدن ودماثة الخلق وحب الناس.
* أحد رواد الصحافة
وكونه أحد رواد الصحافة في الإمارات والخليج ويعد من رجالات الرعيل الأول للمجلس الوطني الإتحادي في مراحل مبكرة من قيام الدولة ويعد من رجال الأعمال البارزين في رأس الخيمة ومن الذين ساهموا في أبناء أقتصاد الإمارة. وكذلك في وضع اللبنات الأولى للصحافة في الدولة من خلال مؤسسة دار الأيام للطباعة والنشر وسبق أن عين عضواً في أول مجلس بلدي في رأس الخيمة وشغل عضوية المجلس الوطني الإتحادي في أول تشكيل له.
وشارك في جميع القمم والمؤتمرات الخليجية والعربية، تميز باللقاءات التي كان يجريها مع رؤساء الدول والحكومات العربية.وهو كما أسلفنا
من أول مؤسسي الصحافة في الإمارات ،حيث أن مجلة الأيام من أقدم المجلات في الدولة.
*الرحيل
رحل رحمه الله، في يوم الخميس 19/5/2011 أثر حادث أليم في
رأس الخيمة.وكانت ليلة حزينة مرة على كل من سمع الخبر المؤسف
وشيع بجموع غفيرة إلى مثواه الأخير في مقبرة جزيرة زعاب في رأس الخيمة
تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.