دبي / سمير السعدي:
أبو محمد.. أو سالم شافي المنصوري من أبو ظبي يبلغ من العمر 84 عاماً, ضيف دائم للقرية العالمية لا بد من الحضور اليها كل يوم دون انقطاع مهما كانت الأسباب رغم مرض القلب المزمن.. حتى أنه في وقت الإجراءات الاحترازية لوباء كورونا على حدود أبو ظبي وضرورة عمل فحص كورونا لكل من يدخل أبو ظبي كان يومياً يقوم بعمل الفحص حتى لا يحرم من الذهاب للقرية العالمية.. رقيقته اليومية في رحلته للقرية العالمية هي زوجته رفيقة عمره ومشوار حياة معاً تجاوز 45 عاماً, وأحيانا يحضر معهما بعض أفراد الأسرة.. ويقود أبو محمد سيارته يوميا في رحلته من أبوظبي للقرية العالمية بدبي ولكن ما يتعبه في هذه الرحلة أحيانا تفشي الحر والرطوبة ولكن هو يعتبر أن ذلك هينا في سبيل الوصول الى القرية العالمية التي من أجلها تهون كل المشاكل والعقبات.
ويقول أبو محمد أنه أحب القرية العالمية من أول موسم لها وكان يحضر اليها كل يوم من أبو ظبي, واستمرت الرحلة واستمر العشق من الموسم الأول وحتى هذا الموسم السادس والعشرون وسيستمر للمواسم القادمة طالما ما زال يتنفس, لأنه يتنفس عبير وأريج القرية العالمية التي يعتبرها متنفس حياته وبهجة روحه.. وأن ما يعجبه في القرية العالمية وجعله يعشقها هو كل ما فيها, فهي قرية فريدة من نوعها لا يوجد لها مثيل وتجمع معظم دول العالم داخلها من الشرق والغرب ومن الشمال والجنوب بطريقة توحي أنها عالم مصغر يتنقل اليه ضيوف القرية العالمية بكل سلاسة ويسر وهم داخل نطاق القرية دون أن يغادروها.. ويتساءل أبو محمد ويقول هل يوجد مكان آخر يجمع العالم داخله ويكون كنزهة المشتاق للضيوف؟.
كما يقول أبو محمد أن الضيوف يغترفون كل ما يحتاجونه من أجنحة الدول المشاركة ومن كل لون وكل صنف في سابقة عالمية لا توجد إلا في القرية العالمية التي تتسابق الدول العالمية على وجود جناح لها فيها لأنهم عرفوا قيمتها ومكانتها لهذا يتسابقون لوجودهم فيها.. ولهذا كما يقول أبو محمد تعتبر القرية العالمية فكرة فريدة لا يوجد مثلها ولا يوجد ما بها إلا فيه فقط, وأن كثير من الضيوف عشقوها مثله ويأتون إليها كل يوم.. وهو يشعر بالسعادة عندما يتجول داخل الأجنحة أحيانا متفرجا وأحيانا زبونا,, ويشعر بالبهجة أيضا عندما يرى فعاليات القرية المبهرة سواء الفنية أو التراثية أو الثقافية التي تقدمها القرية وبمشاركة الأجنحة المشاركة فيها.. يشعر بالسعادة عندما يرى الأطفال مستمتعين بما يقدم لهم وخاصة في مسرحهم الصغير,, وكم يكون فرحا وهو يرى الضيوف يفترشون المناطق الخضراء مع أسرهم وأصدقائهم يتسامرون ويتحاكون مفضلين الحضور اليها للاستمتاع بها وبجوها الرائع الجميل مفضلينها عن المتنزهات والحدائق التي لا يوجد بها فعاليات يمكن الاستمتاع بها أيضا كما في القرية العالمية.. وكم يكون سعيدا وهو يرى الضيوف يقبلون على المطاعم العالمية ويتناولون وجباتهم الشهية.
ويقول أبا محمد أن أحب الأماكن اليه في القرية العالمية هو منطقة التراث بجناح أفريقيا والتي أصبح زبونا دائما لها يجلس مستمتعا بما حوله من المهن الحرفية التراثية, ويشاهد الفنون الموسيقية الفنية الأفريقية, وأيضا وهو يرى الضيوف يدخلون ويشترون ويغادرون الجناح بكثرة, ويعجبه كثيرا المنتجات الأفريقية بكل تنوعها لأنها تمثل الكثير والكثير من منتجات دول أفريقيا والتي تتشابه في معظمه وتختلف في بغضها.. وأنه أصبح لديه أصدقاء في القرية العالمية يراهم ويقابلهم كثيرا ويجلس معهم في هذا المكان المحبب إلى قلبه يشرب معهم الشاي بأنواعه ويتناول معهم بعض الشطائر الخفيفة, ويجلس منتظرا أسرته التي أحبت هي الأخرى منطقة التراث بجناح أفريقيا وتحضر بعد إنهاء تسوفها من باقي الأجنحة للقاء أبا محمد والجلوس معه.. وأصبح جناح أفريقيا بالنسبة له جزء من طقس رحلته للقرية العالمية لليومية وجزء من الأشياء المحببة اليه داخل القرية حتى أنه إذا تواعد مع أي أحدا فلا بد أن يكون اللقاء قي جناح أفريقيا وقي منطقة التراث بالذات, لذا فهو يعتبر جناح أفريقيا مجمع الأحبة والأصدقاء ومنتدى كل محبي القرية العالمية.
إن الأيام العصيبة بالنسبة لأبا محمد هي الأيام التي تسدل فيها القرية العالمية أستارها وتغلق أبوابها ويظل منتظرا بفارغ الصبر افتتاح الموسم الجديد وهذه من أحب الأيام اليه لأنه يعتبرها أبواب الفرج وبدء المسيرة للقرية العالمية من جديد والحضور يوميا للقرية العالمية حتى لو وحيدا ولم تستطع زوجته مرافقته لظروف ما فإنه يحضر سائقا عربته من أبو ظبي للقرية العالمية بمفرده.. ويعيد الكرة من جديد ويبدأ طقس الزيارة مرة أخرى وتستمر الأيام داخل القرية العالمية ويستمر الفرح والسرور والمتعة ويستمر ذلك الى نهاية الموسم ليبدأ بعده موسم جديد.
وعن الأماكن التي يرتادها أبا محمد في الأيام التي تكون فيها القرية العالمية مغلقة الأبواب قال أن له فيها هوايتان ولكن ليستا مثل القرية العالمية ولكنهما تخففان عنه وطأة الشوق للقرية أل وهما دبي والبحر.. فهو في تلك الأيام يأني الى دبي مرتين أو ثلاث مرات أسبوعيا ويذهب الى سوق التنين الصيني لأنه يحبه والزحام الذي به يذكره بأيام القرية العالمية, ولا يذهب الى أي مكان آخر كمراكز التسوق أو غيرها لأنها لا تستهويه مثل سوق التنين, فدبي عنده مقتصرة على هذا السوق فقط لذا فهو يذهب اليه كلما حضر إلى دبي ويتسوق منه هو وزوجته أو يجلسا وقتاً طويلاً فيه يشاهدون الآتين اليه من جنسيات عديدة ولا يمل من ذلك لأنه يذكره بأيام القرية العالمية.
أما المكان الآخر الذي يأنس إليه أبا محمد هو البحر الذي يحبه أيضاً لدرجة العشق منذ عشرون عاما, فهو يركب القارب الخاص به ويطلق ماكينته وينطلق الى عرض البحر ومصطحبا معه أحد الخدم وجرجور لجمع الأسماك أثناء رحلته هذه والتي غالبا ما تكون في المساء بعد صلاة المغرب.. ويروي أبا محمد حادثا تعرض له ذات مرة بأن اختربت ماكنة القارب وتوقفت عن العمل وهو في عرض ووسط البحر الذي كان هادئا وقتها لحسن حظه, فما كان من الخادم إلا أن ترك القارب واستغل قارباً آخر لصيادين كانوا يصطادون السمك وعاد معهم إلى البر ثم أبلغ الشرطة عن أبا محمد, وحاولت الشرطة الوصول إليه فلم توفق للظلام الدامس وبعد المسافة حتى أن الشرطة استعانت بطائرة عمودية في عملية البحث.. وبحث أبا محمد عن تليفونه ليتصل منه ويستغيث ولكن لم يجده لأن الخادم أخذه معه عنما ترك القارب, واضطر أبا محمد للعوم لمدة ساعة ونصف حتى وصل الى قارب الشرطة التي كانت تبحث عنه.. ورغم ذلك لم ينقطع أبا محمد عن البحر وأستمر في ذهابه للبحر بمفرده لأن زوجته تخاف البحر.
هذه حكاية أبا محمد عاشق القرية العالمية, أبا محمد إبن بني ساس بأبو ظبي الذي لم ينقطع يوما عن القرية العالمية, أبا محمد الذي ولد في المملكة العربية السعودية وغادرها إلى أبو ظبي عام 1974 ليتزوج وليعيش فيها باعتبار أنها بلده وأن كل أسرته وعشيرته فيها.. وأبا محمد ضليع في تاريخ الخليج العربي الذي يقصه على أصدقائه وجلسائه في جناح أقريقيا.