وام / أكد عدد من كبار الرؤساء والمديرين التنفيذيين وخبراء الاستدامة من الشركات الوطنية والعالمية في الدولة أهمية التعاون والعمل المشترك بين القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات المجتمعية، لتعزيز بناء ونمو الاقتصاد الدائري المستدام في الدولة وحول العالم، وتحقيق أهداف الاستدامة العالمية.
جاء ذلك، في جلسة حوارية خاصة عقدت ضمن فعاليات أسبوع الاستدامة الذي ينظم تحت مظلة إكسبو 2020 دبي، في الفترة من 15 إلى 19 يناير الحالي، بمشاركة إبراهيم الزعبي الرئيس التنفيذي للاستدامة في شركة ماجد الفطيم القابضة، وأنتونيا غيويل رئيس قطاع العمل المناخي عضو اللجنة التنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا، أدارتها رقية البلوشي مدير إدارة العلاقات الدولية في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء، بحضور عدد من المسؤولين الحكوميين في دولة الإمارات والعالم، وأعضاء اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة.
وسلطت الجلسة الضوء على جهود دولة الإمارات في تبني النهج الدائري مع العمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص لتحقيق مستقبل مستدام، وتم التطرق إلى عدد من المواضيع المرتبطة بتسريع التحول إلى الاقتصاد الدائري، وتكامل الجهود بين الجهات المعنية لتحقيق “الاستدارة في الإنتاج والاستهلاك”، وتسخير الثورة الصناعية الرابعة لدعم التحول إلى الاقتصاد الدائري، وكيف يمكن للاقتصاد الدائري أن يدعم الهدف رقم 12 من أهداف التنمية المستدامة العالمية، الذي يدعو الدول إلى “ضمان الاستهلاك والإنتاج المستدامين”.
وقال إبراهيم الزعبي: “باعتبارنا رواد الاستدامة في هذه المنطقة وبناءً على وعدنا بإعادة التفكير في كيفية استخدامنا للموارد، فإن إطلاق استراتيجية الشركة للاقتصاد الدائري يعد علامة فارقة في رحلة الاستدامة لدينا ..ونحن نطمح بحلول عام 2030 إلى أن نرسخ ممارسات الاقتصاد الدائري في جميع الشركات العاملة وفي صميم عملياتها ومشاركة هذه الممارسات مع موردينا وعملائنا ومجتمعات الأعمال والحكومة لإحداث التغيير والتأثير المنشود”.
وفي مداخلة “عن بعد”، تطرقت أنتونيا غيويل إلى التحول الذي يجب أن تشهده أساليب الإنتاج التي لم تتغير منذ 250 عامًا، حيث أصبحت العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك والاقتصاد العالمي قائمة على النمو أحادي الاتجاه، بسبب النمو المتسارع لأنشطة التصنيع الكثيف والنمو الاقتصادي والامتداد العمراني والتحضر من جهة، وفشل أساليب وطرق إدارة النفايات الفعالة، لهذا يعبر مفهوم “الاقتصاد الدائري” عن تبن غير مسبوق للتكنولوجيا في عمليات الإنتاج وإدارة المخلفات بنهج فعال ومستدام.
ووفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن يساهم الاقتصاد الدائري بما يصل إلى 4.5 تريليون دولار في الفوائد الاقتصادية في عام 2030. ومع ذلك، في حين أن 8.6 ٪ فقط من الاقتصاد العالمي يصنف بأنه دائري، لذلك فإنه سيتطلب نهجًا جماعيًا من الحكومات حول العالم من خلال التشريعات والقوانين وخريطة الطريق واضحة يتم تنفيذها بالشراكة مع القطاع الخاص وفهم الجوانب الاقتصادية والسلوكية للمستهلكين.
واستعرض المشاركون أهم مبادرات دولة الإمارات لتعزيز للاقتصاد الدائري، مثل السياسة الوطنية للاقتصاد الدائري، التي تعد إطاراً شاملاً يحدد اتجاهات دولة الإمارات في تحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، من خلال تبني أساليب وتقنيات الاستهلاك والإنتاج بما يضمن جودة حياة الأجيال الحالية والمستقبلية وتعزيز كفاءة استهلاك الموارد الطبيعية وتقليل الهدر.
وتضم السياسة الوطنية للاقتصاد الدائري عدداً من الأهداف الرئيسية تتضمن تعزيز الصحة البيئية، ودعم القطاع الخاص في تحوله إلى تبني أساليب وتقنيات الإنتاج الأنظف، والحد من الإجهاد البيئي وتلبية الاحتياجات الأساسية، وصولاً لتحقيق رؤية الإمارات بأن تكون أحد الرواد العالميين في مجال التنمية الخضراء، كما تدعو السياسة جميع الجهات والأفراد ذوي المصلحة في كافات القطاعات والصناعات للنظر إلى كيفية التفكير والتصرف بطريقة أكثر “دائرية” لدعم مسيرة الدولة في الانتقال إلى اقتصاد دائري ناجح ومستدام ومزدهر يتماشى مع توجهات ومحاور مئوية الإمارات 2071.
وتعد السياسة الوطنية للاقتصاد الدائري إطار عمل يهدف إلى تحديد أولويات دولة الإمارات في تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري في عدد من القطاعات ذات الأولوية وهي البنية التحتية الخضراء، والنقل المستدام، والتصنيع المستدام، وإنتاج واستهلاك الغذاء المستدام، إلى جانب مجالات أخرى مشتركة مثل التكنولوجيا والابتكار والبحث والتطوير، وزيادة الوعي وبناء القدرات، وإنشاء الشراكات ومنصات تعاون، والإدارة المتكاملة للنفايات ما يسهم في تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة للدولة، وتخفيف الضغط البيئي وتأمين توريد المواد الخام وزيادة القدرة التنافسية وتحفيز الابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
الجدير بالذكر، أن مجلس الإمارات للاقتصاد الدائري يضم ممثلين عن الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص، ويهدف إلى الإشراف على إعداد آلية تطبيق السياسة بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، ومتابعة تنفيذ متطلبات آلية التطبيق لتنفيذ المبادرات المحددة لكل قطاع، كما يتولى اعتماد مؤشرات الأداء الخاصة لتنفيذ السياسة ومواءمة الاستراتيجيات الاتحادية والمحلية مع متطلباتها، واقتراح الأسس العامة للخطط والمشاريع العامة والقطاعية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في المشاريع والمبادرات والبرامج ذات الصلة بالاقتصاد الدائري وتشجيع مشاريع الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص بالإضافة إلى تعزيز وتطوير الدراسات والبحوث العلمية في المجالات ذات الصلة بالاقتصاد الدائري، وتعزيز التعاون الدولي والشراكات الدولية في ما يخص تطبيق الاقتصاد الدائري على المستوى العالمي.